من المنتظر أن يعلن اليوم السيد الباجي قايد السبسي عن تفاصيل مبادرة «نداء الوطن» التي انطلق الإعداد لها منذ أشهر ، لكن السؤال هو مدى مساهمة حالة الاحتقان والهواجس الأمنية الحالية في تقبل الرأي العام للمبادرة وتفاعله معها. قبل التعرف على محتوى وتفاصيل المبادرة يرى السيد منصور معلى وهو من رجالات السياسة المعروفين أنه ينتظر كلاما موضوعيا ودقيقا يساهم في تهدئة الاوضاع و يدعو الى الوحدة الوطنية والتمسك بكل ما من شانه تقريب التونسيين وكذلك التفاعل مع القوى الوطنية الاخرى وخاصة مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل ويضيف قائلا «لو اتجهت المبادرة نحو هذه المعاني فيمكن القول انها ستستفيد من الحالة المضطربة الحالية وتلتقي مع ما تنادي به أغلب القوى الوطنية من اجل تحسين الوضع العام وايجاد الحلول الناجعة لمجمل القضايا المطروحة والمتعلقة اساسا بالاقتصاد والامن والتشغيل حتى تكون المبادرة حلا نحو التداول السلمي على السلطة ومنقذا من الاستبداد بعد عشرين سنة قادمة».
كما عبر منصور معلى عن خيبة امله من تعثر محاولات التقريب بين عدد من الاحزاب الدستورية والوسطية معتبرا ان الهدف هو جبهة قوية لا ميلاد احزاب صغيرة جديدة قائلا « كنت أود تجميع الحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات والمؤتمر وغيره من الاحزاب من اجل كتلة قوية قادرة على المنافسة الحقيقة وتسلم السلطة».
الظروف لن تخدم المبادرة
الدكتور خالد شوكات الامين العام السابق للاتحاد الوطني الحر تعتبر من جهته أن الظروف الحالية لن تكون مساعدة على أن تاخذ المبادرة الحظوة والمكانة التي تستحقها قائلا « في رايي الاجواء العامة التي تعيشها تونس حاليا وهي اجواء غير مسبوقة من حيث تهديدها لمستقبل المشروع الديمقراطي برمته لن تساعد المبادرة باعتبارها محاولة جدية وجريئة لطرح بديل سياسي على البلاد « وحول الظروف الحالية وملابساتها يضيف قائلا «لا شك ان الازمة الحالية اصبحت تثير شكوكا حقيقية حول قدرة النخب السياسية التونسية سواء الموجودة في الحكم او في المعارضة على ادارة شؤون البلاد بطريقة صحيحة وفاعلة وجدية وفي رايي فان مبادرات اخرى من قبيل دعوة الجيش للتدخل او اعادة النظر في النظام المجلسي قد تطغى في مستقبل الايام».
المراجعة الجذرية للقانون المنظم للسلط العمومية
وعن رايه في توجه المبادرة في ظل الوضع الحالي يقول خالد شوكات «مبادر السبسي من المفروض انها تبلورت في ظل التسليم بقواعد اللعبة التي وضعتها الترويكا وبالتالي اعتبارها مبادرة من ضمن السياق القائم في حين ان المطلوب هو اعادة بناء جذرية للحالة السياسية برمتها وذلك لانقاذ الاقتصاد الوطني ووقف حالة التدهور الامني واعادة الهيبة للدولة ولنظام الحكم فحكومة الترويكا لا اتوقع لها ان تكمل المدة التي منحتها لنفسها».
وللاستفادة من الظروف الحالية يرى كذلك ان المبادرة مطالبة بالاتجاه حو المطالبة بمراجعة جذرية للقانون المنظم للسلط العمومية والدعوة لتبني نظام رئاسي مؤقت بدل النظام المجلسي وتوحيد رئاستي الحكومة والدولة على نحو يتيح للبلاد فرصة حقيقية لتحقيق ثلاث اولويات اولها الامن ومحاربة الغلاة والمتطرفين ثم بعث الثقة في الاطراف الفاعلة في الاقتصاد الوطني واخيرا استكمال كتابة الدستور وتنظيم الانتخابات قائلا « اذا ما طلبت المبادرة بهذا التغيير الراديكالي فان خطابها يكون اوضح لعموم التونسيين الذين فقد الكثير منهم كل ثقة في الطبقة السياسية التي ضربت اروع مثال في انحدارها نحو الصراعات الهامشية والتافهة والمماحكات الايديولوجية على حساب مصالح البلاد العليا».
الوقت غير مؤثر
اما السيد احمد ابراهيم رئيس المسار الديمقراطي الاجتماعي فيرى انه من الضروري انتظار محتوى المبادرة قبل الحكم لها او عليها خاصة مدى قدرتها على لم شمل اغلب القوى الوسطية المؤمنة بمبادئ الديمقراطية والحداثة حتى تكون قادرة على تكوين قوة وسطية قادرة على تحقيق التوازن السياسي والتداول على السلطة في اطار ديمقراطي تعددي. وعن موعد المبادرة لا يرى ان الوقت والظروف قد تؤثر فيها سلبا او ايجابا ويؤكد انه من حق كل طرف اختيار الوقت والموعد المناسب لتقديم ما يراه صالحا للبلاد ورفض ابراهيم الحديث عن علاقته بالمبادرة قبل معرفة كل التفاصيل في شأنها.