بثت مساء أمس الأول وسائل إعلام مسموعة والعديد من صفحات الفايسبوك تسجيلا لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ظهر خلاله وهو يخاطب مجموعة من السلفيين ويحاول اقناعهم بأن مطالبتهم بتضمين كلمة الشريعة في الدستور هي مطلب ظاهري. والغنوشي قال ان هذا المطلب لا يقدم شيئا للإسلام وان ما تحصلت عليه الحركات الإسلامية في تونس يمكن ان تفقده بسبب عدم سيطرة الحركة على الحكم بعد بسبب ما قال انه سيطرة العلمانيين على مفاصل الدولة في الأمن والإدارة والإعلام والجيش وانه ليس هناك شيء مضمون بعد .
وقد أكّدت النهضة في بيان لها أمس أنّ الشريط قديم ويعود تحديدا إلى شهر فيفري الفارط وقد تمّ التلاعب بمضامينه وتركيب الجزء الّذي تمّ تداوله وكأنّه حديث جديد بما قد يُعطي الانطباع لدى سامعيه بخطورة أو تغيّر في مواقف الحركة من ملفات على غاية من الأهميّة والخطورة مثل مدنيّة الدولة وتحييد المؤسستين الأمنيّة والعسكريّة.
ومن الواضح أنّ تسريب هذا الفيديو بالعناوين الّتي رافقته يندرج في سياق المناورات الجارية حاليا في الساحة السياسيّة والتي هي على علاقة بمساعي الوصول إلى وفاق جديد للمرحلة القادمة غداة موعد 23 أكتوبر الجاري ، وعلى علاقة أيضا بمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل المزمع تنظيم أولى لقاءاتها يوم 16 أكتوبر وهي المبادرة التي رآها عديدون مدخلا حقيقيّا لإنهاء التجاذب السياسي بين السلطة والمعارضة والجلوس إلى طاولة الحوار بحثا عن أجندة موحّدة للفترة القادمة.
ومن المؤكّد أنّ الأيام القادمة ستكشف ما إذا كان من يقف خلف تسريب هذا «الفيديو القديم» وبمثل تلك العناوين الخطيرة الّتي يمتزج فيها تخوين حركة النهضة وزعيمها واتهامهما بازدواجية الخطاب وتلوّنه والسعي لإقامة دولة إسلاميّة على مراحل وبتدرّج.
قد يكون من السهل العثور على إجابة جليّة لسؤال لماذا الآن؟، ولكن لا بدّ من الانتظار لمعرفة من قد يكون يقف خلف هذا التسريب والأهم من سيستفيد من ما جرى. فهل سيكون هذا الفيديو «قنبلة موقوتة» قد تلقي بظلالها على المشهد السياسي أم سيكون «زوبعة في فنجان» عابرة لا تأثير لها...لننتظر.
هذا ما قاله الغنوشي في الفيديو المسرّب : أركان الدولة ومفاصلها ما زالت بيد العلمانيين..وقسم من التونسيين يخاف الشريعة
في ما يلي نص الحديث الذي يبدو انه سجل دون علمه: لم يكن العلمانيون يتصورون ان النهضة ستأخذ السلطة فقد ظل الباجي يؤكد خلال سنة كاملة ان الإسلاميين في أقصى الحالات لن يتحصلوا على اكثر من 20 بالمائة أي انه يمكن السيطرة عليهم بمنحهم وزير او اثنين لكن المفاجأة الكبرى ان النهضة ورغم القانون الانتخابي الجائر الذي وضعوه ورغم ذلك حصلت النهضة على هذه القيمة التي لم يعد ممكنا معها اقصاءها بل هي أصبحت تدير العملية وهذا لم يكن منتظرا من احد لا في الغرب ولا في الشرق ان تأخذ النهضة الحكم.
النهضة خرجت من تحت الركام وفي سنة واحدة لملمت نفسها وكما قلت الشعب يريد هذا الدين، الآن الفئات العلمانية في هذه البلاد صحيح انها لم تاخذ الأغلبية لكن انظروا الى الاعلام بيد من الآن هو بيدهم والاقتصاد بيدهم والادارة التونسية نحن في اعلى هرم السلطة لكنها مازالت بداية من العمد وها انتم ترون كيف ان التجمع راجع وبيدهم الاعلام الجيش، الجيش غير مضمون والشرطة ليست مضمونة ، وبالضرورة الأعوان الذين قاموا بذلك هل اذن لهم علي العريض بذلك هم مازالوا موجودين السلسلة كلها مليئة بهم.
اقول لاخواننا في ظل هذه الأوضاع لا يغرنكم العدد كونكم خرجتم بألف وألفين وعشرة آلاف وعشرين ألف لا يغرنكم العدد فأركان الدولة مفاصل الدولة ما زالت بأيديهم، خذوا وقتكم لتغيروا الآن ليس لدينا جامع بل لدينا وزارة الشؤون الدينية الآن ليس لدينا دكان وانما لدينا الدولة لكنكم قوم تستعجلون.
انا اقول للشباب السلفي البارحة كنا كلنا في قلب الرحى الآن المساجد بيدكم تدرسون متى شئتم الآن من أراد ان يؤسس تلفزة فليؤسس تلفزة ومن يريد ان ينشئ جامعة وان اردتم القيام بمخيمات وتستدعون الدعاة من كل مكان لكن لماذا انتم مستعجلون؟ لماذا لا تأخذون وقتكم حتى تهضموا تلك الاشياء التي تحققت لكم؟ هل تظنون ان ما تحقق لكم غير قابل للتراجع فيه؟ هكذا كنا نظنّ نحن في الجزائر سنة 1991 عندما كنا هناك وأظهرنا مدعومة بالجزائر، كنا نظن ان الجزائر اقلعت ووصلت الى نقطة اللا عودة وتبين ان ذلك كان تقديرا خاطئا وعدنا الى الوراء واصبحت المساجد تحت سيطرة العلمانيين من جديد والإسلاميون مطاردون، ألا يمكن ان يحصل هذا في بلادنا؟ هم انتخبوا بثمانين بالمائة وتم التراجع عن ذلك مع ان النخبة العلمانية في بلادنا اقوى منها في الجزائر والإسلام الجزائري اقوى من الإسلام التونسي ومع ذلك تم التراجع.
العاقل هو من اذا حصل على كسب يأمنه يضعه في الجيب يضعه في خزانة ويغلق عليه حتى اذا اراد المضي الى الأمام يضمن ان ما كسبه اصبح مضمونا، نحن كسبنا يا اخواننا في سنة واحدة شيء عظيم وهو ليس مكسب ثابت او نهائي انظروا الى المؤامرات التي تدور حولنا الآن وكلهم بصدد التجمع الآن التجمع بصدد التجمع ضد من ضد الإسلام ونحن عوضا عن ان نعطي خطابا تطمينيا لا يخيف الناس ونقول ان هذا الكسب الذي حصلنا عليه نؤمنه ونزيد عليه كم عندنا من الجمعيات من المفروض ان نملأ البلاد بالجمعيات وننشئ المدارس في كل مكان الناس مازالت جاهلة بالإسلام في سنة واحدة نحن انتقلنا من تحت الارض الى الحكم أولادنا في الحكم لم يتعلموا بعد الحكم والوزارات الذين هم فيها هم في أعلى الهرم في الوزارة لكن كل ما تحتهم ملغم، هم يحتاجون الى الوقت أولا ليتعلموا كيف يحكمون وكيف يأمنون محيطهم ليصبح محيطا يتعاون معهم وليس يتآمر عليهم لا يجب يا اخواننا ان نتبع حماس الشباب فهو جيد ولكن يجب ان نحكم بلجام العقول الآن هل هناك مصلحة حقيقية للإسلام في ان نضيف الى نص الدستور الموجود التنصيص على الشريعة؟ هل هناك مصلحة لنخوض هذه المعركة؟ السياسة تحكم بالظاهر سلم بالإسلام دينا للدولة أما موضوع الشريعة هناك قسم من التونسيين خائف من الشريعة، نحن لدينا فرق بين الشريعة والإسلام ليس لدينا فرق وانما هي اسم آخر لأن الشريعة هي في معناها الحقيقي عقيدة وشعائر وشرائع وحتى اخواننا المتحمسين لتطبيق الشريعة نقول يا اخواننا تريدون ان نطبق الحدود يقولون لا هذا مازال.
طيب ماذا تريدون يريدون النص لماذا؟ يقولون لأن النص سيقيد السلطة أقول ان النص السابق لم يقيد السلطة هذا كله نظرة سطحية ليس فيها عمق واحد متمسك بالنص نص الشريعة وهذا الإسلام الظاهري والعلماني الظاهري أيضا متمسك بالإسلام ورافض للشريعة وهذا مثل ما فعل سيدنا عمر لبني تغلب الذين قالوا لا ندفع الجزية لأن فيها حط من شأنهم فقال ماذا تريدون قالوا ندفع الزكاة فضحك سيدنا عمر المهم ان تدفعوا ، هم قبلوا المسمى ورفضوا الاسم.
العلمانيون قبلوا الإسلام ولم يقبلوا الشريعة هذا يكفي أقبلوا الإسلام فقط لأن الله قال ان الدين عند الله الإسلام ورضيت لكم الإسلام دينا، النص لم يقيد السلطة في السابق، هذا نظر شكلي لأنه متى قيدت النصوص الدول؟ النص الرجال هم الذين يحركونه.
زيتون ل«الشروق» : محاولة لتوتير الأوضاع وضرب احد رموز الاعتدال في تونس تعليقا على مقطع الفيديو المسرب حول لقاء رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بعدد من اعضاء التيار السلفي قال لطفي زيتون عضو مجلس شورى الحركة والوزير المستشار لدى رئيس الحكومة ان من اختار هذا التوقيت لإعادة نشر هذا الفيديو وبشكل مركب وتحت عناوين مغلوطة وعلى غاية من الخطورة انما يهدف الى توتير الأوضاع في البلاد ، وأضاف : هذا العمل يدخل في اطار توتير الأجواء وفي علاقة ببعض الاستحقاقات والغاية من وراء ذلك هي التشكيك في شرعية الحكومة والسلط القائمة .
وأفاد زيتون بان هذا الصنيع وهذه الفبركة تذكر بما كان يحدث في السابق من محاولات ممنهجة لضرب الرموز السياسية وتشويه صورها لدى الرأي العام مؤكدا ان الفترة الاخيرة شهدت تركيزا واضحا من أجل تشويه صورة الشيخ راشد الغنوشي باعتباره رئيس حركة النهضة احد مكونات الترويكا الحاكمة وباعتباره أيضاً رمزا من رموز الاعتدال في الفضاء العربي الاسلامي والذي يلقى ترحيبا متزايدا واهتماما كبيرا من مختلف وسائل الاعلام في الخارج واحتراما من السياسيين والمحللين في اكبر المحافل والدوائر الإقليمية والدولية .
وأضاف زيتون ان الاعلام الدولي ينقل صورة جيدة عن الشيخ راشد الغنوشي وعن أفكاره الوسطية والمعتدلة والتي يشيد بها الجميع وحتى بعض الوسائل التي تنساق وراء بعض الإشاعات سرعان ما تعدل عن مواقفها وتصحح ما تنشره من اخبار مغلوطة مثلما فعلت ذلك صحيفة الاندبندت البريطانية مؤخراً مؤملا عدم انخراط وسائل أعلامنا الوطنية في حملات التشويه والتشكيك وملازمة حيادها تجاه مختلف الأطراف السياسية ونقل الحقائق لا الإشاعات والأكاذيب الى الناس ومحاولة مغالطتهم .
وقال زيتون ان هذه الأطراف لن تؤثر في الواقع على الاطلاق لأن مواقف الشيخ راشد معروفة وأضاف: ليس لنا ما نخفي في حركة النهضة والفيديو المتحدث عنه منشور على المواقع الاجتماعية منذ اشهر وهو ما يطرح السؤال حول توقيت اعادة نشره وبذلك الاجتزاء والتركيب وما هو الهدف من وراء كل ذلك خاصة وان البلاد تشهد مسارات جدية لبلوغ توافق وطني حول الاستحقاقات القادمة .
واكد عضو مجلس شورى النهضة ان الشعب التونسي ذكي ويفهم مثل هذه الألاعيب والغاية منها وان النهضة ستبقى على تعهداتها في دعم السلم الاجتماعي والتوافق الوطني وفق المبادئ التي اعلنت عنها في اكثر من مناسبة.
وجدد المتحدث تأكيده على ان الفيديو المتحدث عنه ليس من الأسرار كما حاول مروجوه الإيهام بذلك وقد جاء مضمونه في سياق لقاءات أجراها قيادات الحركة ومنها الشيخ راشد الغنوشي مع بعض الأخوة السلفيين - على حد عبارته - في إقناعهم بالموقف من إدراج الشريعة في الدستور وأهمية المحافظة على الهدوء ودفعهم الى التهدئة.