ولد النبي صلى الله عليه وسلم يتيم الأب, فقد مات أبوه عبد الله بن عبد المطلب قبل ولادته صلى الله عليه وسلم, وهذا من أعظم الابتلاءات لمن يفتح عينيه على الحياة و يشب وينظر حوله فلم يجد له أبا يعينه على مصاعب الحياة, ويخفف عنه ما يلقاه من شرور, ويقف بجانبه ويحميه من مكائد الكائدين, ويصبر على تربيته وتعليمه ولكنها حكمة الله تعالى الذي رباه وعلمه وكلأه وحماه ورعاه, فلم تكن رعاية وتعليم بشر ولكنها رعاية وحماية الله تعالى له. فحين حملت به أمه به توفي أبوه عبدالله وهو حمل في بطنها على المشهور. قال محمد بن سعد: حدثنا محمد بن عمر - وهو الواقدي - حدثنا موسى بن عبيدة اليزيدي وحدثنا سعيد بن أبي زيد عن أيوب بن عبدالرحمان بن أبي صعصعة قال:
خرج عبدالله بن عبدالمطلب إلى الشام إلى غزة في عير من عيران قريش يحملونه تجارات، ففرغوا من تجاراتهم ثم انصرفوا فمروا بالمدينة وعبدالله بن عبد المطلب يومئذ مريض، فقال: أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار، فأقام عندهم مريضاً شهراً ومضى أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبدالمطلب عن ابنه عبدالله؟ فقالوا: خلفناه عند أخواله بني عدي بن النجار وهو مريض فبعث إليه عبدالمطلب أكبر ولده الحارث فوجده قد توفي ودفن في دار النابغة فرجع إلى أبيه فأخبره، فوجد عليه عبدالمطلب وأخوته وأخواته وجداً شديداً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ حمل ولعبدالله بن عبدالمطلب يوم توفي خمس وعشرون سنة.