لم تكشف لحظات غضبه الا عن طفل كبير بقلب مسكون بالروايات، لم تلمح في عينيه مرّة شرّا او ضغينة او حقدا... ولأنه يدرك كم تمتلئ ذاكرته بأسرار العدسة وبأسماء كثيرة مازال يروي حكاياتها فانه يحدّثك عن رفيقة دربه التي أعطاها من روحه منزلة يقول فيها ما قالت العرب في الخل الوفي... ذاك هو المصور الصحفي محمد الهادي الملّولي الذي صاحبته العدسة 42 عاما تجوّل معها في أكثر من بلد، واصطحبها في مواقف ومناسبات متعدّدة... بدأ في تعلّم أبجديات فنّ الصورة في بداية الستينات على يد السيد حمادي القرفالي الذي تعلّم بدوره فنّ الصورة من الايطاليين، فنهل من المدرسة الايطالية ما سمح له باختصار مسافات ا لتكوين ليصبح بعد سنة فقط مصوّرا يجيد التعامل مع تقنيات الصورة وما تتطلبها من مهارات لتكون جاهزة بالمواصفات المطلوبة. يقول محمد الهادي الملولي... «بعد سنة فقط من دخولي عالم الصورة الفوتوغرافية وجدت نفسي في موقف صعب مازلت أتذكّره، وهو أني كلّفت بمواكبة زيارة الزعيم الحبيب بورقيبة الى بنزرت سنة 1965 وإلتقاط صور لتلك الزيارة. فكان أوّل حدث غيّر مجرى حياتي المهنية، خصوصا وأني نجحت في ذلك الاختبار الصعب بشهادة مؤجّري». ويُضيف الملولي قائلا: «من الذكريات الجميلة جدا التي مازالت مختزنة في ذاكرتي مواكبتي صحبة العدسة لأول زيارة يقوم بها الرئيس زين العابدين بن علي الى بنزرت اثر التغيير المبارك وكان ذلك حافزا لأتأكّد فعلا بأني مصوّر ناجح... الملّولي زار عديد البلدان سواء رفقة المنتخب الوطني او مع النادي البنزرتي. ومن اللحظات الممتعة تلك التي عاش من خلالها ملحمة كأس افريقيا التي حازها النادي البنزرتي سنة 1988 ... ثم حصوله على جائزة الابداع الاعلامي في مجال الصّورة سنة 2003 تحت رعاية السيد رشيد البكاي رئيس نادي الصحافة بنزرت انذاك. وفي ذاكرة الملولي اسماء الاصدقاء الذين أخذوا بيده وساعدوه على تخطّي مواقف حرجة. يحدّثك عن الاستاذ محمدالحبيب براهم الأديب والديبلوماسي المعروف يحدّثك عنه وفي عينه ارتياح لطريق الحياة الممهّدة بالصداقة التي تكبر كشجرة نخيل طيّبة يحدّثك عن يوسف الزواوي المدرّب الذي تربطه به صداقة منذ الثلاثينات ويُحدّثك عن بنزرت التي يعشقها حدّ الجنون مثلما يحدّثك عن بشير المنّوبي وحبيب ورضا هميمة وغيرهم ممن يسير على درب نجاحهم في عالم جميل هو عالم الصورة. الملّولي مشواره مع العدسة سنفونية رائعة من الابداع والعطاء تستفزّه الاشياء الصغيرة، لكنه لا يُناور في انفعالاته ولا يرتدي ثوب الديبلوماسية فيقول ما في قلبه دفعة واحدة.