* شعر: صالح الطرابلسي (أوت 2006) * 1) في الحرب: قالت الوردة: «كيف أنبت في الثّرى؟! كيف أعطّركم بعتق النّبيذ وبالشّذى! كيف أكسو مدائنكم بالرّبيع؟ وهذه الأرض من عهد قابيل وهابيل قد ظلّت تعفّنها الدّماء!» * * * قالت السّنبلة: «كيف أهبكم رغيفا، من ذهب الثّرى ومن فيء حبّاتي؟ وسعير الحرب.. في الأرض يفنيها ويفنيني!» * * * قالت الشّجرة: «كيف أكسوكم، من ظلالي ومن ورقي؟ كيف أغذّيكم، من ثماري ومن نسغ أوردتي، وهذه الحرب.. أعاصير ما انفكّت تدمّرني؟!» * * * قالت الشّمس وقد ذبّلها الكسوف: «كيف أسقيكم فيضا من شعاعي؟ وللحرب أعمدة من دخان.. لقد جعلت أمامنا سدّا.. ومن خلفنا سدّا، فأمسى الكون.. فضاء من سديم سيُغرقكم ويغرقني؟!..» * * * قالت الأرض: «ما أبشع.. ما أبشع أن تحصد الحرب بالنّار سنابل!.. ما أبشع.. أن تزهق الورد والرياحين قنابل! ما أبشع،، ما أبشع.. أن يموت الحبّ في مواويل البلابل! ما أبشع!.. أن تُكسف ا لشّمس، فتعشى البصائرُ في الورى!.. ما أبشع أن يلبس العالم جبّة الحرب، فتُهْدَمَ حضارات كنعان، والعروبة وبابل» * 2) في الحرية: قال الوطن: حين تغتال المدائن ويغتال القرنفل في شوارعها.. حين يغتال البلدْ، حين تستباح الأرض في عرضها.. بأيدي الغريب المستبدْ! لن يبقى للتّين والزّيتون إلا موتان فقط: موت لصدّ العدى عن حرمة الرّوح لتبقى، في عزّها الطّلق وتبقى الحياة.. خفّاقة دوما في شرايين الجسدْ! وموت.. بنار الذلّ يكفّنها الهوان إلى أبد ا لأبدْ! سمّان أحلاهما مرّ، «الموت موت.. والأسباب تختلف» لكنّنا العشّاق.. عشقنا موت.. يفتدي الحبيب والشّهيد.. والبلدْ! * 3) في السّلام: برزت.. من خلف أجداث المنايا حمامه! طارت.. ما بين نور ونار، ثمّ شدّت بالهديل يدوّي كالرّعود صدى قد اهتزّ له الكون الجريح، فهبّت الدّنيا لترديد النّشيد العبقريّ: يا أيّها الإنسان سلاما تهاطل الحبّ في الدّنى مدرارا.. وزهر البراري قد تبرعم يتحدّى صولة هذا الخراب اللّعين! وفي تلك الحقول، زيتونة قد مدّت في المدى غصنها الأخضر.. ترفل في حبّها الأرجوانيّ: «نورا على نور!» يا أيّها الإنسان سلاما! السّما.. والأراضين قد سطعت درّيّة كواكبها.. درّيّة.. درّيّه!.. كلّ الترانيم تجمّعت في قيثارة الكون.. فاستحال المدى سمفونية أبديّة..