رغم النداءات المتكرّرة في أكثر من مناسبة للفت نظر السلط الجهوية إلى ضرورة الإسراع بتأمين التجهيزات والمعدّات اللازمة لمركز شرطة مدينة قصور الساف، بما في ذلك وسيلة نقل من شأنها تسهيل مهمّة الأعوان في العمل الميداني، والقيام بواجبهم على أحسن وجه، والسهر على راحة المواطن في أفضل الظروف، إلاّ أنّ الحال بقي على ما هو عليه ممّا أثّر على عمل الأعوان في أغلب تدخلاتهم التي افتقدت السرعة والنجاعة المطلوبتين، الأمر الذي جعل الأهالي يطالبون بتوفير الأمن. ولعلّ ما شهدته البلاد مؤخّرا من انفلات أمني بعد حادثة اغتيال المناضل الشهيد شكري بلعيد كان كفيلا بطرح هذه المسألة من جديد، خاصّة بعد فشل أعوان الأمن في السيطرة على عمليات النهب والسرقة التي ما فتئ يتعرّض لها المواطنون في مدينة قصور الساف تزامنا مع تفشّي ظاهرة الاعتداءات بشكل مكثّف وهو ما حتّم على شباب هذه المنطقة، والأهالي بصفة عامة، حراسة المؤسسات العمومية والخاصة، والمحلات التجارية، والمنازل، والقيام بعمليات تمشيط موازية، ومساندة الدوريات الأمنية المشتركة بين أعوان مركز شرطة قصور الساف وأعوان مركز سلقطة باعتبار افتقاد المركزين لوسائل النقل الكافية، والكفيلة بالتصدّي للمارقين والخارجين عن القانون من الذين يتحيّنون الفرص لشنّ حملات السرقة والمداهمات المدروسة والمنظّمة لذلك كان من الضروري أن تتكاتف مجهودات جميع الأطراف لمقاومة هذا الخطر الداهم والمتربّص بالأهالي والمواطنين في كلّ لحظة.
وفي الحقيقة فإنّ ما شاهدناه في مدينة قصور الساف خلال الآونة الفارطة جعلنا نستحضر تلك اللقطات الجميلة التي جمعت التونسيين أيام الثورة الأولى، حين هبّ الجميع بمختلف انتماءاتهم واختلافاتهم إلى حراسة الأحياء، والمقرات الحساسة.
ورغم أن عددا من المواطنين يرون أن الفرق الأمنية هي المخوّلة الوحيدة لحماية المؤسسات، والممتلكات الخاصة والعامة طبق القانون، إلا أنّ البعض الآخر يؤكد أن هذه التحرّكات كانت عفوية وتلقائية دون المساس من سلطة الدولة، والغاية منها حماية المدينة شعورا منهم بالمسؤولية باعتبارهم جزءا من المجتمع في هذا الظرف الانتقالي الدقيق الذي تمر به البلاد.