لطالما كنا نردد عن ظهر قلب ذلك البيت الشعري الذي قاله الشاعر عنترة بن الشداد «لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعزّ كأس الحنظل» لكن يبدو أن ثلة من المدربين التونسيين غضّوا الطرف عن هذا البيت الشعري وهانت عليهم أنفسهم إلى درجة لاتطاق وذلك بعد أن قدموا العديد من التنازلات في سبيل المحافظة على مناصبهم صلب الأندية التي يشرفون على تدريبها. إياك أن تتعجب أو ترفع حواجب الدهشة والاستغراب إذا قلنا إن المدرب فتحي العبيدي عاد من بلجيكا بحقيبة مليئة بكل الديبلومات الممكنة في التدريب الرياضي ليدرب فريقه الأم نادي حمام الأنف بدون عقد رسمي أو عوض أن يكون صانع نفسه وصاحب مصيره فإنه جعل ثقته في هيئة ناديه عمياء حتى أنه رفض «التدخل في شؤونها الفنية» وسمح لها باختيار أغلب المنتدبين الجدد (بورخيص والمحجوبي ولمجد عامر..) وذلك طالما أنها مكنته من شرف تدريب الفريق.
مدرب النادي الصفاقسي وهو نبيل الكوكي لم يكن أفضل حالا من زميله العبيدي فهو يساير مسؤولي النادي في كل قراراتهم وخاصة إذا تعلق بالرجل الذي ثبته في الفريق وهو المنصف السلامي حيث لا يردّ طلبا وينفذ كل أوامره مرددا مثلنا الشعبي القائل : « سير سير وأنا وراك بالبندير» لقد كان الشارع الرياضي يريد أن يحفظ الكوكي ماء الوجه ويغادر الفريق الذي يفاوض يوميا عشرات المدربين لإيجاد البديل المناسب للكوكي الذي يبحث عن تحقيق المجد من بوابة النادي الصفاقسي حتى وإن كان ذلك على حساب اهتزاز صورته في الساحة الكروية وحتى صلب الفريق حيث أصبح أكثر من لاعب يتطاول عليه عبر وسائل الإعلام (شاكر البرقاوي زكريا اللافي جاسم الخلوفي...وغيرهم).
هذه التنازلات لم تقتصر على العبيدي والكوكي فحسب بل انها شملت مدرب المنتخب الوطني سامي الطرابلسي الذي استسلم لقرارات وديع الجريء حيث قبل أن يعمل بدون مقابل إلى أجل غير مسمى طالما أن جماعة الجريء سمحت له بالمحافظة على المنصب الذي تداول عليه «لومار» و«هنري كاسبا رجاك» وعبد المجيد الشتالي...وذلك بالرغم من أن النتائج التي حققها الطرابلسي مع المنتخب تجعله لا يهاب أي مسؤول.
خلال الثمانينيات اشتغل المدرب نزار خنفير في خطة مساعد لمراد محجوب صلب منتخب الأواسط وها أنه بعد مرور الأيام والأعوام يعود مجددا إلى نقطة الصفر بما أنه واصل تقديم التنازلات حيث لم يتردد في العمل حاليا كمدرب مساعد في منتخب الأواسط وذلك بعد أن كان بالأمس القريب مساعدا لسامي الطرابلسي في المنتخب الأول...فهل هانت على مدربينا أنفسهم إلى هذه الدرجة ؟ ثم إذا كان المدرب التونسي يقدم كل هذه التنازلات وغير قادر على رفع رأسه عاليا في بلاده وبين أهله فماذا سيفعل عندما ينتقل للعمل في بلدان أخرى؟