اعتبر الناطق الرسمي لحزب التحرير أنه ليس هناك مؤسسات دينية في الإسلام لأن كلمة مؤسسة تحيل على الهيكلة والتنظيم، والحديث عن مؤسسة بالمفهوم التعقيدي كما هو قائم في المسيحية غير ممكن. وتساءل بلحاج «التحييد عن ماذا وعن من؟» معتبرا أن المقصود بهذا الطرح هو تحييد المساجد عن الدين من حيث هو دين، من إرشاد وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وغيرها من الأمور التي تلتقي مع الشأن العام.
ورأى بلحاج أنّ فصل المساجد عن الشأن العام يعني تكريس فصل الدين عن الحياة، وهو الأمر الذي عجزت القوى العلمانية عن فرضه بجهد فكري وإيديولوجي، معتبرا أن «العلمانية تريد أن تكسب المعركة دون أن تخوضها، فهي تريد أن تحصر الدين في جانبه الكهنوتي».
وأكّد بلحاج أنّ «جميع الإيديولوجيات الأخرى سقطت وثبت فشلها والبديل الإسلامي أصبح واضحا اليوم ونحن نرى أن الإسلام يُراد له أن يعيش الغربة حتى داخل المساجد» كما اعتبر أنّ «خطاب هؤلاء غير ذي جدوى عند الرأي العام» وأنّ «الذين يريدون تحييد الدين عن الحياة يريدون أن يكون الخطاب الديني انتقائيا وأن يكون الدين طيّعا للإفتاء بما يخدم مصالحهم».
لكن بلحاج أكّد تأييده تحييد المسجد عن التوظيف الحزبي والتوظيف الشخصي لأنه لا رهبانية ولا رجال دين في الإسلام، والكل يؤخذ منه ويُردّ إلّا الرسول عليه الصلاة والسلام. اعتبر الناطق الرسمي لحركة الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد أنّ ما قاله رضا بلحاج يؤكّد ضرورة تحييد المؤسسة الدينية وأنّ بلحاج قدّم قراءة من قراءات الإسلام ولم يقدّم الإسلام كلّه، متسائلا «ما هو البديل الإسلامي الذي يتحدّث عنه بلحاج؟ هل هو البديل الشيعي أم السنّي أم السلفي أم السعودي ام القطري أم غير ذلك؟ قبل أن يعلّق «ما سمعته خطاب يقيني مغلق يحيل على ضرورة الفصل بين الدين والسياسة».
وأضاف بلعيد أنّ الدين يشكّل مقوما أساسيا من مقومات شخصية التونسي وهو عنصر يجمع التونسيين ولا يفرّقهم، مؤكّدا ضرورة «أن يخرج الدين من مجال النزاع السياسي والحزبي لأن فضاء الدين مطلق غير قابل للتبديل والتعديل في حين أن الفعل السياسي هو فعل بشري قابل لتعديل والتغيير والنقد ومساره المصالح المتناقضة أحيانا، على عكس الدين الذي ينبغي أن يبقى في مرتبة المقدّس».
وأوضح بلعيد «إذا اعتبرنا أنّ الدين مقدّس ومطلق والسياسة نسبية بشرية لا بدّ من فصل الدين عن السياسة، وإذا رأينا أنّ المسجد فضاء عاما وظيفته التعبّد لا بدّ من إخراجه من التوظيف الحزبي الذي يتّكئ على عصا المسجد وقدسيته ليبرّر الهيمنة والاستبداد».
ورأى بلعيد أن المقصود بالمؤسسة الدينية ليس المسجد فحسب بل أيضا الإفتاء والتعليم الذي لا بدّ من تحييده وإخراجه من لبوس الدّين، لأنّ «تونس اليوم تُمتحن أمام نظام سياسي مدني ديمقراطي تعدّدي يقوم على أساس أن مصدر السلطة الوحيد هو الشعب والقبول بالتعدّد على أساس الاختلاف والتنوّع».