أخيرا قدمت لجنة تقصي الحقائق حول الاحداث المسجلة منذ يوم 17 ديسمبر 2010 تقريرها إلى رئيس الجمهورية. تقرير ينتظره كثيرون باعتبار ما قد يكشفه من حقائق حول ملفات غامضة على غرار القناصة والمتورطين الحقيقيين في إطلاق الرصاص على المتظاهرين أيام الثورة. خلال الجلسات الماضية لقضايا شهداء وجرحى الثورة امام المحاكم العسكرية بتونس والكاف وصفاقس، طالب محامو المتضررين بضرورة اطلاع المحاكم الثلاث على تقرير لجنة تقصي الحقائق وما قد يكشفه من حقائق حول أحداث إطلاق الرصاص على المتظاهرين ايام الثورة. ويُعوّل المحامون وعائلات الشهداء وكذلك الجرحى على هذا التقرير لأنهم يعتبرون أن أعمال البحث والتقصي التي قام بها قلم التحقيق العسكري في القضايا الثلاث المنشورة أمام المحاكم العسكرية بتونس العاصمة وصفاقس والكاف منقوصة. ويعتبرون أن اللجنة قامت بعمل استقصائي ميداني كبير في المناطق التي شهدت اطلاق الرصاص واستمعت إلى عائلات الشهداء وإلى الجرحى وإلى شهادات الشهود وتلقت عدة ملفات وجمعت حقائق مثيرة وفق ما ذكرته مصادر من اللجنة في الفترة الماضية، وهوما من شأنه أن يُنير سبيل القضاء العسكري حول عدة مسائل. وكانت المحكمة العسكرية بالكاف قد أعلنت في ختام الجلسة الاخيرة لقضية شهداء تالة والقصرين يوم 16 أفريل الماضي عن قرار مراسلة رئاسة الجمهورية ولجنة تقصي الحقائق للحصول على نسخة من هذا التقرير قصد الاطلاع عليه والاستنارة به في الوصول إلى الحقيقة بالنسبة للقضية المنشورة أمامها وللقضايا التحقيقية الاخرى المفتوحة أمام قلم التحقيق العسكري. وحسب ما توفر من معلومات فإن المحكمة العسكرية لم تتلق إلى حدود يوم أمس هذا التقرير، وقد تحصُل عليه خلال اليومين القادمين.. كما يشهد التعاطي مع ملف الشهداء والجرحى تعطيلات عديدة على مستوى اللجان المكلفة به صلب الهياكل الرسمية (وزارة حقوق الانسان والمجلس التأسيسي ورئاسة الجمهورية ووزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة المالية والهيئة العليا لحقوق الانسان واللجان الجهوية بالولايات ..). وتعلق هذه اللجان آمالا كبيرة على تقرير لجنة تقصي الحقائق ويرون أنه سيكون حاسما في فض عدة اشكاليات وخلافات لا تزال قائمة صلب ملف الشهداء والجرحى . وانتقدت عائلات الشهداء والجرحى تأخر لجنة السيد توفيق بودربالة في اعداد التقرير المذكور واعتبروا ذلك يدخل في إطار المماطلة في الكشف عن المتورطين الحقيقيين في اطلاق الرصاص على أبنائهم أيام الثورة.. والآن وبعد صدور التقرير، هل يمكن القول أن الحقائق المخفية والالغاز الغامضة لما حصل بالضبط أيام الثورة ستنكشف الآن؟ وهل سيُساعد التقرير فعلا المحاكم العسكرية بكل من الكاف وصفاقس والعاصمة على ضبط أسماء المورطين في اطلاق الرصاص وعلى كشف لغز القناصة الذي كثر الجدل حوله طيلة الاشهر الماضية؟ ذلك ما يأمله المتابعون لهذا الملف وخاصة المتضررين وكذلك محامييهم وأيضا القضاء العسكري حتى تتوفر أكثر ما يمكن من ضمانات من أجل محاكمات عادلة تحترم مواصفات العدالة الانتقالية.