تساءل متابعو المنتخب في تونس بمن في ذلك الأحباء والفنيون واللاعلاميون عن سرّ «الانتفاضة» التي قام بها في أول ظهور له في الغابون. أكثر المتفائلين كان يمني النفس أن يتجنب المنتخب الهزيمة أمام المغرب لأنه ليس هناك من ينكر أن أسود الأطلسي يفوقوننا من حيث الامكانات ولكن «نسور قرطاج» كذبوا الأحكام المسبقة وقلبوا الطاولة على الأسود. سرّ واحد شخصيا لم أجد من تفسير واكتفيت بالقول أن الروح التي لعب بها المنتخب هي التي كانت وراء هذا التألق، إذ قلّ وندر أن نرى مهاجما يستميت في الدفاع مثلما فعل الشرميطي في نهاية اللقاء أو كذلك العلاقي على امتداد الفترة التي لعبها وينطبق نفس الأمر على الذوادي والشيخاوي وصابر خليفة الذين كادوا يتركون «جلدهم» على عشب الملعب. وكان لا بدّ من تفسير لما شاهدناه وعشناه وما قام به الشرميطي وهو الذي كان احتياطيا وكان من المفروض أن ينزل الميدان بشيء من التكاسل احتجاجا على عدم التعويل عليه كأساسي يختزل كل الاجابات. سحر سامي الطرابلسي شخصيا لا يمكن أن أصدق أن سامي الطرابلسي من عمالقة المدربين. كما أصبحوا يصنفونه بعد لقاء المغرب وشخصيا مازلت أعتقد أن هذا المدرب مازال في بداية الطريق. ولكني في المقابل تأكدت أن في الأمر سرّا، إذ لا يعقل أن يحقق ابن تونس كل هذه النجاحات (كأس «الشان») والتأهل للنهائيات الافريقية والفوز على المغرب صدفة ولذلك حاولت الاتصال بكل من يعرفه وخاصة ببعض اللاعبين الذين تدربوا على يديه ورغم أن بعضهم تمّ اقصاؤه من القائمة النهائية للمنتخب فقد أشادوا بالطرابلسي الانسان. هل هو تعويض عن غياب الكفاءة الفنية؟ أحد اللاعبين أشار مؤكدا أنه يعرف المنتخب جيدا ويعرف الأجواء وكان متأكدا أن الروح التي سيلعب بها المنتخب لا تقهر وأضاف «الحقيقة أن سامي الطرابلسي ليس ذلك المدرب العبقري تكتيكيا وإنما هو مدرب قادر على كسب ودّ اللاعبين وتعلقهم به وحبهم له يصبحون يلعبون من أجله وبكل روح قتالية». لماذا؟ هذا هو السؤال... لماذا يلعب اللاعبون من أجل المدرب؟ ولماذا لا يتمرد النجوم على مدرب معين حتى لو وضعهم على بنك البدلاء (مثل الدراجي) ويتمرد أشباه اللاعبين على مدرب آخر؟ الاجابة عن هذا السؤال تقودنا الى سرّ نجاح المنتخب والحقيقة أن سامي الطرابلسي لم يبتكر هذه الطريقة وليس المدرب الوحيد الذي يسعى الى كسب ودّ اللاعبين أولا وقبل كل شيء وكلنا يتذكر كيف فاز عبد الحق بن شيخة بالبطولة المحلية مع الافريقي وحوّل اللاعبين الى محاربين وقال بصريح العبارة «بعد نهاية الحرب سنحصي عدد القتلى» وهو نفس الشعار الذي يرفعه الطرابلسي هذه الأيام ولو ضمنيا لأن اللعب بتلك الروح القتالية، وذلك الاندفاع سيخلف الكثير من الاصابات وقد لاحظنا الاصابات المتفاوتة التي تعرض لها خاصة صابر خليفة وزهير الذوادي. روح الأبطال لأن كرة القدم وأي رياضة أخرى ليست «تكتيك» ومهارات فقط بل هي بالدرجة الأولى روح انتصارية فإن ما كشف عنه المنتخب يوحي أن النسور بامكانهم الذهاب بعيدا في «الكان» الحالي.