في إطار الاستعداد لتنظيم الدورة السابعة والثلاثين لأيام المؤسسة، أطلق المعهد العربي لرؤساء المؤسسات بالشراكة مع مؤسسة "فريدريش نومان" دعوة للباحثين للمساهمة في الدورة بورقة عمل تتعلق بموضوع "جدلية العلاقة بين المؤسسة والقطاع الموازي". وتأتي هذه الدعوة في سياق توسعت فيه ظاهرة القطاع الموازي بشكل لافت لا سيما خلال العشرية الفارطة اذ تبين اخر معطيات البنك الدولي أن حوالي 1.6 مليون تونسي يشتغلون في القطاع الاقتصادي غير المهيكل. وبين المعهد في مذكرة أصدرها، في هذا الخصوص، أن هذا الموضوع قد حظي لا سيما في الأعوام الأخيرة بمناقشات عديدة، حيث طرحت جهات فاعلة مختلفة أرقامًا ومفاهيم عديدة في سياق مقاربات لتشخيص ظاهرة الاقتصاد الخفي والتهريب والوضعيات المماثلة التي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على سير عمل المؤسسة وآفاق أنشطتها وديمومتها. ويؤكد المعهد، في نفس الاتجاه، أن ظاهرة الأنشطة الاقتصادية الموازية لا يمكن فهمها او حل الإشكاليات المتعلقة بها الا في سياق منظور شامل. في جانب اخر، تم التشديد على أنه لا يمكن التطرق الى تشخيص ظواهر الاقتصاد غير المهيكل، بشكل عام، دون الخوض في الجانب المؤسساتي وموقف أصحاب القرار منه علاوة على بحث مسائل أخرى دقيقة تهم أساسا تأثيرات البيروقراطية والاقتصاد الريعي ومراكز النفوذ وأوضاع تنظيم السوق وهي مواضيع يتم نقاشها على نطاق واسع خصوصا بالنسبة للقطاعات المنتجة في ظل اقتراح العديد من الحلول أو حتى البدء في تجسيمها دون الحصول على النتائج المطلوبة، وذلك على حد تقدير المعهد. كما أنّ عدم تنظيم الأسواق واشكالات المنافسة وعدم ضبط مسالك التوزيع الرسمية وغير الرسمية لا يمكن أن يؤدي إلا إلى دفع عدد أكبر من الفاعلين الاقتصاديين الرسميين وغير الرسميين نحو القطاع غير المهيكل. ويحدد المعهد العربي لرؤساء المؤسسات مقاربة تشخيص ظاهرة الاقتصاد غير الهيكل، من خلال التدقيق في ثلاثة محاور رئيسية تتكامل وتتفاعل مع بعضها البعض ووهي بالتحديد التهريب الذي يمثل ممارسة غير قانونية ويؤدي الى نقص إيرادات الدولة من الجباية، أما المحوران الآخران للأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة فهما الاقتصاد المعروف اصطلاحا ب "الرمادي" القائم على ممارسات البيع دون فواتير فضلا عن اقتصاد الشارع الذي يمثل الشكل الأكثر وضوحا لترويج منتجات القطاع الموازي. يذكر ان التقرير الأخير الذي أعده البنك العالمي حول "مشهد التشغيل في تونس" كان قد كشف أن 43.9 بالمائة من اليد العاملة في تونس التي تنشط في القطاع الخاص والمقدرة بحوالي 2.8 مليون شخص تشتغل في القطاع الموازي، وذلك استنادا الى احصائيات 2019. واعتبر التقرير أن أكثر من نصف السكان النشيطين ليس لديهم موطن شغل، إذ أن نسبة 47 بالمائة، فقط من السكان النشيطين الذين تتجاوز اعمارهم 15 سنة والمقدرة ب 8.7 مليون نسمة، ينشطون في سوق الشغل في حين أن البقية أي 53 بالمائة لا يشتغلون وليسوا في وضع البحث عن شغل. كما ذكر البنك العالمي في تقريره أن نسبة المشاركة في سوق الشغل في تونس تبقى مرتفعة مقارنة بمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا والتي تقدر ب 43.2 بالمائة في سنة 2017 وذلك دون اعتبار البلدان ذات الدخل المرتفع، لكنها تعد ضعيفة مقارنة بالبلدان ذات الدخل المتوسط في العالم. الأخبار