انطلقت الاستعدادات حثيثة لموسم جني الزيتون بجهة المهدية من مختلف الأطراف المتدخلة في ظل توقعات بصابة قياسية تبلغ قرابة ثلاثة أضعاف إنتاج السنة الفارطة قد تعترضها صعوبات كبيرة على مستوى نقص اليد العاملة، وتصريف مادة المرجين. وتقدر صابة الزيتون لهذا الموسم بولاية المهدية بحوالي 150 ألف طن لذلك فقد استعدت الجهات المسؤولة منذ المراحل الأولى من خلال مداواة قرابة 5 مليون شجرة ضد حشرة «العثة»، وبالنظر إلى أهمية الصابة لهذا الموسم فإن صعوبات جدية يمكن أن تشهدها استعدادات الموسم الحالي في عملية جني الزيتون وخاصة على مستوى نقص اليد العاملة رغم أن يد العاملة العائلية تلعب دورا هاما في جمع الصابة (75 بالمائة بالمناطق الساحلية و50 بالمائة بالمناطق الداخلية)، حيث تقدر الحاجيات من اليد العاملة لهذا الموسم ب 2 مليون يوم عمل.
وتبقى مشكلة تحديد سعر الزيت هاجسا للفلاح قي ظل انحسار دور ديوان الزيت باعتباره كان يمثل الهيكل إلى رئيسي في منظومة قطاع الزيت من إحاطة ودعم للمنتجين لحثهم على تحسين الإنتاجية والرفع من جودة الزيوت التونسية، وحسن ترويجها والنهوض بالتصدير وتعديل السوق الداخلية فوجوده ضروري مع إدخال إصلاحات هيكلية على مستوى منظومة عمله رغم الدعوات بحله على المستوى الوطني لما شابه من فساد وما تسببه من خسائر فادحة لأهل القطاع. كما تشكو جهة المهدية عموما من نقص في عدد «الجوابي» لحفظ الزيت نتيجة تخلي العديد من المالكين عنها، وتحول أغلب المعاصر إلى قاعات للحفلات والاجتماعات، حيث كان ديوان الزيت يكتريها سابقا إضافة لمخازنه الستة التي تبلغ طاقة استيعاب الواحدة منها حوالي 300 طن والتي تم التفويت فيها لفائدة الشركة التعاونية للخدمات الفلاحية والصناعية «زويلة». والثابت أن شركة «زويلة» عندما توجهت في السابق بهذه النوعية من الخدمات حققت أرباحا تساوي تقريبا 6 مليارات.. لنتساءل عن نسبة الخدمات والنشاط الفلاحي الموجه من الشركة لفائدة المتعاضدين من فلاحيها منذ سنة 2010 تاريخ تقلد مجلس الإدارة الحالي لمهامه والذي قدر تقريبا ب20 بالمائة فقط من جملة نشاط الشركة؟ ومن جهة أخرى تبدو عملية تصريف مادة المرجين الملوثة الحلقة الأضعف في منظومة إنتاج الزيت بالمهدية بالنظر إلى ما تمثله من تهديد بيئي جاد يستدعي تضافر جميع المتدخلين في الميدان الفلاحي للحد من آثاره السلبية على البيئة والمحيط بالجهة من خلال إحداث مصبات للمرجين مطابقة للمواصفات القانونية، وتنشيط لجان محلية تسهر على مساعدة أصحاب المعاصر على الاستعداد لتصريف مادة المرجين في أحسن الظروف، واتخاذ التدابير الضرورية لضمان إنتاج زيوت ذات جودة رفيعة وذلك بتكثيف المراقبة والزيارات الميدانية للمعاصر.
إن منظومة زيت الزيتون تبقى في حاجة إلى إعادة هيكلة عميقة عبر اتخاذ قرارات جريئة على غرار دفع نشاط التحويل وتطويره بالجهات، وتأهيل وحدات العصر ووحدات التعليب بهدف تطوير إنتاجها من الزيت وتحسين جودته.