صيحة فزع نطلقها لإنقاذ ما تبقّى من الجمعية النسائية لكرة اليد بالمهدية التي تمرّ بأزمة خانقة تماما كمعظم بقية الأندية التي تعيش أوضاعا صعبة تعطّل خروج كرة اليد النسائية من عنق الزجاجة. المهدية واحد من أهم معاقل رياضة كرة اليد، ذكورا وإناثا، أصبح وضعها محور نقاش حاد بين أبنائها وبناتها عبر المواقع الاجتماعية يصل الى حدّ التراشق بالشتم مما يدلّ على أن أزمة كرة اليد في عاصمة الفاطميين قد اجتازت الخط الأحمر سواء كان ذلك على مستوى نادي مكارم المهدية بالنسبة الى الذكور أو بخصوص نادي الجمعية النسائية التي دخلت منطقة الخطر والتي أصبحت مهدّدة أكثر من أي وقت مضى بالتلاشي.
يا خيبة المسعى! نقولها بكل مرارة وحسرة على زمن العزة والمجد لهذه الجمعية المثالية التي أنجبت ممن أنجبت الفنانة ساحرة العالم بأسره منى الشباح لاعبة نادي الأحلام، ڤونبورغ الدنماركي إضافة الى «الدوليات» أميرة الفقيه وهالة مساعد والنجمة الصاعدة فاطمة صفر.. الجمعية النسائية بالمهدية كان لها الفضل في الاضطلاع بدور المقود لعديد الجمعيات الجديدة التي انضمّت الى البطولة الوطنية كأمل رجيش وأولمبيك قفصة وحمائم منوبة وغيرها من الأندية المغامرة والغيورة على كرة اليد النسائية يحزّ في نفسنا اليوم القول بأن وضعية الجمعية النسائية بالمهدية تكاد تكون كارثية وإن ما نقرأه عبر ال«فايس بوك» على لسان المسؤولين واللاعبات والمقربين من النادي لدليل صارخ على حالة اليأس التي أصبحت تنتابهم.
أين الجامعة ؟ أين الوزارة ؟
والجمعية النسائية بالمهدية لا تمثل كما قلنا حالة معزولة بل هي نموذج معبّر للحالة المزرية لأندية وفروع كرة اليد النسائية ببلادنا وحتى تلك التي كنا نخالها محمية ومحصّنة كالنور الرياضي بأريانة أو الجمعية الرياضية بالساحل.. وأن ما يحدث بالمهدية وقفصةومنوبة وما حدث في الموسم الماضي من عدم قدرة بعض الجمعيات من التنقل بضعة عشرات من الكيلومترات لإجراء مباريات رسمية ومن انسحاب بعض الفروع كليا من الساحة أمر فعلا محيّر ومخيف يجعلنا نضع نقطة استفهام كبرى حول مصير هذه الفرق ومستقبل كرة اليد النسائية التي لا بأس أن نذكّر أنها لا تعدّ أكثر من 85 مجازة في صنف الكبريات والتي وبالرغم من مشاكلها المزمنة، استطاعت تحقيق نتائج محترمة كالمرتبة الثانية وراء العملاق الأنغولي إفريقيا إضافة الى تصدير لاعبات فاعلات في بطولات الدانمارك والنرفيج وفرنسا.
والسؤال المطروح هو الآتي: ماذا لو توفّرت العناية المرجوة بهذه الجمعيات وبكرة اليد النسائية عامة؟
ماذا تنتظر الجامعة التونسية لكرة اليد ولجنتها المركزية المتكونة من نجمتي السبعينات هادية بلحسين وليلى الزراع لتطويق أزمة المهدية وبقية الأندية؟أليس حريا باللجنة العليا للرياضة النسائية المحدثة منذ أشهر صلب وزارة الاشراف بأن تتحرّك وتجسّم نواياها المعلنة بالوقوف الى جانب الجمعيات النسائية المستهدفة؟ أم أن أحداثها ثم اجتماعاتها المتكرّرة والهالة الاعلامية التي حامت حولها كانت مجرّد ذرّ الرماد على الأعين؟
قلنا ونعيد إن طرح اشكاليات الرياضة النسائية بصفة اجمالية وادعاء إيجاد حلول شاملة لها هو خطأ استراتيجي سوف لن نجد له مخرجا.. وإن تكليف لجنة وطنية بمسألة الرياضة النسائية لا يمثل الطريقة الأسلم، بل يكون من الأنجع أن تتولّى كل جامعة على حده، وتقديم مشروع إنقاذ لفروعها النسائية على أن يقع تمويله من لدن سلطة الاشراف.
ففي حالة المهدية مثلا وما شابهها من حالات في كرة اليد النسائية، يتعيّن على الجامعة أن تسرع في دراسة وضعية هذه الأندية بمساهمة مكتب الرياضة النسائية بالوزارة لتقديم مقترحات حلول عاجلة تتكفل الجامعة بتحديدها والسهر على تطبيقها.
وإني على يقين بأن الأمر ليس صعبا ولا يستدعي تعقيدا فالحلول واضحة وجلية يكفي أن تكون الإرادة السياسية صادقة وأن تضطلع الجامعة فعلا بدورها، أما أن يبقى كل طرف في موقف المتفرّج الحائر فذلك لن يجدي نفعا.