في حرب الابادة الجماعية المستمرة في غزة منذ قرابة السنتين لم تسقط «إسرائيل» فقط، بل سقط معها الغرب المنافق... فهل ما زالت تنطلي بعدما جرى ويجري أكذوبة أن «اسرائيل» زهرة نبتت في رمال الشرق الأوسط وان جيشها هو الجيش الأكثر تمسكا بالقيم الأخلاقية؟ وهل ما يزال هناك من يصدق أكذوبة انحياز الغرب للقيم الكونية من حقوق انسان وديمقراطية وحرية تعبير وفي القلب منها حرية الصحافة. فمنذ قرابة السنتين وآلة الحرب الصهيونية تمارس القتل الجماعي والتدمير الممنهج لكل مناحي الحياة في قطاع يضم أكثر من مليوني بشر. ومنذ أكثر من سنتين وهذا الكيان المتوحش يمعن في ممارسة الابادة الجماعية دون كلل أو ملل. ومنذ قرابة السنتين وهذا الغرب المنافق وحكوماته المتواطئة يواصلون دعم هذا الكيان الشرس بالمال والسلاح ويوفرون له الغطاء السياسي اللازم ليواصل حرب الابادة التي يشنها على شعب أعزل إلا من ايمانه بعدالة قضيته وبحقه المشروع في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف كما تنص عليه كل المواثيق وفي طليعتها قرارات الشرعية الدولية. ولقد مضت عقود طويلة والشعب الفلسطيني يصرخ ويؤكد للعالم أنه يقع تحت احتلال عنصري يهدف إلى اقتلاعه من أرضه وزرع غرباء استقدموا من كل أصقاع الدنيا مكانه.. وعبثا حاول الفلسطينيون ومعهم كل الخيّرين في العالم بما فيه نشطاء ومثقفون وسياسيون وإعلاميون ومفكرون من الغرب ذاته انزال القناع وكشف الوجه الحقيقي لهذا الكيان المفترس الذي يمضي منذ أزيد من 70 سنة في إبادة البشر وفي تهويد الأرض وفي السعي الدؤوب لتهجير الفلسطينيين والقذف بهم خارج أرضهم لينشئ «اسرائيل الكبرى».. فقد كانت الالة الاعلامية الغربية واقعة بالكامل تحت سطوة وسيطرة اللوبيات الصهيونية المتحكمة في دوائر المال والاعلام في كل الدول الغربية والمتحكمة بالتالي في دوائر الحكم والسلطة ومحيطها.. ونتيجة لسيطرة اللوبيات الصهيونية وتحكمها بالكامل في رقاب الحكومات الغربية والاعلام الغربي واقتصاديات الغرب عموما فإن هذه الحكومات ظلت وفية لدورها كأبواق تردد أكاذيب الكيان الصهيوني ولوظيفتها كداعم بالمال وبالسلاح وبالغطاء السياسي لهذا الكيان الذي قام وبستمر بالمجازر وبالتقيل والترهيب. لكن وخلال العدوان على غزة انقلبت الصورة ونجح الكيان الصهيوني في انجاز ما عجز عنه حتى الآن الفلسطينيون وكل الخيّرين وأنصار الحرية في العالم وهو تعرية الوجه الحقيقي لهذا الكيان العنصري الحاقد والمتوحش.. فقد كشف العدوان على غزة حقيقة هذا الكيان كماكينة للقتل والتدمير والابادة.. وكآلة لقتل كل ما هو جميل وخيّر ومضيء.. وككيان مارق متمرد على الشرعية الدولية وعلى القانون الدولي وعلى كل الأعراف والنواميس التي توافق عليها المجتمع الدولي والتي تحكم العلاقات الانسانية عموما. آخر فصول هذا السقوط المدوي للكيان الصهيوني ومن ورائه هذا الغرب المنافق تمثل في الاستهداف الممنهج للاعلاميين وفي تعمد آلة القنص والقتل بالجيش الصهيوني تصفية الصحفيين بشكل جماعي مثلما حدث أول أمس حين تم قتل 5 صحفيين دفعة واحدة.. وذلك وفق تمش واضح وصريح يهدف إلى طمس أي صوت وتدمير أية كاميرا يمكن أن توثق جريمة العصر ويمكن أن تشكل دليل إدانة لهذا الكيان الحاقد ولجريمة الابادة الجماعية التي يرتكبها بلا رادع ودون خوف أو توجس من أية ملاحقة أو محاسبة.. كما لو كان هذا الكيان فوق القانون الدولي وفوق القيم الكونية وكما لو كان محصنا من أية ملاحقة أو مساءلة. إن هذا السلوك المشين لهذا الكيان المتوحش يطرح الكثير من الأسئلة أهمها: هل كان هذا الكيان سيتجرأ على ارتكاب هذه المجازر الفظيعة لولا الدعم الأمريكي والغربي الذي يمدّه بأسباب التمادي في الجريمة ويحصّنه من أية ملاحقة أو محاسبة؟ هل تملك هذه الحكومات الغربية المنافقة بعد كل هذه الجرائم والفظاعات الصهيونية «مشروعية» لتتحدث عن حقوق الانسان وعن حرية الصحافة والتعبير؟ وهل بقي لها رصيد لكي تعطي الدروس مستقبلا لدول العالم الثالث وتتمادى في سردياتها حول الحريات وحقوق الانسان التي اكتشف الجميع أنها وسائل وأدوات لاختراق سيادة الدول والتدخل في شؤونها الداخلية؟ متى تصغي هذه الحكومات الغربية المنافقة لأصوات شعوبها الهادرة والمنددة بجرائم الكيان الصهيوني والمطالبة بالحرية لفلسطين؟ انها أسئلة تبقى مطروحة على ضمائر حكام هذا الغرب المنافق ان كان لهم ضمير! فإسرائيل بفظاعاتها في غزة لا تقتل الفلسطينيين فقط، بل تقتل معهم كل قيم الغرب وهو ما ينذر بسقوط الكيان ومعه هذا الغرب الخاضع للهصيونية.. ولو بعد حين! عبد الحميد الرياحي