تواترت على «تويتر» وعلى صفحات «الفايس بوك» صور غير بريئة في محتواها وفي توقيت ظهورها، يظهر فيها وزراء تونسيون يؤمّون مرؤوسيهم في صلاة جماعة أُذّن لها في مكتب السيّد الوزير !!. وقد يعجز الملاحظ وإن حرص، وحفّز عقله عن فهم الرسالة التي أراد السادة الوزراء تبليغها من خلال عرض أنفسهم لعدسات التصوير وهم في أدق لحظات الخشوع عند العبد الذي لا يبغي من صلاته إلّا إرضاء الخالق بعيدا عن أعين الناس. على أنّ أوّل ما يُدهش في الصورة،ويثير الاستغراب هو هل أنّ المصوّر حضر بالصّدفة ليلتقط الصورة أم جُلِبَ جلبا ليوثّق الحدث؟؟ الأكيد أنّه في الحالتَيْن مذنب ومقصّر لأنّه تلهّى عن لقاء ربّه بما لا ينفعه يوم القيامة !!.إذ كيف يفرّط مصوّر مسلم في صلاة جماعة اجتمعت فيها كلّ بركات الأرض والسماء لأنّ الإمام فيها وزير!!!؟؟ وهل يدرك السيّد الوزير أنّه عليه أن يختار بين أن يقف أمام خالقه يناجيه ويستغفره، أو أمام عدسة المصوّر تجمّله وتشهره؟
هل يريد السيد الوزير من خلال وقوفه أمام آلة التصوير في رياء مكشوف أن يثبت لمسلمي العالم في مشارق الأرض ومغاربها أن الإسلام دخل أخيرا على يديه الكريمتين إلى الوزارة التونسية !!؟
أليس من حقّ المواطن المسكين الذي يعاني من غلاء الأسعار وانقطاع الماء والكهرباء أن يسأل ببراءة :هل انتخب الشعب حكومة كي تسهر على مصالحه ،وتخفّف من معاناته أم من أجل أن يصلي الوزراء في مكاتبهم وكأنّهم يذلك يضيفون ملاحم جديدة إلى الفتح الإسلاميّ؟
إن الوزير الذي يعرض نفسه أمام عدسات التصوير في أجلّ اللحظات صدقا بين العبد وخالقه منافق ومراء يخادع الناس ويطلب الدنيا بما وُضِع أصلا لطلب الآخرة. فالصلاة-على حدّ علمنا البسيط- علاقة تعبدية بين الإنسان وربّه لا تحتاج في صدقها إلى «كاميرا» أو عدسة تصوير.فهل يكون من المبالغة وَسْم ُكلّ وزير جلب مصوّرا إلى مكتبه ليصوره وهو يؤمّ الموظفين، بأنّه مراهق سياسي يبيع الوهم في سوق النفاق!!!؟؟
هل تصل الدعاية السياسية إلى حدّ إفقاد الصلاة جوهرها و معناها الطاهريْن؟ وماذا يفيد الناس أن يروا السيّد الوزير وهو يؤمّ مصلّين في مكتبه أو في منزله؟ ولما كان السيّ بالسيّ يذكر ،نشير إلى أن من أول الصور التي ظهرت لمرسي بعد دخوله القصر الرئاسي في مصر هي صورته وهو يؤم جمعا من حلفائه في القصر في إشارة إلى أن الفتح قادم ،وأن البلاد عادت إلى إسلامها بعد أن كانت كافرة !!!.فهل الصدفة وحدها هي التي قضت بأن تتواتر هذه الصور في تونس ومصر !!!؟؟ لقد فات كلّ وزير وقف أمام عدسات التصوير ليؤم موظّفي وزارته أنّ صلاة العبد الصادقة لا تحتاج إلى مَنْ يوثقها غير المَلَكَيْن اللّذين يسجلان كلّ شاردة وواردة ،وسيكشفان ،يوم يفرّ الأخ من أخيه،مَنْ ثقلت موازينه عملا وصلاحا ومَنْ خفّت نفاقا ورياء؟