في إطار الاحتفالات بعيد الأمهات ودعما لأنشطتها الاجتماعية والخيرية نظمت الغرفة الفتية الاقتصادية بأكودة تظاهرة احتفالية تكريمية بمركز «رعاية المسنين» بسوسة مساندة وتضامنا مع هذه الفئة الاجتماعية. «الشروق» كانت حاضرة لمواكبة مختلف فقرات هذه التظاهرة التي نشطتها فرقة العيساوية بسوسة. التميز كان لشباب هذه الغرفة الذين ساهموا بمقادير مالية من مصاريفهم اليومية متفاوتة القيمة لشراء هدايا لهؤلاء المسنين ولدعم مختلف الفقرات التنشيطية لهذه التظاهرة والتي أدخلت البهجة ولو نسبيا على هذه الشريحة الاجتماعية والتي للأسف أثناء محادثتهم ل «الشروق» لمسنا فيهم ألما مزدوجا من وجهين: الظروف العائلية والاجتماعية التي دفعتهم للالتجاء إلى هذا المركز أما الوجه الثاني والذي عمّق ألمهم المعاملة السيئة التي يلاقونها من طرف القائمين على شؤونهم حيث لاحظنا إهمالا في أكثر من مستوى تأكد لنا لاحقا باحتراز المسؤولين هناك على حضورنا ومحاولة إخراجنا من المركز بدعوى عدم حصولنا على ترخيص فيما طلب منا بكل إصرار السيد سمير وهو المسؤول عن العمال بهذا المركز في ظل عدم تواجد المدير أن نُسْمِعَه ما سجّلناه من تصاريح لهؤلاء المسنين ونفس الموقف وبأكثر حدة صدر تجاهنا من طرف عاملتين تدعيان سندة ورقية حيث أصرتا على إخراجنا من غرفة عم محمد ومنعنا من استجواب المسنين طالبتين بكل حدّة مدهما بالتسجيلات ولكن إصرارنا على الأمانة الصحفية كان أكبر من كل هذه الضغوطات والتي حاول السيد سمير أمام تمسكنا بموقفنا هذا أن يغير من معاملته تجاهنا.
خوف واحتراز !!!
وإن حاول مسؤولو المركز تغطية الأمور الشكلية من لباس المسنين ووجباتهم الغذائية وغيرها من مستلزمات استقبال الضيوف وأشكال التظاهر بالعناية ، فإنهم لم يستطيعوا تغطية تلقائية المسنين وتذمرهم وإن أبدى البعض منهم -حيث تم منعنا من استجواب البقية- تخوفا من الشكوى فإن البعض الآخر لمّح إلى ذلك فيما صارحنا وبكل تلقائية أحد المسنين وهو عم محمد عليّة بالقول :» أعاني من آلام مريرة مستمرة ولا أحد يستجيب لنداءاتي المتتالية حتى المتعلقة بأزماتي الصحية، رجوتهم بأن يضعونني في غرفة مع أي كان المهم أن أخرج من هذه الوحدة القاتلة ولكن رفضوا وحرصوا على تركي بمفردي في هذه الغرفة فأنادي فلا أحد يسمعني» ولم يتركني العم محمد إلا بعد أن وعدته بالرجوع لزيارته رغم أنه لم يقتنع بذلك قائلا :» كل من يأتي لزيارتي أشكوه فيقول لي سأعود ولكن لا يفعل ذلك»، وعندما استفسرناه إن كان يريد شيئا أجاب بكل إلحاح «لي وقت طويل أنتظر بيضتين ولكن لا أحد لبى طلبي أرجوك ناولني إياهما»! فحوّلنا طلبه إلى مدير العمال.. وعكس عم محمد فإن السيدة مليكة بن عمر بدت منشرحة نسبيا وفي نفس الوقت تخفي أسفا دفينا حيث تجاوزت الستين ولم تتزوج قائلة «مرّ بي العمر ولم أتزوج إلى أن وجدت نفسي دون سند عائلي فتكفّلت بي وقتيا جارتي إلى أن جلبتني إلى هذا المركز الذي أتواجد فيه منذ سنتين»، الوحدة حكمت أيضا على السيد لمجد بولعابي بحكم أن زوجته قد توفيت ولم تنجب له أطفالا مضيفا القول «رفضت من نساء إخوتي ولم أجد ملجأ غير مركز المسنين « ،استفسرته عن سبب غضبه فأجاب بمرارة بأنه لم يتمتع بالهدايا التي جلبها جماعة أعضاء الغرفة الفتية وبقية الجمعيات التي زارت المركز ! ووجدنا كل الهدايا وكانت كثيرة في المكتب الذي حدثنا فيه «نائب المدير» وحول الظروف العامة التي يعيشها السيد لمجد في هذا المركز علّق قائلا :«ربي يعطيني الصبر لا غير».
عندما يكون الزواج هو المشكل!
السيد رشيد الهش متواجد في هذا المركز منذ ثماني سنوات توفيت زوجته وأراد إعادة بناء حياته فتزوج مرة أخرى ببنت تصغره بثلاث وعشرين سنة ولكن زادت حياته سوءا مصرحا في ألم «جئت إلى هذا المركز منذ ثماني سنوات لأن ليس لي منزل بعد أن طلقت الزوجة الثانية منجبا منها ثلاثة أطفال فأعادت الزواج مرة أخرى ولكن بقيت دون سند لا أقدر على كراء منزل فاضطررت إلى الالتحاق بهذا المركز وفي قلبي أمنية أجمع أطفالي في بيت خاص بي، مللت البقاء هنا وأطفالي يعيشون مع زوج الأم فما أعانيه في هذا المركز لا يساوي شيئا أمام شوقي لأبنائي الذين حرمت منهم وإني عاجز على ضمهم إلي في نفس المنزل فجرايتي مائة وسبعون دينار أدفع منها سبعين دينارا نفقة فكيف لي أن أتصرف في مائة دينار؟ أرجو أن يساعدوني حتى بإيجاد عمل فأنا سائق متقاعد ولكن قادر على العمل.. هكذا كانت انطباعات البعض من الذين استجوبناهم والذين عكسوا معاناة كبيرة نرجو ان يقع الاهتمام المناسب بهم خاصة وأننا قد زرنا هذا المركز قبل الثورة بأشهر ولكن وإن شملت هذه الثورة عدة مجالات فإنها وقفت حدّ أدراج هذا المركز لرعاية المسنين والذي لازال في حاجة إلى رعاية .