الفنان لطفي بوشناق لم يتمالك نفسه في «سهرة العود» التي نظمتها دار الثقافة المغاربية ابن خلدون مساء أمس الاول... «توسّلوه» للغناء، فلم يقدر على جمح صوته الذي انفلت شدوا وطربا الى حدود الساعة تقريبا... وكان بوشناق في الواقع، ضيفا على السهرة التي ضمت عددا من أصدقائه يتقدمهم أستاذه ومعلمه الفنان الكبير علي السريتي، والاستاذ محمد الماجري والاستاذ كمال الفرجاني، والاستاذ محمد زين العابدين، والفنان أحمد القلعي... وتكفي هذه الاسماء في الحقيقة، إذا لمست أنامل أي منهم أوتار العود، «لتنطّق» كما يقال الرضيع في المهد!... الفن الراقي مازال حيا! ولأول مرة تقريبا يجتمع هؤلاء العمالقة في العزف على آلة العود، ببادرة من دار ثقافة (دار الثقافة المغاربية ابن خلدون) استطاعت رغم تواضع امكانياتها أن تجمع مثل هذه النخبة من الفنانين الكبار... وقد كشفوا بدورهم (الفنانين) ان الفن الراقي مازال يحظى بإقبال جماهيري كبير، إذ لم تتسع الدار لاحتواء الاعداد الغفيرة من الناس التي توافدت على السهرة الى درجة ان عددا منهم ظل واقفا الى غاية منتصف الليل، موعد انتهاء السهرة... اعتذار للاقصى وكان من أمتع الفقرات بعد محاضرة الاستاذ محمد زين العابدين الذي وصف الموسيقى في مفهومها الصحيح بالنهي عن السائد والرديء، معزوفات الاستاذ كمال الفرجاني ودعوة الفنان لطفي بوشناق الى الغناء الى جانبي محمد الماجري وعلي السريتي... وبقدر ما أبدع كمال الفرجاني في استحضار قطعة نادرة من الخمسينات، نجح الفنان محمد الماجري في إغراء المطرب لطفي بوشناق الذي امتنع في الاول عن الغناء... ولكن «بتوسّل» بسيط منه و»غمزة» من الفنان الكبير علي السريتي، نجم السهرة ومكرّمها، «نطق» بوشناق: «اعتذار للاقصى» كلمات الشاعر حيدر محمود وألحان بوشناق. وفي الوقت الذي كان فيه الجمهور ينتظر انتهاء الاغنية، أبى بوشناق أن يغادر موقعه الى جانب العازف محمد الماجري، مقترحا مواصلة الغناء مع معلمه الذي علمه الغناء والعزف علي السريتي... ومباشرة بعد فقرة الفنان أحمد القلعي، أطلق بوشناق العنان لصوته مستحضرا مع معلمه: أيام وأغاني ومعزوفات أيام زمان لما كان تلميذا... هكذا كانت «سهرة العود» التي ربما عجزت عن تنظيمها أكبر المهرجانات...