مثلت صباح أمس الاستاذة الجامعية رجاء بن سلامة أمام مكتب قاضي التحقيق بالمكتب الثالث بالمحكمة الابتدائية بتونس وذلك على خلفية الشكاية الجزائية التي رفعها ضدها المقرر العام للدستور الحبيب خضر القيادي بحركة النهضة. وقد قرر قاضي التحقيق إلغاء بطاقة الجلب التي كان قد أصدرها في شأنها مع تأخير الاستماع الى أقوالها الى 5 أفريل القادم. وقد جاء في الشكاية الجزائية التي رفعها الاستاذ مراد العبيدي في حق منوبه الحبيب خضر أن هذا الاخير موكل قانونا من طرف الشعب رفقة لجان تأسيسية لإعداد دستور ينص على الحريات ويعلي الديمقراطية ويقر التداول على السلطة. وأضافت أن خطة المقرر العام للدستور خطة خطيرة ومحل اهتمام من الرأي العام .
وأفادت الشكاية أنه بمناسبة عرض برنامج بلا مجاملة على قناة حنبعل بتاريخ 14 أكتوبر 2012 تعمدت المشتكى بها نعت الشاكي بصفات مسيئة لشخصه وتنال من اعتباره وكذلك هي غير صحيحة ومن شأنها أن تحدث الفتنة بين أفراد الشعب . وذكرت الشكاية أن رجاء بن سلامة تحدثت عن الفصل 26 من الدستور الخاص بحرية التعبير وقالت بأن لدى النائب الحبيب خضر «مشكلة أخلاقية» ويثبت في حقه «خيانة مؤتمن» وأنه «أصبح يقرر من رأسه» ثم واصلت بطريقة كلامية متهكمة بأنه يستعمل «صيغة مضحكة» لصياغة الفصل الذي يتحدث عن التعبير.
وتواجه الاستاذة رجاء بالحاج سلامة تهما تتعلق بالقذف والادعاء بالباطل و النميمة. وفي سياق آخر فقد نظم عدد من الأساتذة الجامعين و بعض نواب المجلس الوطني التأسيسي وقفة احتجاجية أمام قصر العدالة بباب بنات بالعاصمة وذلك لمساندة الجامعية رجاء بن سلامة والدفاع عن حرية التعبير وعن الفكر الحر والتصدي للديكتاتورية الناشئة وذلك حسب اللافتات والشعارات التي رفعها المحتجون.
الاستاذة رجاء بن سلامة أفادت ل«الشروق» أن مثولها أمام قاضي التحقيق يأتي على خلفية نقدها لأداء المقرر العام للدستور و لجان صياغة الدستور بكونهم لا يحترمون نتيجة التصويت على الفصل 26 المتعلق بالحق في التعبير والابداع مضيفة أنهم اختاروا صياغة تغتال الحرية التي أصبحت مقيدة بالقيم الاخلاقية العامة .
وأضافت المشتكى بها أنه من المؤسف أن من يشغل خطة مقرر عام للدستور لا يميز بين النقد الموجه لشخصه والنقد الموجه لوظيفه وأصبح التعرض اليه بالنقد هو نميمة قائلة «كأن المجلس التأسيسي أصبح أسرته وبيته». وأكدت الجامعية بن سلامة أن قضيتها قضية رأي والشاكي أي الحبيب خضر ليس لديه حجج قوية لمواجهتها في المنابر الاعلامية المفتوحة للردّ عليها قائلة «إنه فضل اللجوء الى القضاء قصد تكميم الأفواه وتخويف المثقفين والنخبة».
وأشارت الجامعية بن سلامة ان الحكومة لا تحترم استقلالية القضاء مؤكدة أنها تثق في القضاء التونسي لأن هناك قضاة شرفاء ونزهاء في عملهم. من جهته قال النائب بالمجلس الوطني التأسيسي عن حركة الشعب مراد العمدوني إن هناك محاولة لضرب وقمع الحريات الفردية والجماعية وخاصة حرية التعبير والابداع مضيفا «هذا الأمر تجلى في نقاشات الجلسات العامة للمجلس التأسيسي من قبل كتلة حركة النهضة معتبرا ان محاربة الكلمة الحرة والفكر النقدي هي محاولة لضرب مقومات المجتمع المدني والتفكير والابداع».
أما عميد كلية منوبة الحبيب القزدغلي فأفادنا أن هذه الوقفة الاحتجاجية هي للتضامن مع زميلتهم رجاء بن سلامة ولمساندتها والاحتجاج عن جلبها الى المحكمة معتبرا ذلك محاولة أخرى لاقحام القضاء وتوظيفه لخنق حرية التعبير الموجهة ضد المثقفين من جامعين وأساتذة وصحافين . وأشار عميد كلية منوبة الى أن هناك مؤشرا لوجود ديكتاتورية ناشئة مؤكدا أن الجامعين مثلما تصدوا لاستبداد النظام السابق سيتصدون لكل المشاريع الجديدة للاستبداد .