يمثّل مشروع استصلاح سبخة «بن غياضة» بالمهدية من خلال حفرها وإيصالها بالبحر، وإحداث ميناء ترفيهي وبعث مشروع سياحي سكني، أحد المشاريع المهمّة التي ينتظرها أهالي الجهة لتحقيق نقلة في الواقع السياحي والتنموي. هل ستتم تهيئة سبخة «بن غياضة» وفق خصوصيات المنطقة الطبيعية ومنظومتها البيئية؟ وما علاقة البحيرة الاصطناعية والميناء الترفيهي والدورة المائية بين البحر والسبخة؟ وهل سيحقق المشروع أحد أهدافه بتأمين دور السبخة في تجميع وتصريف مياه السيلان حماية للمنطقة من الفيضانات؟ وكيف سيقع إدماجها في محيطها العمراني المباشر وبلدية المهدية مغيّبة عن كل جلسات الحوار والعمل مع الشريك الأجنبي؟ وهل تملك البلدية الخبرات الكافية والإطارات المؤهلة لمناقشة ومتابعة هذه النوعية الضخمة من الاستثمارات السياحية والسكنية خاصة وأن المكاتب الهندسية التي ستشرف على المشروع اسبانية لخصوصيات الطابع الأندلسي الإسلامي؟
وإذا أريد للمشروع التوسع في محيطه، فما هو مصير منطقة «الزقانة» و«الأكواش»؟ أليس من الضروري تهيئة هاتين المنطقتين وتأهيلهما ليحصل الانسجام العمراني في هذا المحيط خاصة وأنهما تعيشان واقعا مزريا من حيث البنية الأساسية والعمران وكذلك من الناحية الاقتصادية وحالات الفقر والخصاصة؟
أسئلة تبقى مطروحة في انتظار أن تتوضح الرؤية أكثر في خصوص هذا المشروع الذي تقدر كلفة تهيئته بحوالي 62 مليون دينار، وقد تمت الموافقة المبدئية من البنك الإسلامي للتنمية خلال موفى شهر نوفمبر 2004 على تمويل أشغال المرحلة الأولى بواسطة الاستصناع في حدود 19 مليون دولار أمريكي بما يعادل حوالي 25 مليون دينار أي بنسبة 100 بالمائة بدون احتساب الأداء على القيمة المضافة ومصاريف التصرف التي ستمول عن طريق ميزانية الدولة.
وحسب المعطيات الرسمية الأخيرة فإن 280 مليارا رصدت للمشروع في مرحلته الأولى ممولة من الديار القطرية والإسبان، والطرف التونسي يدرس حاليا ملاحظات الجانب القطري الذي من المفترض أن يكون في إطار تصوّر مشترك بين بلدية المهدية والمستثمر والمجتمع المدني حتى يشعر متساكنو مدينة المهدية أن المشروع نابع من هم وليس غريبا ولا مسقطا، فمشروع «المهدية سنتر» خير دليل على انفرادية القرار والتشوهات الخطيرة للطابع المعماري للمدينة والتي حرمها من التصنيف العالمي للمدن العتيقة وهي جريمة من المفترض أن تطالها يد العدالة الانتقالية من أجل تحديد الجناة ومتابعتهم قضائيا!