يقول أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلّم: لو قيل لي يوم القيامة سنترك حسابك لأبيك وأمّك لرفضت، لأنّ الله سيكون أرحم بي من أبي وأمّي. عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة لآدم عليه السلام قم فجهّز من ذريّتك تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النّار وواحدا إلى الجنّة فبكى أصحابه وبكوا ثمّ قال: لهم رسول صلى الله عليه وسلّم ارفعوا رؤوسكم فوالذي نفسي بيده ما أمّتي في الأمم إلاّ كالشّعرة البيضاء في جلد الثّور الأسود فخفّف ذلك عنهم.» (رواه أحمد)
فعندما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم هذا الحديث، غطى الصحابة وجوههم وسُمع لهم صوت بكاء، فدخل النّبيّ صلى الله عليه وسلّم بيته فنزل جبريل عليه السلام وقال: يا محمد يقول لك الله: لما تُقنط عبادي؟ اخرج إليهم فبشرهم، فخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعون ومنكم واحد، وإنّي لأرجوا أن تكونوا رُبع أهل الجنّة، فكبرنا.. فقال: النّبيّ صلى الله عليه وسلّم وإنّي لأرجوا أن تكونوا ثُلث أهل الجنة، فكبرنا.. فقال: النّبيّ صلى الله عليه وسلّم وإنّي لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنّة. وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمْ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ قُلْتُ مَا هَذَا؟ أُمَّتِي هَذِهِ؟ قِيلَ: بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، قِيلَ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلأُ الأُفُقَ ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ قِيلَ هَذِهِ أُمَّتُكَ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلامِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَقَالَ: هُمْ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَلا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.» (رواه البخاري في صحيحه) رؤية الكعبة تجعلك تشتاق إليها ويهفوا قلبك حباً لها، فما بالك بالنظر للودود سبحانه وتعالى يوم القيامة؟ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (القيامة 22 و23) وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «إنّكم سترون ربّكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا.» (متفق عليه) الودود في الجنّة 1- أصحاب الجنّة قلوبهم قلب واحد: قال عزّ وجلّ {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} (الحجر 47) ويقول النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم قلب واحد.» (رواه مسلم) كمال الودّ على سرر متقابلين. 2- الودود في الجنّة: يشتاق الأخ إلى أخيه في الجنّة، فيُقرب الله سرير هذا من سرير هذا، فيقول الأخ لأخيه: أتذكر متى غفر الله لنا؟ فيقول له نعم،..قال تعالى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (الطور21) من كتاب «فسحة في أسماء الله الحسنى»