بقدر ما كانت فرحة الصغار والفلاحين لتهاطل الثلوج في ولاية سليانة كبيرة بقدر ما كشفت عن عمق مأساة سكان الجهة وخاصة القاطنين في مناطق نائية والذين يعيشون الفقر المدقع. وقد غطت الثلوج كامل المرتفعات بجبال ولاية سليانة منذ الأحد الفارط ولاتزال تهطل الى حدّ كتابة هذه الأسطر وقد وشحت الأشجار ببياض لم نعهده منذ سنوات. وقد كانت الفرحة لا توصف بالنسبة للأطفال الصغار الذين ابتهجوا لانتشار البياض في كل من معتمديات الولاية مثل مكثر وبرقو وقعفور وبوعرادة وسليانةالمدينة وكسرى والروحية. وكان ابتهاج الفلاحين الذين استبشروا خيرا بالثلوج المتساقطة والتي تعود بالفائدة على أديم الأرض. وبالاضافة الى المرتفعات المتراكمة بالثلوج كانت للسهول نصيب فتمازج اللونان الأخضر والأبيض ليزيد من بهاء وروعة المكان ورغم برودة الطقس فقد تزودت عائلات بآلات تصوير لالتقاط صور تذكارية لأن الثلوج لا تنزل إلا نادرا باستثناء مرتفعات الولاية كمكثر والروحية وكسرى. نزول الثلوج كشف عن عمق مآسي يعيشها سكان الولاية فلاحت لنا عيوب البنيّة التحتية وهشاشتها حتى أن الطرقات التي عبدت منذ سنتين أو أقل كشفت عن تلاعب المعنيين بالأمر من مهندسين وإطارات فرع وزارة التجهيز مع المقاولين لنستخلص أن عملية رزق «البيليك» هي المعتمدة في ولاية سليانة وقد عبر البعض عن ضرورة كشف هذه الألاعيب ومحاسبة الفاسدين والمتورطين في نهب أموال الشعب. عيوب البنية التحتية التي كشفها نزول الثلج ليست الوحيدة لنكتشف جوانب أخرى من المآسي لعل أهمها العائلات المعوزة والفقيرة، فالبعض قضى نحبه فجر الأحد لشدّة البرودة وقلّة الأغطية وعدم توفر المصاريف لمواجهة موجة البرد القارس. جيوب خاوية وبطون كذلك لعائلات عديدة ومناطق كثيرة تتطلب حلولا آنية عكس ما ذهب إليه بعض ممثلي المجلس التأسيسي لما ذكروا أن الولاية لا تحتاج الى حلول آنية وهو ما يترك نقاط استفهام عديدة ليكون سقوط الثلوج صفعة لهم أو سببا في ايقاظهم من سباتهم حتى يطالبوا الحكومة بضرورة التعجيل لحلول اجتماعية واقتصادية آنية. الثلوج أغلقت الطرقات واستعان سكان الجبال بالبغال والحمير قصد المرور بحثا عن حطب جاف أو شراء مواد غذائية... كذلك تعطلت الدروس في أكثر من منطقة وخاصة الأرياف. فالمرور مستحيل والأولياء يخافون على أبنائهم من شدّة برودة الطقس التي قد تتسبب في وفاتهم باعتبار عدم توفر اللباس الوفير. السلطات والجمعيات على الخط أمام هذا الوضع المزري لأكثر من منطقة علمنا أن السلطات المحلية والجهوية وبعض الجمعيات الخيرية تحركت بالسرعة القصوى لمد يدّ العون للعائلات المعوزة من أغطية وألبسة ومواد غذائية كما تحرك فرع وزارة التجهيز لإزاحة الثلوج وترميم عدّة طرقات لفك العزلة عن مناطق عديدة... حتى تعود الحياة الى سالف نشاطها المعهود.