في حين يسعى ثوار الجبل الغربي وطرابلس الى حفظ النظام في المدن المحرّرة يقاتل ثوار الشرق بكل بسالة من أجل تحرير مدن سرت وبن الوليد وسبها التي بات من المؤكد أن قبائل هذه الأقاليم هي الآن في قبضة كتائب القذافي. مائتان وسبعون كيلومترا تفصل مدينة ذهيبة عن الزنتان التي أصبحت رمزا للصمود والشجاعة والكرامة. على طول الطريق تعترضك مدنا وبلدات عاد إليها سكانها فدبّت الحياة فيها من جديد على صعوبة الظرف وقلّة الامكانات لكن كبرياء أهالينا في ليبيا أعظم من أن تؤثّر فيها قساوة المرحلة. وكما حصل تماما في تونس ومصر فإن شعبنا في ليبيا يتحمّل الآن مسؤولياته كاملة في حفظ النظام والأمن وحماية المواطنين وممتلكاتهم فتشكّلت لجان من الثوار والأعيان وشيوخ القبائل تسعى جاهدة الى إعادة إعمار المدن المحرّرة بداية من وازن الواقعة على بعد 5 كيلومترات عن بوابة ذهيبة الى نالوت وكباو وجادو والرجبان والزنتان وصولا الى بلدات بدر وتكوت والغزاية وتيجي. الى ذلك تبقى رغبة شباب الثورة الليبية جامحة في ردّ الاعتبار الى قيمة المواطنة وتحفيز المواطنين على حماية أحيائهم وقراهم ومدنهم فانطلقت حملات النظافة وترميم المدارس والمعاهد استعدادا للموسم الدراسي الذي سينطلق حسب ما أكده رؤساء المجالس الانتقالية بالجبل الغربي يوم 15 سبتمبر وإن كان هناك من الليبيين من فضّل البقاء في تونس فإن 90٪ من الوافدين على بلادنا غادروا تجاه بلدانهم لذلك شهدت كافة المدن عمليات ترميم للمنازل والمنشآت الهامة التي تضرّرت جرّاء قصف كتائب القذافي طوال أكثر من ثمانية أشهر من الحرب. والحقيقة أنه يبدو جليّا الآن أن شباب الثورة الليبية بقيادة المجالس الانتقالية تتقاسم الأدوار ففي حين يسعى ثوار الجبل الغربي وطرابلس الى حماية مناطقهم وإعادة النظام إليها وإعانة الناس على قضاء حوائجهم مازالت مجموعات كبيرة من ثوار الشرق القادمين من بنغازي والبيضاء وجدابيا وراس لانوف ومصراتة وزليطن تواصل القتال على ثلاث جبهات للقضاء نهائيا على فلول كتائب القذافي التي لا تزال ناشطة جدا في كل من سرت وبن الوليد وسبها وهو ما يشكّل خطرا على الثورة. هذا الوضع دفع بالرجل الثاني في ليبيا محمود جبريل الموجود الآن في طرابلس العاصمة الى دعوة الليبيين الى مواصلة المعركة والتي أسماها بمعركة الحرية والكرامة ضد الطغاة والمجرمين والقتلة. وأكد محمود جبريل الذي يتميّز بوضوح للرّؤيا وتحاليل استباقية تأكدت جميعها على أرض الواقع سواء سياسيا أو عسكريا على أهمية مواصلة القتال في الأقاليم غير المحرّرة مع ضرورة حماية المدن المحرّرة وإعادة إعمارها. ورغم المهل العديدة التي منحها الثوار وأعضاء المجلس الانتقالي الى ما تبقى من كتائب القذافي في أقاليم سرت وبن الوليد وسبها من أجل رمي السلاح والالتحاق بالثورة فإن مواجهات عنيفة حصلت ما بين ليلتي الجمعة والسبت في المدخل الجنوبي لمدينة سرت أوقع عشرات القتلى والجرحى وهو ما يؤكد أن كتائب القذافي مازالت ناشطة في تلك الأقاليم وترفض القبول بالأمر الواقع وهو أن نظام العقيد معمر القذافي انتهى وأن الشعب الليبي نجح في إنجاز ثورته وإعادة الكرامة والحرية الى كافة شرائحه. وأصبح مؤكدا أن أغلبية قبائل سرت وبن الوليد والعجيلات وسبها هي الآن في قبضة الكتائب التي تحاول منعها من مواصلة المفاوضات مع الثوار والمجلس الانتقالي بعد أن أبدت تلك القبائل رغبتها في الالتحاق بخيار الشعب الليبي والمتمثل في القطع مع نظام العقيد معمر القذافي. العقيد معمر القذافي التي تقول بعض الأخبار إن تلك القبائل لها علم بمكان وجوده وسوف تسلّمه الى المجلس الانتقالي في حال نجح الثوار في تحريرهم من كتائب القذافي.