على عكس ما عشناه طيلة خمسين سنة فإن «حزب رئيس الجمهورية» لا يحظى بمكانة مميزة على الساحة السياسية بل يعتبر مثل بقية الأحزاب المتواجدة على الساحة من حيث التجاذبات والصراعات الداخليّة والاتهامات وفي ذلك أكثر من معنى. بعد النجاح الذي حققه المؤتمر من أجل الجمهورية خلال انتخابات المجلس التأسيسي وحصده لنتائج فاجأت عديد الملاحظين دخل الحزب في دوامة من المشاكل انطلقت بالخلاف الذي رافق عملية تعويض رئيسه ومؤسسه السيد المنصف المرزوقي الذي انتخبه المجلس التأسيسي رئيسا للجمهورية ثم امتد هذا الخلاف على ما يبدو عند تعيين وزراء الحكومة من المؤتمر والمتتبع لنشاط الحزب يلاحظ وجود شقين شق الترويكا والشق المعارض لها والذي يقوده السيد عبدالرؤوف العيادي. تدخل الرئيس الصعوبات التي يمر بها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية استوجبت في أكثر من مرة تدخل مؤسس الحزب ورئيس الجمهورية الحالي سواء لفض النزاع حول الأمانة العامة بالنيابة التي يضطلع بها حاليا السيد عبد الرؤوف العيادي أو عند اختيار وزراء حكومة الجبالي كما دعا المرزوقي كل الأعضاء إلى الالتزام بمبادئ الحزب وبنظامه الداخلي وعدم الادلاء بأي تصريحات تتعلق بمواقف الحزب دون إذن المكتب السياسي وذلك من أجل التهدئة حتى يواصل الحزب دعم مكانته في المشهد السياسي الوطني واستعدادا للمواعيد الانتخابية المقبلة التي تبدو أكثر صعوبة وتتطلب الكثير من الدهاء السياسي لتخير الموقع المناسب للحزب من ذلك دعوة كل الوزراء المنتمين إلى الحزب إلى التحول أيام العطل إلى الجهات والاتصال بالقواعد والاستماع الى مشاغلهم وتحديد الملامح المستقبلية للحزب. العيادي والبقية في البداية لا بد من التاكيد على تجاوز المؤتمر للمرحلة الصعبة التي مر بها وعودته للنشاط المكثف في الجهات رغم إشارة أكثر من طرف إلى تواصل الانقسامات بين شق عبد الرؤوف العيادي وبعض شباب الحزب وشق الترويكا الذي يبدو أنه يجد مساندة من أغلب قواعد الحزب في الجهات وهو ما تم التأكيد عليه في الإجتماع الأخير الذي عقد في صفاقس مع الإ شارة الى تواصل هذه اللقاءات للنظر في إعادة هيكلة الحزب وإعادة صياغة توجهاته والخط السياسي الذي تتطلبه مرحلة المشاركة الفعلية في الحكم كما ينظر الحزب في توحيد التسميات على المستوى الجهوي فالبعض يسمي المكتب الجهوي والآخر يسمي جامعة وتجدر الإشارة إلى أن بعض مناضلي الحزب يطالبون بتشريكهم بصفة فعلية في اتخاذالقرارات خاصة أن العديد منهم من النقابيين المتعودين على العمل الديمقراطي الفعلي الذي ينبع من القاعدة إلى القمة عكس ما تعيشه أغلب الأحزاب التونسية حاليا. المؤتمر في جوان تشير بعض المعطيات إلى أن المؤتمر المقبل للحزب سيعقد في جوان 2012 للنظر في مجمل القضايا سواء على مستوى التسيير أو الهياكل وضرورة الالتزام بالمواقف التي يتخذها الحزب بصفة جماعية بعيدا عن المصالح الشخصية كالتي برزت في الفترة الماضية كما ان المؤتمر القادم قد تؤثر فيه نجاحات أو اخفاقات الحكومة الحالية وخاصة وزراء المؤتمر إضافة الى رئاسة الجمهورية.