أوقعت قرعة كأس افريقيا للأمم التي ستقام في بلد «مانديلا» خلال الفترة المتراوحة بين 19 جانفي و10 فيفري 2013، المنتخب التونسي في المجموعة الرابعة مع الجزائر والكوت ديفوار والطوغو وهو ما جعل الهلع يدبّ في نفوس كل الاطراف المحسوبة على «نسور قرطاج». في الحقيقة هذا التخوّف من مواجهة «محاربي الصحراء» (الجزائر) و«الفيلة» (الكوت ديفوار) على اعتبار انهما اثنان من أفضل المنتخبات في «القارة السمراء» ليس له ما يبرره وهو ما سنبيّنه في هذه السطور.
حتى لا ننسى
ليست المرة الأولى التي يجد فيها منتخبنا الوطني نفسه وجها لوجه مع منتخبات عتيدة على الصعيد القاري فقد كان في كل مناسبة يكذب كل التكهنات ويقتلع بطاقة العبور الى الدور الثاني، ويكفي ان نذكر بما حصل في «كان» 2000 بغانا ونيجيريا حيث ضمت مجموعة فريقنا الوطني في تلك النسخة أصحاب الارض نيجيريا وكذلك المغرب ومع ذلك تمكن «نسور قرطاج» من الترشح الى الدور الثاني وبلغ منتخبنا الوطني ايضا الدور الثاني في «كان» 1996 رغم ان مجموعته في الدور الاول كانت تضم منتخبين قويين وهما غانا والكوت ديفوار اللذان بلغا الدورين ربع النهائي ونصف النهائي على التوالي في «كان» 1994 بتونس.
منتخبنا متعود على اسقاط «الأشقاء»
في «كان» 2012 أشارت أغلب التوقعات الى أن المنتخب التونسي سيسقط بالضربة القاضية ضد المنتخب المغربي وذلك باعتبار ان مدرب منتخب المغرب وهو البلجيكي «غيراتس» آنذاك بحوزته ترسانة من النجوم التي تنشط في أقوى الدوريات الأوروبية ولكن أبناء الطرابلسي تمكنوا من قهر «أسود الأطلسي» بفضل ثنائية القربي والمساكني كما ان المنتخب التونسي واجه في السابق منتخب «الفراعنة» في «الكان» وتمكن من الفوز عليه بهدف لصفر في دورة 2000 لذلك نعتقد ان تونس قادرة على إعادة السيناريو نفسه ضد منتخب الجزائر الذي يضم بدوره عدة لاعبين محترفين (نسبة المحترفين في المنتخب الجزائر تقدر حاليا بحوالي 52٪) في بطولات أوروبية مثل البرتقال وفرنسا وإسبانيا.. ويحتل هذا المنتخب حاليا المركز 24 على الصعيد العالمي والثاني على المستوى الافريقي ويشرف على حظوظه المدرب وحيد خليلوزيتش الذي يتمتع بخبرة أكبر من تلك التي بحوزة الطرابلسي بما انه اقتحم عالم التدريب منذ عام 1990 كما انه يعرف جيدا الكرة العربية الافريقية حيث درب الرجاء البيضاء واتحاد جدّة ومنتخب الكوت ديفوار... إلا ان كل هذه المعطيات قد لا تعني الكثير بالنسبة الى منتخبنا الوطني الذي يدرك ان منتخب الجزائر أصبح كتابا مفتوحا بما ان فريقنا الوطني واجه «محاربي الصحراء» في 42 مناسبة (مقابلات رسمية وودية) وكان منتخبنا التونسي قد ترشح الى الدور النهائي في «الشان» على حساب الجزائر عام 2011 أي أن فريقنا يتمتع بأسبقية معنوية هذا دون ان نغفل حقيقة أخرى وتتمثل في الانهيار المفاجئ لمحاربي الصحراء في بعض مبارياتهم القارية كما حدث في «كان» 2010 عندما انهزم المنتخب الجزائري بثلاثية نظيفة ضد «المالاوي» دفاع هذا الفريق أيضا ليس في أفضل حالاته بدليل أن شباكه تلقت هدفين ضد غامبيا في إطار المرحلة الثانية من تصفيات «الكان» وتلقت ثنائية أخرى في مباراته ضد مالي في إطار التصفيات المؤهلة للمونديال..
خبرة الاطار الفني في الميزان
مخاوف الشارع الرياضي في تونس لم تقتصر على مقابلة «الدربي» ضد الجزائر وإنما شملت ايضا منتخب «الفيلة» منافس منتخبنا الوطني في الجولة الثانية وهذا الرأي تبناه ايضا مدرب الجزائر وحيد خليلوزيتش الذي قال إن منتخب الكوت ديفوار المرشح الأول للترشح الى الدور الثاني وقد نفسر هذا الموقف بالكم الهائل من النجوم الموجودين في صفوف هذا المنتخب الذي يعوّل على اللاعبين المحترفين والمعروفين مثل جيرفينهو (أرسنال) وياياتوري (مانشستريونايتد).. ولكن هذا لا يعني ان منتخبنا الوطني غير قادر على الإطاحة بالفيلة لأن «نسور قرطاج» بإمكانها تجاوز عقبة زملاء «سالومون كالو».
سامي الطرابلسي أصبحت لديه خبرة المقابلات القارية وذلك على عكس مدرب منتخب «الفيلة» وهو الفرنسي التونسي صبري اللموشي الذي لا يملك في جرابه الا الخبرة التي اكتسبها كلاعب وهذا دون اعتبار عدة نقاط أخرى قد تخدم مصلحة منتخبنا الوطني منها تراجع الأداء الدفاعي لهذا الفريق بالمقارنة مع ما كان عليه في النسخة الماضية من كأس افريقيا للأمم حيث يلاحظ أن شباكه تلقت ثنائية ضد المغرب (تصفيات المونديال) وثنائية أخرى ضد السينغال (تصفيات الكان).. ومن المؤكد ايضا ان مردود النجم «دروغبا» سيتراجع مقارنة مع السابق بعد ان تحول للاحتراف في الصين رغم انه نجح في تسجيل أكثر من هدف لمنتخب بلاده خلال الفترة الماضية، ولا ننسى كذلك المخلفات النفسية التي يعاني منها هذا الفريق جراء فشله الذريع في النسخ الماضية من «الكان» بما انه خسر النهائي في «كان» 2012 ضد زمبيا وحدث الأمر نفسه في 2006 بمصر عندما تنازل عن اللقب لفائدة منتخب الفراعنة..
منتخبنا قادر على الذهاب بعيدا
ينبغي على كل الاطراف المحسوبة على منتخبنا الوطني ان تدرك بأن فريقها مطالب بالذهاب بعيدا في «كان» 2013 وذلك لعدة أسباب موضوعية أهمها الخبرة القارية التي بحوزة عناصره الدولية التي خاضت عدة نهائيات افريقية مثل عصام جمعة الذي سجل حضوره في العرس الافريقي منذ دورة 2006 مجدي التراوي الذي يشترك بانتظام منذ نسخة 2008 بالاضافة الى المثلوثي والسويسي والجمل والقربي والدراجي ويوسف المساكني والذوادي... وغيرهم.
لقد مثلت هذه الاسماء المنتخب في النسخ الأخيرة من «الكان» ومن المنتظر ان يتفادى فريقنا الوطني تلك الأخطاء الفنية القاتلة التي قام بها فوزي البنزرتي في كان «2010» او كذلك الهفوات الفردية الفادحة لبعض اللاعبين كما حدث في «كان» 2012 عندما انسحبنا في الدقيقة 101 ضد غانا بعد الهفوة التي قام بها الحارس أيمن المثلوثي في إطار الدور ربع النهائي.
ولابدّ كذلك من أن نتجنب الوقوع في فخ الاستفزاز خاصة أمام الجزائر لأن هذا الفريق عادة ما يستغل هذه النقطة لصالحه (تذكروا مباراتيه ضد مصر وليبيا)، ونظن كذلك ان الاطار الفني سيحاول ايجاد الحلول المناسبة على مستوى الاختيارات البشرية تجنبا لجميع أنواع الطوارئ وخاصة الاصابات لأننا نرفض بصراحة أن نعلل فشلنا في مسابقة قارية بغياب لاعب معين كما حدث في نسخة 1994 بتونس عندما برر بعضهم فشلنا الذريع في «الكان» بغياب معلول عن تشكيلة «نسور قرطاج».. وأخيرا لابد من التذكير بأن منتخبنا الوطني يعج بالعديد من المواهب الكروية القادرة على قيادة الفريق الى الأدوار المتقدمة من «الكان» وقد وقفنا على هذه الحقيقة في «كان» 2012 عندما سجل منتخبنا عدة أهداف عن طريق انجازات فردية من يوسف المساكني وعصام جمعة... هذه كلها معطيات تؤكد ان منتخبنا الذي سيظهر للمرة السادسة عشرة في هذه النهائيات القارية قادر على الذهاب بعيدا في «كان» 2013.
الحلقة الأضعف
المنتخب الطوغولي سيكون على الورق الحلقة الأضعف في مجموعة المنتخب الوطني ومن المنتظر ان يحسم أبناء الطرابلسي نتيجة هذا اللقاء لفائدتهم شرط عدم الوقوع في فخ الاستسهال مع العلم ان فريقنا الوطني كان قد فاز ذهابا وإيابا على حساب هذا المنتخب في تصفيات «كان» 2012.