طويت نهائيا صفحة مبادرة رئيس الحكومة حمادي الجبالي لتكوين حكومة تكنوقراط ولم تشفع للجبالي المشاورات الماراطونية. المحاولات العديدة التي اجراها طيلة الأيام الماضية وختمها أمس باجتماع تشاوري مطول مع ممثلي الاحزاب بدار الضيافة بقرطاج . وفي حدود الساعة الثامنة خرج الجبالي من الاجتماع ليعلن للاعلاميين أن مبادرته كما قدمها (حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة لا تكون فيها تجاذبات وتعمل لكل التونسيين وفق برنامج للذهاب إلى الانتخابات ولتلبية مطالب الشعب) لم تحظ بالوفاق المنتظر.
وقال إن الاتفاق حولها في المجلس التأسيسي صعب ، لكن دون أن يحمل المسؤولية لأي كان. وقال انه سيتوجه اليوم الثلاثاء إلى رئيس الجمهورية منصف المرزوقي المعني هو أيضا بالخروج من المأزق لينظر معه في الخطوات القادمة التي سيقع اتخاذها للخروج من «المأزق» السياسي الذي تعيشه البلاد اليوم والذي طال أكثر من اللزوم.
وقال الجبالي من جهة أخرى أنه لاحظ خلال الجلستين التشاوريتين تطورا مهما نحو البحث عن وفاقات للخروج بحل آخر. ورغم الفشل في الوفاق حول مبادرته إلا أن هناك حرصا من الجميع على البحث عن مبادرة اخرى تفضي الى توافق جديد. والباب لم يغلق حسب الجبالي. وقال أنا بطبعي غير متشائم ولأن العقل والذكاء التونسيين سيمكنان من الخروج بحل آخر خدمة للشعب.
وقال «يكفي مبادرتي فخرا أنها جنبت البلاد يوم 6 فيفري انزلاقا إلى ما لا يحمد عقباه وجمعت كل الأحزاب على صعيد واحد لاول مرة وفتحت الآن الباب انطلاقا من مسؤولية الاحزاب للبحث عن مصلحة البلاد وليس من خيار اليوم في تونس غير ذلك».
وحسب ما تسرب من الاجتماع ، فان هناك اقتناعا من كل الاطراف ان هناك اليوم ازمة سياسية خانقة في البلاد. واتضح أن حزب النهضة وجزءا من حزب المؤتمر وبعض النواب القريبين منهما كانوا رافضين بصفة قطعية للمبادرة وهو ما يعني أنها لن تحظى بالموافقة داخل التأسيسي عند عرضها عليه .
واتضح ان الحديث دار في الاجتماع عن حكومة مصغرة العدد فيها مزيج من الكفاءات المتحزبة وغير المتحزبة مع تحييد وزارات السيادة تحييدا تاما ولا تترشح للانتخابات القادمة .
لكن يبدو أن الجميع أثنوا على مبادرة الجبالي رغم فشلها باعتبارها دفعت بالجميع (حتى لمن رفضها) للتحرك بحثا عن وفاق جديد وعن صيغ جديدة للحكم تخرج البلاد من المأزق الذي لم ينكره أي كان ، وكل ذلك دوما في إطار الشرعية والوفاق.
ويبدو انه تم الاتفاق على أن تكون الخطوات التشاورية القادمة اوسع من التي جرت في الايام الاخيرة وستشمل اتحاد الشغل واتحاد الاعراف وعديد مكونات المجتمع المدني والسياسي.
وهناك شبه اجماع أن دور حمادي الجبالي سيتواصل حاسما في مواصلة البحث عن وفاق جديد في الفترة القادمة خاصة بعد الثقة التي حظي بها في نظر الاحزاب والشعب أيضا.