هي مدينة أصبحت رمزا من رموز الاستقلال التونسي والنضال لاسترجاع السيادة الوطنية كاملة. لقد تم الجلاء التام عن البلاد التونسية، عن بنزرت آخر قلعة كبرى من قلاع الاستعمار والشمال التونسي يوم 15 أكتوبر 1963، وذلك بفضل تنظيم حركة المقاومة في بنزرت وداخل الجمهورية التونسية خاصة في جنوبها.
وبنزرت كلمة معرّبة من كلمة رومانية هي: هيبو زاريتوس Hippo Zaritus أي مدينة هيبون على القنال، ووجدت نقيشة فيها: «هذا قبر فلان وكان حكيما وخطيبا، وكان يدرّس الفلسفة وعلم البلاغة في هيبون على القنال(1).
مما يدل على أن بنزرت كانت في القديم قبل الفتح الإسلامي مركزا للتعليم والثقافة وكانت متألقة في علم البلاغة والخطابة والفلسفة وغيرها من العلوم والفنون.فتحها معاوية بن حديج سنة 41ه، وكان معه عبد الملك بن مروان (2) ويروى أن عبد الملك لما انفرد عن الجيش في بنزرت وضلّ عنه مرّ بامرأة فنادته وضيّفته وأكرمته. فلمّا ولي الخلافة كتب الى عامله بافريقية أن يحسن لها (3).
وكانت في بنزرت في عهد الولاية على افريقية والعهد الأغلبي قلاع ذكرها أصحاب الرحلات وهي حصون ورباطات كانت دوما عامرة بالزهاد والعلماء. وكانت بنزرت محاطة بسور مبني بالصخر.
وتذكر النصوص التاريخية أنها كانت دوما مدينة عامرة بالأسواق والحمامات، ولها جامع مما يدل على أهميتها في القديم كنقطة عبور ومركز تجارة حافل بنشاط اقتصادي كبير.
وذكر ابن حوقل بنزرت في القرن الرابع الهجري في كتابه «صورة الارض» «بنزرت مدينة على البحر حصينة... فيها ثمار كثيرة» وهذا القول يدل على ازدهارها الفلاحي وذكرها عبيد ا& البكري المتوفى في آخر القرن الخامس هجريا فوصفها قائلا:
«هي مدينة على البحر يشقها نهر كبير كثير الحوت، ويقع في البحر، وعليها سور حصين، وبها جامع وأسواق وحمامات وبساتين وهي أرخص البلاد حوتا».نستنتج من كلام البكري أن بنزرت كانت في العهد الأغلبي والعهدين العبيدي والصنهاجي مركزا تجاريا يكثر فيه الأسواق ويعتمد خاصة على ما تنتجه البساتين وما يستخرج من البحر من أسماك بإنتاج وفير حتى أن ثمنه كان زهيدا جدا.يتبع