كان أحباء المنتخب ينتظرون بفارغ الصبر مباراة تونس أمام الغابون للوقوف على اختيارات المدرب الوطني سامي الطرابلسي خاصة منها البشرية لأن الوقت أزف ولم يعد يسمح بمزيد التردد في اختيار التشكيلة الأساسية. الطرابلسي حزم أمره ودخل اللقاء بالتشكيلة التي من المرجع أن يلعب بها خلال ال «كان» والتي تعكس خياراته التكتيكية وكانت هذه التشكيلة كما انتظرها أغلب المتابعين للمنتخب حيث طفا عليها الطابع الدفاعي باقحامه لسبع لاعبين ذوي صبغة دفاعية (4 مدافعين وثلاثة لاعبي وسط دفاعيين).
أرجل ثقيلة
يبدو واضحا أن المنتخب ليس في أفضل حالاته بدنيا وهذا مفهوم بحكم ان تربص قطر خصصه المدرب بالكامل للإعداد البدني باعتبار أن المنتخب ينتظره «ماراطون» من المباريات في حيز زمني محدود اضافة إلى ان عديد اللاعبين عائدون من اصابات كما يشكو بعضهم من غياب نسق المباريات ولأن الطرابلسي اختار ان يكون المنتخب «محطة اعدادية وتأهيلية لعديد اللاعبين فإنه كان مضطر للعمل أكثر على الجانب البدني ونأمل أن يتجاوز اللاعبون هذا الضعف البدني وان يعطي التربص ثماره حتى يكون المنتخب جاهزا كما ينبغي يوم 22 جانفي الجاري.
خطة العادة
أما في ما يخص الخيارات الفنية فان الطرابلسي كان وفيّا لخطة العادة التي دأب المنتخب على اللعب وفقها منذ عهد كاسبارزاك والتي تقوم على تفعيل الجانب الدفاعي والاعتماد على الكرات الطويلة أما في العمق أو في تحويل وجهة اللعب من اليمين إلى اليسار لمفاجأة المنافس وهي خطة تعتمد في جانبها الهجومي على عامل الحظ أكثر من أي شيء آخر لأن أغلب التمريرات ليست بناء على رؤية فنية واضحة وتخطيط هجومي محكم بل تعتمد على «تطويل» الكرة نحو المهاجم الصريح في تشكيلة المنتخب في الشوط الأول صابر خليفة لذلك كانت أغلب الكرات بلا عنوان أما يقتنصها الحارس أو يكون المهاجم في وضعية تسلل، الكرة الوحيدة تأخر الحارس الغابوني في الخروج لها فالتقطها صابر خليفة في الدق 15 ليسجل بها هدف المنتخب وذلك إثر امداد من المساكني.
افتكاك وسط الميدان
المنتخب الغابوني افتك منطقة الوسط من منتخبنا رغم وجود خمسة لاعبين تونسيين في هذه المساحة من الملعب ومارس ضغطا عاليا في مناطقنا ليحرم اللاعبين من فرصة التحكم السليم في الكرة وهذا خلل لم يجد له المدرب الطرابلسي أي حل الا اعتماد الكرات الطويلة بل إن الغابون خلقت أكثر من فرصة في شوط المباراة الأول خاصة في الدقيقتين 29 و 32 إثر خطإ دفاعي واضح في التمركز لينفرد في الأولى انغيما وفي الثانية لنغوالاما بالحارس بن شريفية الذي انقذ الموقف في المناسبتين.
تغييرات مكثفة
بين الشوطين أحس الطرابلسي بأخطائه الفظيعة على مستوى اختياراته البشرية فقام بأربع تغييرات دفعة واحدة حيث اقحم التراوي مكان البوسعايدي وشمس الدين الذوادي بديلا عن الهيشري والخزري عوض الدراجي وعصام جمعة مكان المولهي حيث اكتشف بطء الهيشري وعدم تجانسه مع عبد النور مما أثمر فرصتين خطيرتين للغابون كما خفف من وطأة حذره المبالغ فيه باعتماد مهاجم عوض متوسط ميدان دفاعي اضافة إلى رغبته في تنشيط الهجوم بالاعتماد على الخزري بعد ان فشل الدراجي في خطته لكن رغم هذه التغييرات فإن المبادرة بالهجوم كانت للغابون الذي ضغط في الدقائق الأولى للشوط الثاني على منتخبنا إلى ان سجل هدف التعادل في الدق 50 بعد تسديدة قوية من نغيما ردها الحارس بن شريفية بصعوبة لتجد لنغوالاما في الاستقبال أمام بهتة مدافعينا.
هيجان غابوني
تغييرات الطرابلسي كانت اعتباطية وزادت المنتخب وهنا على وهن وأثبت أنه مازال لم يحسم أمره في خصوص اختياراته البشرية ومازال غير معني بتوفير اللحمة والتجانس سواء بين اللاعبين أو بين الخطوط وتأكد خطؤه في عدم الاستغناء عن التراوي الذي ما ان دخل الملعب حتى أصبح الدفاع يعاني لأن وسط الميدان الدفاعي فقد فعاليته ليجد الغابونيون أنفسهم في أكثر من مرة في مواقع مناسبة للتسجيل لولا يقظة الحارس بن شريفية.
المراجعة ضرورية وشجاعة المدرب مطلوبة
المباراة أكدت أن المنتخب التونسي غير جاهز على كل المستويات وتأكدت أكثر عشوائية المدرب في اختياراته البشرية فالطرابلسي بدأ خائفا من ابعاد اللاعبين الذين لا مكان لهم في المنتخب مثل التراوي وشمام وتأكد ظلمه لعديد اللاعبين الذي أبعدهم أو تركهم في تونس مثل البدوي ومعلول والخنيسي.