تشهد القاهرة اليوم اختبارا سياسيا و أمنيا هاما و خطيرا بمناسبة المظاهرة المليونية التي يعتزم معارضون من خلالها اعلان رفضهم «هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على السلطة في مصر» أو «إخونة الدولة». ويخشى مراقبون للوضع الأمني المصري الهش من حدوث صدامات بين قوى أمنية مصرية يقال إنها مسنودة من قبل مليشيات إخوانية، وبين المتظاهرين بعد الأخبار التي أشيعت عن محاولة انقلابية يدبرها المتظاهرون المسنودون من طنطاوي وعنان. واتهمت جماعة الإخوان المتظاهرين بأنهم يريدون إعادة السلطة من جديد إلى الجيش.
معارضون «غاضبون»
وقد انقسم الشارع السياسي المصري حول دوافع المظاهرة و أهدافها. وأكد أمين حزب «مصر القومي» محمد خشبة أن حزبه يرفض رفضا قاطعا العملية السياسية التي شهدتها مصر في الآونة الأخيرة والتي أتت بالإخوان إلى حكم مصر، قائلا «نحن ضد ما قام به المجلس العسكري بتسليم السلطة لهم».
وطالب خشبة بمحاكمة المشير وأعضاء المجلس العسكرى الذي وصفه بأنه «قدم مصر للإخوان على طبق من ذهب وسلم للإخوان مفاتيح مصر» واتهم الإخوان بأنهم «لم يفعلوا شيئا للثورة ولم يقدموا شهيدا من شهداء الثورة إنما جنوا ثمارا لم يزرعوها، وإذا كان حسني مبارك خرج سليما فلن يخرج الإخوان إلا بالدم». وأعلنت أحزاب «مصر القومي» وحزب «الحرية» و«التجمع» مشاركتها بكامل قوتها في المظاهرات المليونية التي دعا إليها النائب السابق محمد أبوحامد لإسقاط حكم الرئيس المصري محمد مرسي وحكم جماعة الإخوان المسلمين.
وقالت مصادر مطلعة إن عددا من كبار رجال الأعمال المصريين سيشاركون وسيدعمون المتظاهرين بكل الإمكانيات المادية والبشرية. وأضافت أن هناك توجيهات عليا وقوى كبرى ستحشد عددا كبيرا من المواطنين.
ومن جهته قال عبد الحميد كمال أمين المحليات بحزب التجمع إن حزبه أصدر بيانا للمشاركة في مليونية الجمعة وذلك للتعبير السلمي عن احتجاج الحزب لهيمنة الإخوان على الدولة لافتا إلى رفض الحزب لأي أعمال عنف أو تخريب.
وأعلن حزب «الجبهة الديمقراطية» من جانبه، مشاركته رفضا لقرارات الرئيس مرسي إقالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان. وأعلنت أحزاب الناصري والوفاق القومي والشيوعي المصري ومصر القومي بدورها، الخروج في تظاهرة اليوم. من جانبه أعلن «ائتلاف أقباط مصر» مشاركته رسميا فى مظاهرة الجمعة لتأكيد مدنية الدولة واستكمال أهداف ثورة 25 جانفي، مؤكدا أنه لا يسعى إلى إسقاط الرئيس محمد مرسي. «الاخوان»... يتهمون
وقال القيادي في جماعة الإخوان محمود غزلان إن المتظاهرين على علاقة بالعسكريين الذين أحيلوا إلى التقاعد، في إشارة إلى ظهور ابو حامد منظم المظاهرة الى جانب المشير حسين طنطاوي خلال جنازة حرس الحدود ال16 الذين قتلوا في سيناء في 5 أوت الحالي. وهددت الداخلية المصرية، التي نفت وجود أي تنسيق من أي نوع بين الأجهزة الأمنية والتيارات الإسلامية أو اللجان الشعبية، بأن الشرطة «سوف تتصدى بحزم وفي إطار كامل من الشرعية القانونية لأية محاولات تستهدف اقتحام أو التعدى على المنشآت أو المرافق العامة أو الخاصة أو احتجاز العاملين بها أو إحداث فوضى أو شغب بما يؤثر على مصالح المواطنين».
وفي مقابل تأكيد عدد من الأحزاب المصرية مشاركتها في تظاهرة اليوم، أكدت أحزاب وحركات سياسية أخرى رفضها للمظاهرات التي دعا إليها النائب السابق محمد أبوحامد لإسقاط حكم محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، محذرة مما أسمتها ب«مخططات الثورة المضادة وفلول النظام السابق».
وتوحي تصريحات الأحزاب الرافضة للتظاهرة المناهضة للإخوان، بأن الأجواء السياسية في مصر أصبحت مشحونة إلى درجة شديدة الخطورة بعدما تحدثت بعض القيادات عن استعدادها لمواجهة عنف محتمل بعنف مضاد. وأكد عقيل إسماعيل عقيل المتحدث الإعلامى ل«اتحاد شباب الثورة» من جانبه، أن الاتحاد لن يشارك في المظاهرات، وسيجتهد أعضاؤه لحماية مقرات حزب «الحرية والعدالة» في حالة اللجوء للعنف.
وأكد أن الرئيس محمد مرسي جاء عبر صناديق الانتخابات ولابد من إعطائه فرصة للعمل وسيكون إقصاؤه عن منصبه عبر الصناديق أيضا. من جهته، شدد محمود معوض عضو حركة «الوفديون الأحرار» على ضرورة مواجهة كل الدعوات التي تطالب بالانقلاب على الشرعية والدستورية والديمقراطية التي فرضها الشعب المصرى وجاءت نتيجتها بنجاح الرئيس محمد مرسي رئيسًا للجمهورية من خلال انتخابات حرة ونزيهة أشاد بها العالم أجمع. وأكد «أننا سنواجه أي دعوة لاستخدام العنف أو الحرق أو التدمير أو إحراق مقرات الإخوان المسلمين أو مقرات حزب الحرية والعدالة».
وأكد أيمن نور رئيس حزب «غد الثورة» من الإسكندرية أن حزبه لن يشارك في المظاهرات نظرا للظروف الراهنة والعصيبة التي تمر بها البلاد. واعتبر نور الظروف الحالية غير مناسبة لمثل هذه الدعوات. وشدد خلال لقائه بأعضاء الحزب أمس الأول على ضرورة سلمية مثل هذه التظاهرات لأن مصر في غنى عن أي تخريب.