أيام قليلة و يحل شهر رمضان المبارك الذي يجب على كل مسلم أن يستعد له. ففي رمضان هناك العديد من محطات للتأمل والتفكير التي يمكنك الانطلاق بعدها إلى حياة جديدة،هي كالشموع تضيء الطريق وتوضح معالمه، قف وتأمل واعتبرها الفرصة الأخيرة لتتمكن من اللحاق بركب السعداء. أنت لا تستطيع الحصول على العسل من الزهرة مباشرة ، لأن ليس لديك القدرة على امتصاص الرحيق منها و لأنك لست نحلة ، لكنك تستطيع شراء العسل جاهزا من السوق في معلبات مختلفة الأشكال والألوان والطعم!
حاول أن تؤدي أعمالك بروح إيجابية وحاول أن يكون أداؤك للعمل متعة في حد ذاته، سيدفعك إلى العمل أكثر فأكثر، وإن كان أداء العمل هو واجب أصلا ، لكن حاول أن تحول إحساسك بالواجب إلى متعة نفسية، أحبب عملك ما استطعت.
ليس بالتأفف تزدهر الأمم، والإنسان الكثير التأفف يحجب عن نفسه متعة الحياة، وسيحرم نفسه من أداء ما عليه، وسيكون مثبطا لغيره لست وحدك الذي يعيش في هذا العالم ، لا تنس أن تشعر بالآخرين من حولك،لا تحمل همومك وترمي بها إلى أعماق من حولك،فليس من أحد إلا وله همومه!
أنت تنتمي إلى أمة عظيمة منتشرة في أنحاء الأرض حاضرا ، وفي أعماق التاريخ ماضيا ، وفي المستقبل أيضا، فانتماؤك إلى أمتك ليس أقل أهمية من شعورك بنفسك! لتكن دائرة همومك أكبر من دائرة ذاتك،حاول أن تشعر بهموم أمتك وجراحاتها ، ستصبح بذلك أكبر من مجرد فرد واحد، ستكون أمة بحالها .
بإمكانك توسيع دائرة اهتماماتك ونطاق إحساسك، إذا نظرت إلى ما وراء هذه الدنيا،أمامك اختياران لا ثالث لهما: إما جنة وإما نار، فاربط بين اهتماماتك وبين المستقبل الحقيقي لك أيها الإنسان!
كثيرون لا يريدون لأنفسهم ولا لغيرهم الارتقاء ، قد يكون لديهم إحساس في داخل نفوسهم بعدم القدرة على فعل شيء لكنهم يلبسون هذا القميص غيرهم اجتنبهم ما استطعت!
الانغلاق الفكري من أسباب تأخر الأمم، والأفراد المنغلقون فكريا متخلفون حضاريا، إياك والمنغلقين أن يؤثروا فيك، حاول أن تأخذ بأيديهم إلى حيث الأكسجين والنور! من ليس لديه رسالة في حياته يعيش دائما على الهامش لتكن لديك رسالة خير توصلها إلى الآخرين ولاتكن هامشيا وتذكر أنك مسلم في طاعة الله و التقرب إليه بالعمل الصالح و الكلام الطيب.
الاستعداد النفسي والعملي
ممارسة الدعاء قبل مجئ رمضان ومن الدعاء الوارد :
أ- ( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان).
ب - (اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلاً) .
نيات ينبغي استصحابها قبل دخول رمضان: ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه في الحديث القدسي (إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا اكتبها له حسنة) ومن النيات المطلوبة في هذا الشهر :
1. نية ختم القرآن لعدة مرات مع التدبر . 2. نية التوبة الصادقة من جميع الذنوب السالفة . 3. نية أن يكون هذا الشهر بداية انطلاقة للخير والعمل الصالح وإلى الأبد بإذن الله . 4. نية كسب أكبر قدر ممكن من الحسنات في هذا الشهر ففيه تضاعف الأجور ويضاعف الثواب. 5. نية تصحيح السلوك والخلق والمعاملة الحسنة لجميع الناس. 6. نية العمل لهذا الدين ونشره بين الناس مستغلاً روحانية هذا الشهر. 7. نية وضع برنامج مليء بالعبادة والطاعة والجدية في الإلتزام به.
المطالعة الإيمانية: وهي عبارة عن قراءة بعض كتب الرقائق المختصة بهذا الشهر الكريم لكي تتهيأ النفس لهذا الشهر بعاطفة إيمانية مرتفعة . صم شيئاً من شعبان فهو كالتمرين على صيام رمضان وهو الاستعداد العملي لهذا الشهر الفضيل تقول عائشة رضي الله عنها (وما رأيته صلى الله عليه وسلم أكثر صياماً منه في شعبان)
استثمر أخي المسلم فضائل رمضان وصيامه : مغفرة ذنوب، عتق من النار ،فيه ليلة مباركة ، تستغفر لك الملائكة ،يتضاعف فيه الأجر والثواب ،أوله رحمة وأوسطه مغفرة ... الخ . استثمارك لهذه الفضائل يعطيك دافعاً نفسياً للاستعداد له.
الصيام آخر شعبان
ثبت في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: (هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا؟ قال لا، قال: فإذا أفطرت فصم يومين). وفي رواية البخاري : أظنه يعني رمضان وفي رواية لمسلم : (هل صمت من سرر شعبان شيئا؟) أخرجه البخاري ومسلم.
وقد اختلف في تفسير السرار، والمشهور أنه آخر الشهر، يقال سِرار الشهر بكسر السين وبفتحها وقيل إن الفتح أفصح، وسمي آخر الشهر سرار لاستسرار القمر فيه (أي لاختفائه)، فإن قال قائل قد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين، إلا من كان يصوم صوما فليصمه) أخرجه البخاري ومسلم.
فكيف نجمع بين حديث الحثّ وحديث المنع والجواب: قال كثير من العلماء وأكثر شراح الحديث: إن هذا الرجل الذي سأله النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن له عادة بصيامه، أو كان قد نذره فلذلك أمره بقضائه. وقيل في المسألة أقوال أخرى، وخلاصة القول إن صيام آخر شعبان له ثلاثة أحوال: أحدها: أن يصومه بنية الرمضانية احتياطا لرمضان ، فهذا محرم.
الثاني: أن يصام بنية النذر أو قضاء عن رمضان أو عن كفارة ونحو ذلك، فجوّزه الجمهور. الثالث: أن يصام بنية التطوع المطلق، فكرهه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان بالفطر؛ منهم الحسن - وإن وافق صوما كان يصومه - ورخص فيه مالك ومن وافقه، وفرّق الشافعي والأوزاعي وأحمد وغيرهم بين أن يوافق عادة أو لا..
ويجب التنبه والتنبيه على أن من بقي عليه شيء من رمضان الماضي فيجب عليه صيامه قبل أن يدخل رمضان القادم ولا يجوز التأخير إلى ما بعد رمضان القادم إلا لضرورة (مثل العذر المستمر بين الرمضانين)، ومن قدر على القضاء قبل رمضان ولم يفعل فعليه مع القضاء بعده التوبة وإطعام مسكين عن كل يوم، وهو قول مالك والشافعي وأحمد.
وكذلك من فوائد صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط.
ولما كان شعبان كالمقدّمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة، وقال سلمة بن سهيل كان يقال: شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء، وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن.