نظمت حركة الشعب بجرجيس ندوة حول التشغيل والتنمية في المرحلة الانتقالية أثثها الدكتور عبد الكريم الكبيري الخبير لدى الأممالمتحدة المتخصص في الشؤون الاقتصادية. تمّ خلال الندوة تقديم فكرة عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في هذه المرحلة وهو كما بين الخبير وضع صعب للغاية واذا لم تتحرك مختلف الأطراف لوقف الاحتجاجات والاضرابات التي تواصلت بشكل لافت لأكثر من سنة، والتي دفعت العديد من المؤسسات الوطنية والأجنبية الى غلق أبوابها وهو ما ينبئ بأزمة حقيقية خانقة في الأفق لن تتمكن تونس من الخروج منها بسهولة وقال الخبير ان كافة القوى السياسية في البلاد تتجاهل بشكل غير مبرر البعد الاقتصادي، حيث تركز جهودها وتحركاتها على الجانب السياسي وكأن «الثورة» التي حدثت بتونس هي ثورة سياسية فقط وليس اجتماعية واقتصادية وكان الشعب التونسي لم يقل قولته الشهيرة «خبز وماء وبن علي لا», فالجانب الاقتصادي يتطلب اهتماما أكثر من الدولة مشيرا الى وجود نقاط ضعف كبيرة فيه كالتراجع في قطاع السياحة وفي الصادرات وفي الزراعة وفي القطاع المصرفي مبينا أن ادخار البنك المركزي المخصص لتغطية التوريد اضمحل وهو مؤشر غير مطمئن ويدعو إلى القلق فضلا عن نسبة الايداع في البنوك، وفي جانب القروض قال الكبيري لا بدّ على الشعب أن يعرف ما جدوى القرض البالغ قيمته 750 مليار ؟.وفي ما سيقع صرفه ولمن ؟ مقابل وضع المؤسسة القطرية الخاصة شروطا مجحفة في وضع اقتصادي واجتماعي صعب للغاية، أما بخصوص التنمية الجهوية بين أن لا وجود لتنمية جهوية ببعض الجهات التي ظلت لعقود مهمشة ويتواصل تهميشها كما تحدث عن ضعف ميزانية سنة 2012 وبين أن كل مواردها غير مؤمنة وغير ثابتة 1.200 مليار من الأملاك المصادرة هذا وأن تمت مصادرتها (موارد الميزانية 30% متأتية من موارد الدولة و 70 % من القروض، تركيبة الميزانية 37 % منها تصرف للأجور يعني ل81 وزيرا) كما تحدث عن مسالة الديمقراطية التشاركية مزاياها وأهدافها وكيفية تحقيقها وما الآليات التي تضمن تنمية تشاركية جهوية وبين أن الآلية الوحيدة لتحقيق الديمقراطية التشاركية لابد أن تنطلق من مواطني الجهة من خلال تكوين لجان تنمية تضع الآليات وتنسق بين كل مكونات المجتمع، فلا بد من أن يلعب الفاعل المحلي أو المتدخل المحلي دورا هاما في النهوض بجهته وذلك ببعث مشاريع صغرى ومتوسطة تمكن من توفير مواطن شغل اضافية بامكانيات ذاتية ومحلية لا تتجاوز حدود الجهة المعنية بالتنمية مما سيمكن من تثبيت السكان في مواطنهم الأصلية (الشعب اليوم لا بد أن يكون شريكا للحكومة).
وأشار الخبير الكبيري أن الحل الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد من أقصاها الى أدناها هو حل وحيد ولا بديل له وهو حل سياسي لأن الارادة السياسية هي التي تمكننا من اخذ القرارات مشيرا الى وجود تقصير في أداء الحكومة ولا بد من معالجة هذا التقصير فليس من مصلحة أي تونسي اليوم اسقاط الحكومة أو تغييرها ولكن في مصلحة كل تونسي أن تراجع الحكومة نفسها وأن تعمل على اصلاح جزئي وذلك بتغيير بعض الوزراء (وهو ليس عيبا فأكبر الدول تحدث تغييرا في تشكيلة حكوماتها) والتغيير يجب أن يكون تغييرا تقنيا في الوزارات التي كان أداؤاها ضعيفا ولا بد على الحكومة أن تضع خطة عاجلة لحماية الجانبين الاقتصادي والاجتماعي بالتعاون مع الكفاءات من الجهات، من خلال التركيز على حماية بعض المؤسسات ومساعدة البعض الآخر حتى لا يتوقف انتاجها تفاديا لتراكم المزيد من العاطلين عن العمل كما تحدث الخبير في جانب الكفاءات وقال لا بد على الدولة الانتباه لهذه المسالة فتكليف أشخاص ليس لهم كفاءات في الميادين التي كلفوا بها أمر خطير (كلفوا بحقائب وزارية اكبر منهم) ولابد من حياد الادارة وحياد الحكومة التي يجب أن تظل حكومة كل التونسيين وليست حكومة أحزاب وعليها أن تراع المبادئ الأساسية ,منها احترام الكفاءات على رأس المؤسسات الوطنية، كفاءات لها من الحماس والبيداغوجيا ما يجعلها تبدع في مجالها حتى تنسج على منوالها الادارات في سبيل ارساء الديمقراطية التي تحتاج الى مشروع مجتمعي كبير، مشروع فكري وثقافي وسياسي، وبهذا وذاك يؤمن الشعب بهذه الحكومة وبأدائها ويدعمها في مواقفها وبرامجها لا أن يطالب بعودة الرئيس المخلوع بن علي.