تداخل الإنساني بالسياسي ، وهيمنت القرارات السياسية الظالمة على الوضع البشري في سوريا لتستغل بعض الدول وبكل وقاحة غضب الطبيعة لتصفية حساباتها مع بشار الأسد ونظام بشار الأسد على حساب حياة البشر.. مساعدات ضعيفة ، قليلة تكاد لا تذكر أمام هول يوم القيامة هذا ، تقابلها أياد باردة مرتجفة متجمدة تحفر الركام علها تلتقف طفلا أو بنتا أو شيخا من تحت الأنقاض كتبت لهم حياة جديدة بعد أن شاءت الطبيعة أن يهز الزلزال شرق المتوسط ويضرب وشمال سوريا كما ضرب جنوبتركيا.. فرق الإنقاذ والمساعدات اتجهت إلى تركيا ، بعضها إنساني وأغلبها سياسي ، وفي المقابل غابت هذه المساعدات على سوريا الشقيقة وعلى ضحايا أبنائها الذين فهموا الآن وأكثر من أي وقت مضى زيف الحقوق الإنسانية الكونية ، وقدرة السياسي الظالم على تقويض كل الكلام المثقوب والمعاهدات الدولية الكاذبة.. عالم يتشدق بالإنساني والكوني ويتحدث عن قرية واحدة يسقط اليوم على أرض شمال سوريا ليكشف أن قسوة الإنسان أفظع من قسوة الطبيعة ، وقسوة السياسي أقوى من قسوة الزلازل والبراكين والأعاصير والهزات الأرضية.. أقوياء العالم يرقصون على إيقاعات الزلزال والارتدادات على رجل واحدة ، يظنون أن الطبيعة تساندهم وخادمة مطيعة لهم لمزيد الحصار على سوريا في هذا اليوم الذي زلزلت الأرض زلزالها ، فكشفت "الإنسانية " من جديد عن زيفها ووسخ أدرانها.. زلزلت الأرض زلزالها ، وأخرجت فعلا أثقالها وأطلت بظلم " قادة العالم " من بين النوافذ المهشمة والأبواب المكسورة والبناءات المهدمة والأخرى المائلة وأطنان الركام والخرسانات الحديدية الصلبة التي سقطت على رؤوس الأبرياء وعظام أبنائهم الغضة الطرية .. حكام يتشدقون ليلا نهارا بالديمقراطية والحقوق الإنسانية الكونية ، يحجمون اليوم على مساعدة ضحايا سوريا ، وفي المقابل يحرصون على مساعدة ضحايا تركيا وهم الذين يقتلون بالسلاح على أرض المعارك أكثر من ضحايا البلدين المنكوبين .. إلى أرض المعارك بأوكرانيا يرسلون الدبابات والراجمات والصواريخ والطائرات المقاتلة لمزيد تأجيج الحرب ومزيد عدد الضحايا ..ويحجمون لإرسال بعض المساعدات والأغطية والتجهيزات للحد من ضحايا الزلزال المدمر في سوريا بتعلة أنهم يقاطعون نظام بشار الأسد الديكتاتور كما يقولون .. عالم اليوم ينتشي برائحة الموت في سوريا العربية بعد أن أعد خلطة سياسية عجيبة غريبة يقحم فيها المواطن البريء بسياسات بشار ، ويحاسب فيها الثكلى على مواقف الأسد ..فهل من ظلم أكثر من هذا الظلم ؟ أختم فأقول لأنه ليس لدي فعلا ما أقول أمام هذا الظلم البشري الأكثر قساوة من الطبيعة " ما نحتاج إليه، كما كتب محمد أركون، هو "الفلسفة الإنسانية، الأنسنة التي تعود جذورها إلى العرب مع أبي حيان التوحيدي وابن مسكويه في القرن الرابع الهجري ..الأنسنة التي سقطت اليوم في القرن ال21 تحت أنقاض السياسة الفاسدة وركامها الظالم ..فهل يستوعب حكام العرب الدرس ليعيدوا كل حساباتهم وعلاقاتهم فيما بينهم وبين شعوبهم تحت أراضي دولهم التي تحركها خيارات عالم ظالم ؟.. راشد شعور