انقلاب قطار لنقل الفسفاط بالمتلوي.. تسجيل حالة وفاة    تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة    الشرع يجيب على سؤال: ماذا تقول لمن يتساءل عن كيفية رفع العقوبات عنك وأنت قاتلت ضد أمريكا؟    تركيا: مقتل 20 جنديا في سقوط طائرة عسكرية    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    محمد علي النفطي يوضّح التوجهات الكبرى لسياسة تونس الخارجية: دبلوماسية اقتصادية وانفتاح متعدد المحاور    المؤرخ عبد الجليل التميمي يدعو إلى وضع رؤية جديدة للتعليم    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    الديوانة تُحبط محاولتين لتهريب العملة بأكثر من 5 ملايين دينار    عاجل/ الرصد الجوي يصدر نشرة استثنائية..    اخبار كرة اليد .. قرعة ال«كان» يوم 14 نوفمبر    كريستيانو رونالدو: أنا سعودي...    الكتاب تحت وطأة العشوائية والإقصاء    أزمة جديدة تهزّ المشهد الثقافي ... اتحاد الناشرين التونسيين يقاطع معرض الكتاب    الحمامات وجهة السياحة البديلة ... موسم استثنائي ونموّ في المؤشرات ب5 %    بنزرت الجنوبية ... 5 جثث آدمية لفظتها الأمواج في عدد من الشواطئ    3 آلاف قضية    وزير الدفاع الوطني: الوضع الأمني مستقر نسبياً مع تحسن ملموس في ظل واقع جيوسياسي معقد    المنتخب التونسي: سيبستيان توناكتي يتخلف عن التربص لاسباب صحية    عاجل/ قيمة ميزانية وزارة الخارجية لسنة 2026    عاجل/ سياسي جديد يدخل في إضراب جوع    الدعارة في "إسرائيل" تتفشى على الإنترنت    عاجل/ تونس تُبرم إتفاقا جديدا مع البنك الدولي (تفاصيل)    عاجل/ غلق هذه الطريق بالعاصمة لمدّة 6 أشهر    فريق من المعهد الوطني للتراث يستكشف مسار "الكابل البحري للاتصالات ميدوزا"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الأديب والمفكر الشاذلي الساكر    الفواكة الجافة : النيّة ولا المحمّصة ؟ شوف شنوّة اللي ينفع صحتك أكثر    11 نوفمبر: العالم يحتفل ب''يوم السناجل''    عاجل: تونس وموريتانيا – 14 ألف تذكرة حاضرة ....كل ما تحب تعرفوا على الماتش!    تونس تتمكن من استقطاب استثمارات أجنبية بأكثر من 2588 مليون دينار إلى أواخر سبتمبر 2025    كونكت: تنظيم جديد لمحمّصي القهوة في تونس    عاجل-شارل نيكول: إجراء أول عملية جراحية روبوتية في تونس على مستوى الجهاز الهضمي    الأخطر منذ بدء الحرب/ شهادات مزلزلة ومروعة لاغتصاب وتعذيب جنسي لأسيرات وأسرى فلسطينيين على يد الاحتلال..    علماء يتوصلون لحل لغز قد يطيل عمر البشر لمئات السنين..    من وسط سبيطار فرحات حشاد: امرأة تتعرض لعملية احتيال غريبة..التفاصيل    عاجل: اقتراح برلماني جديد..السجناء بين 20 و30 سنة قد يؤدون الخدمة العسكرية..شنيا الحكاية؟    رسميا: إستبعاد لامين يامال من منتخب إسبانيا    عاجل: منخفض جوي ''ناضج'' في هذه البلاد العربية    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    عشرات الضحايا في تفجير يضرب قرب مجمع المحاكم في إسلام آباد    عاجل/ سقوط سقف إحدى قاعات التدريس بمعهد: نائب بالمجلس المحلّي بفرنانة يفجرها ويكشف..    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    غدوة الأربعاء: شوف مباريات الجولة 13 من بطولة النخبة في كورة اليد!    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    مؤلم: وفاة توأم يبلغان 34 سنة في حادث مرور    النادي الإفريقي: محسن الطرابلسي وفوزي البنزرتي يواصلان المشوار    بعد أكثر من 12 عاما من إغلاقها.. السفارة السورية تعود إلى العمل بواشنطن    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى تركيا لاجراء تربص باسبوعين منقوصا من زياد الشنوفي وواصف المثناني بداعي الاصابة    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. مصطفى بن جعفر "لا أعتقد بوجود دورة أخيرة للرئيس بن علي"
نشر في الفجر نيوز يوم 30 - 11 - 2008

في حوار خاص مع سويس انفو، كشف د. مصطفى بن جعفر الأمين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (حزب معارض غير ممثل في البرلمان) عن وجود نية لديه في الترشّح للانتخابات الرئاسية القادمة في تونس المقرر إجراؤها في أكتوبر 2009.
وإذا ما أقرّ المؤتمر القادم (وهو الأوّل بالمناسبة) للحزب الذي يرأسه السيد بن جعفر، فإن ذلك سيجعل المعارضة الاحتجاجية ممثّلة في تلك الانتخابات بثلاثة مرشحين، حيث تتّجه حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا) نحو ترشيح رئيسها السيد أحمد إبراهيم، إضافة إلى السيد نجيب الشابي، الذي يُواصل حملته خارج الإطار القانوني.
وفي هذا الحديث أيضا، يُحدّد بن جعفر موقِفه من أسباب فشل هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات (التي تشكلت في خريف عام 2005 من تيارات وشخصيات يسارية وقومية وليبرالية وإسلامية) ومن حركة النهضة، كما يُوضح ّد رُؤيته بخصوص الفترة القادمة لحُكم الرئيس بن علي.
سويس انفو: تروج أخبار هذه الأيام، تقول بأن الدكتور مصطفى بن جعفر ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية. فهل تؤكِّدون ذلك؟ وما هي المبررات التي دفعتكم لهذا الترشّح، إن أكّدتم ذلك؟
د. مصطفى بن جعفر: من الطبيعي أن تفكِّر الأحزاب في المساهمة الفعّالة في مثل هذه المواعيد الانتخابية الأساسية، لكن المشكلة تكمُن في أن الظروف السياسية التي نعيشها، ليست عادية ولا تسمح بمنافسة تضمّن الحدّ الأدنى من الضمانات. فالانتخابات في الدّول الديمقراطية، هي تتويج لجهود تُبذل طيلة المرحلة السابقة للموعد الانتخابي، وهي امتِحان للسلطة والمعارضة معا. أما في تونس، فإن الدّوافع للمشاركة أو لعدم المشاركة، تكاد تكون متساوية.
بالنسبة لحزب التكتّل، اعترضنا على القانون الذي صدر وحدّد شروط الترشح للرئاسيات، واعتبرناه غير ديمقراطي، باعتباره ينتقي المنافسين للرئيس المتخلي والمترشح، لكننا قرّرنا أيضا التصدّي لهذه الوضعية، وذلك من خلال العمل على تغيير الظروف التي ستجري فيها العملية الانتخابية، حتى لا تكون انتخابات 2009 نسخة من انتخابات 2004، من حيث غياب التعدّدية وحرية المنافسة وانعدام حرية التعبير، والاقتصار على بضعة دقائق في التلفزيون كل خمس سنوات. وأنا أعتبر أن انتخابات مُسيطر عليها من قِبل وزارة الداخلية ووزارة "متحزبة" من ألِفها إلى يائِها، لا يمكن أن تكون انتخابات ديمقراطية، وهذا يؤكّد أن القضية في الجوهر، هي قضية ظروف تنظيم الانتخابات.
سويس انفو: طيب كيف تتصوّرون تغيير هذه الظروف؟
د. مصطفى بن جعفر: أعتقد بأن المسؤولية مُلقاة على السلطة، لكن أيضا بتوجيه الجهود من أجل تعبئة الرأي العام، الذي يعيش اليوم حالة إحباط واضحة. ولإخراج الرأي العام من هذه الحالة، يجب التفكير في تحقيق أدْنى من المشاركة، بما في ذلك الترشّح للانتخابات الرئاسية، لما ترمز إليه من أهمية وما تشكِّله من ضغط.
وحتى تؤتي هذه المعركة أكلَها، نفضِّل الدّفع في اتجاه المرشح المُمكن، بدل المرشح الرّمزي. وقد سبق للسيد نجيب الشابي أن أعلن عن ترشّحه في عملية سياسية مثيرة، وضعت الانتخابات الرئاسية على مائِدة النقاش وشكّلت من هذه الزاوية بُعدا إيجابيا، لكن بعد الإقرار النهائي للقانون، كنا نتصوّر بأن عملية التناوب ستنتقِل إلى الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدّمي، لكن ذلك لم يقع. وطبعا، هذا الحزب حرّ في اختيار الطريقة التي يؤمن بها، وبذلك لم تبق سوى إمكانيتين مطروحتين على الحزبين، الذين نعتبرهما أحزاب معارضة حقيقية خارج أحزاب الديكور، وهما أحمد إبراهيم من حركة التجديد ومصطفى بن جعفر من حزب التكتّل.
وبالرغم من أن صيغة القانون تُقصي في ظاهرها التكتّل، إلا أن عديدا من الإخوان في الحزب، يعتقدون بأنه يمكن الاستفادة من حالة الغمُوض التي تكتنِف صيغة القانون، وبالتالي، دفع الأمور في اتجاه خوض معركة قانونية وسياسية، هذا النقاش مطروح داخل حزبنا، ومن الناحية المبدئية، نحن نستعد للمشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية، وسنعمل على استشارة أكثر ما يُمكن من القِوى السياسية، التي تعمل من أجل التغيير، وذلك للقيام بعملية تغيير قواعد اللّعبة.
سويس انفو: هل يُمكن أن نقول بأن النيّة تتّجه إلى الترشح، لكن القرار لم يُحسم حزبيا؟
د. مصطفى بن جعفر: صحيح، خاصة ونحن نستعِد لعقد مؤتمر خلال الثلاثية الأولى من السنة القادمة، كما أن مبادرةً من هذا الحجم، تتطلّب توفير أفضل الشروط لكي تُحقق أهدافها، بما في ذلك أن تحظى بالدّعم من قِبل شخصيات اعتبارية ومستقلة.
سويس انفو: لنقُل بأن مصطفى بن جعفر سيترشّح، فهل تعتقدون بأن ذلك من شأنه أن يغيِّر من قواعد اللّعبة، رغم أنكم أكّدتم على أن العملية برمّتها غير ديمقراطية؟
د. مصطفى بن جعفر: أعتقد بأن حزب التكتّل بما له من مصداقية لدى شرائح من الرأي العام، يمكنه أن يعبأ هذه الشرائح، إضافة إلى جهود بقية الأطراف، لكن بعد ذلك، وفي ليلة الانتخابات، قد تتوفّر ظروف ملائمة لدعم مرشح وحيد للمعارضة، إذ أنني من الذين يدفعون نحو هذا الاتجاه، خاصة في وضع لا يوجد به رهان انتخابي، كما أن الرأي العام بودّه أن يرى مرشّحا واحدا للمعارضة يُدافع عن برنامج واحد، بعيدا عن التشتّت والتوتّر الحزبي والشخصي، وبالتالي، يمكن لرؤساء أحزاب المعارضة أن يجتمِعوا ليلة انطلاق الحملة الانتخابية، ويتبنّوا إستراتيجية مُشتركة ويختارون مرشّحا يقوم الجميع على دعمه. وبالتأكيد، سندعم هذا التوجّه.
سويس انفو: لكن ترشّحكم، ألا يتعارض مع المشاورات التي تقومون بها منذ أشهر مع حركة التجديد؟
د. مصطفى بن جعفر: هذا لا ينفي ذاك، خاصة وأن المعركة القانونية لم تُحسم بعدُ، والتي ستحسمها السلطة خلال الأشهر القادمة. ولهذا، لا أرى وجود تعارُض بين التّنسيق في أرفع مستوى مع حركة التجديد ومع غيرها مع الأطراف التي، للأسف لم نجد آذانا صاغية في بعض المناسبات، وبين سعيِنا لتجميع الصّفوف من أجل المشاركة، لكن المؤكّد، أن موقفنا سيختلف عن عام 2004، حين تمّ استغلال الفجوة القانونية، غير أن "المبادرة الديمقراطية" (جمعت في عام 2004 حزب التجديد وأطرافا وشخصيات يسارية وديمقراطية مستقلة - التحرير) لم تجد الدّعم الضروري فقط، بل هناك من أطلَق عليها النّار بشكل مكثّف بدون مبرر، هذا لن يكون موقِفنا هذه المرة. فنحن لسنا ضدّ مرشّح حركة التجديد، وسنكون معه إذا مُنِعنا من الترشّح. وعلى كل حال، هذه مشكلة قد تُطرح ليلة الانتخابات وليس الآن.
سويس انفو: هل يُفهم من حديثك أنكم على استعداد، حتى لو سُمِح لكم بحقّ الترشح، أن تتخلّوا في آخر لحظة لدعم مرشّح التجديد؟
د. مصطفى بن جعفر: نعم، ولا شكّ في ذلك، لكن هذا السيناريو لم يُناقشه بعدُ أعضاء حزبنا، والذي لن يؤخذ به إلاّ بعد استشارة الحِزام الواسع لحزبنا.
سويس انفو: أنصار الحزب التقدّمي الديمقراطي يَلومُونكم، لأنكم لم تُساندوا مرشّحه للانتخابات الرئاسية واكتفيتم بموقِف عام يدعَم الحقّ في الترشح، فما ردّكم؟
د. مصطفى بن جعفر: صحيح، فترشّح السيد نجيب الشابي لم يحرز على إجماع، وهو أمر كان متوقّعا، وأستغرِب كيف لم يتوقّعه الإخوة في الحزب الديمقراطي التقدمي. فهذه المسألة لم تطرح للاستشارة، وإنما اتّخذت شكل قرار من قِبل هذا الحزب، ولم يكن أمامنا إلا الاصطِفاف وراءه ودعمه، وهذا الشكل هو الذي دفع بالكثيرين نحو الاحتراز.
صحيح أن القانون اكتسى طابعا إقصائيا، لكن خلافا لِما يُقال على المستوى الدعائي من قِبل مسؤولي الحزب التقدمي، فإن القانون الانتخابي لم يُقصِ فقط السيد نجيب الشابي، وإنما أقصى المئات من الشخصيات التونسية، كما أن القانون سمح لهذا الحزب بترشيح أمينته العامة، وذلك خلافا لأطراف أخرى مُنِعت بالكامل من تقديم مرشّح لها. ولا أفشي سرا، عندما أعلِن بأن هذه المسألة طُرحت داخل دائرة 18 أكتوبر، وكان موقِف بقية الأطراف واضحا، وهو تقديم مساندة مبدئِية للحقّ في الترشح، لكن حصل شِبه إجماع حول رفض موقف الاصطفاف.
سويس انفو: بدا واضحا أنه، بالرغم من تعدّد التجارب، فإن مكوّنات المعارضة التونسية لم تنجح حتى الآن في تأسيس تقاليد في مجال التنسيق المتواصل بين مختلف مكوّناتها. كيف تفسِّرون غلبة التشتّت على شعار التوحّد والعمل الجبهوي؟
د. مصطفى بن جعفر: بدون لفٍّ ودَوران، فبعد 38 عاما من العمل في صفوف المعارضة، يُمكنني القول بأن السبب الرئيسي للظاهرة التي أشَرتم إليها في سؤالكم، هو أننا أمام سُلطة همّها الرئيسي هو العمل على احتواء حركات المعارضة أو بثّ البلبلة في صفوفها. فأحزابنا تعيش في ظروف غير طبيعية، لا تسمح لها بالنمو والتوسع، وهذا ينعكِس مباشرة على مسألة التنسيق.
وسأتّخذ مِثالا على ذلك، هيئة 18 أكتوبر، التي وجدت نفسها منذ البداية تعمَل في السرية أو في وضع شبِيه من ذلك، نتيجة الحصار الذي ضرب حول تحركاتها، أما العنصر الثاني الذي يفسِّر هذه الظاهرة، يتمثل في غياب ثقافة العمل المشترك. ليست لنا في صفوف المعارضة أو بقية تنظيمات المجتمع المدني تقاليد العمل المشترك، الذي يقوم على التنازلات المتبادلة ونكران الذّات، وهما عنصران متكاملان يدعم كلّ منهما الآخر. فكل طرف حاليا يتصوّر نفسه زعيم البلاد.
سويس انفو: لكن، ما قولُكم في فشل محاولة 18 أكتوبر؟
د. مصطفى بن جعفر: أضيف للعاملين السابقين، عاملا ثالثا بالنسبة لتجربة 18 أكتوبر، وهو أن الذين كوّنوا هذه الهيئة، لم تكن لهم نفس الأهداف والأولويات.
فالأهداف المُعلنة تتمثّل في التنسيق من أجل الدّفاع عن مطالبَ لها علاقةٌ بالحريّات العامة، لكن وراء ذلك، كان هناك من يعتقِد بأن هدف الهيئة هو تعميق الحوار بين مُختلف الأطراف المكوّنة لها حول عناصر المشروع المشترك، وهناك من تصوّرها وأرادها أن تكون جبهة سياسية ستشكِّل بديلا للنظام في تونس، أي أن بعض الأطراف أرادت أن تقفز على الواقع، وهو ما انجرّ عنه انفصال في بعض التصرّفات، وهو ما أكّده ترشح السيد نجيب الشابي، الذي تصوّر بأن المطلوب من البقية في الهيئة، هو الاصطفاف وراءه، وهو تصوّر غير صحيح لدورها ووظيفتها ولم يأخذ في ذلك بعين الاعتبار، تنوّع التركيبة واختلاف التقييمات والمتناقضة أحيانا للواقع السياسي، إذ هناك من لا تهمّه الانتخابات أصلا.
فالمرحلية، هي المطلوبة لإنجاح مثل هذه المبادرة. فهذه الهيئة في تقديري، تعد لمستقبل بعيد وتعمل على التقريب بين أطراف تحمِل مشاريع مختلفة، دون المساس من حقّ الاختلاف والتنوّع والقبول بقوانين اللّعبة والحريات الأساسية.
سويس انفو: هل يُفهَم مِن كلامك أن 18 أكتوبر تجربة قد أصبحت جزءا من الماضي؟
د. مصطفى بن جعفر: نحن متشبّثون بالتجربة، وندعو إلى توسيعها، لتشمل أطرافا أخرى. ونؤكّد أنها إطار للحِوار، وليست جبهة سياسية، وهو ما جعل الكثيرين يتخوّفون منها ويتردّدون كثيرا في الانخراط فيها.
سويس انفو: هل أن الحوار بينَكم وبين حركة النهضة، هو مجرّد حوار فكري ولا يملك طابعا سياسيا أو خطوة نحو الجبهة والعمل السياسي المشترك؟
د. مصطفى بن جعفر: نعم، هذا موقفنا في هذه المرحلة. أنا لا أقبل القفز على الواقع. هناك إرادة للحوار ورفض لكل أشكال الإقصاء.
فإلى جانب المواقف المشتركة، لا تزال هناك قضايا خلافية تحتاج إلى التعمّق والحوار، مثل قضية المرأة التي صدر في شأنها بيان، لكن بعض الأطراف من خارج هيئة 18 أكتوبر، لا يزالون يشكِّكون في أهمية مثل هذه النصوص التأليفية ويعتبرون أن حركة النهضة تقوم بالمُسايرة من أجل الكسب السياسي، لكنها تُخفي موقفها الحقيقي لمرحلة أخرى.
سويس انفو: ما رأيك في هذا التشكيك؟
د. مصطفى بن جعفر: نحن ضدّ ذلك، ونعتقد أنه لا يوجد سوى المُمارسة للحُكم على الجميع. ونحن كحركة سياسية، ننتهج أسلوب اليَقظة المستمِرة، سواء بالنسبة لحركة النهضة أو لكل الأطراف.
سويس انفو: هل تعتقِدون بأن حركة النّهضة في المستقبل ستكتسي طابعا دِينيا وسياسيا، أم أنها ستحتلّ موقعا أساسيا في المجتمع؟
د. مصطفى بن جعفر: أنا ضدّ الخلط بين الدِّين والسياسة، كما أنني ضدّ احتكار أمرين: الإسلام والوطنية، ومَن يقوم بذلك، أعتبره حاملا لمشروع استبداد وكلياني، وهو ما نلمسه في بعض التصريحات المتناقضة، كما نستمع أيضا لمَن يعتبر بأن حركة النهضة هي "حزب سياسي مدني"، دون تحديد مضمون البرنامج السياسي، وهو ما يستوجب تعميق الحوار معه لمعرفة مواقفه الحقيقية من قضايا أساسية.
سويس انفو: هل تخشون من احتِمال انتصار السلفية الجهادية في تونس؟
د. مصطفى بن جعفر: رغم تكهّنات البعض، أعتقد أن هيمنة السلفية في بلادنا غير ممكنة ولا واردة، وإلا فقَد التاريخ منطقه. فكيف بعد نصف قرن من تعليم المرأة وتحريرها، يمكن القبول بأن ذلك سيُشطب بجرّة قلم؟ هذا أمر مُستبعد. فالسلفية في تونس لن تنتصر.
سويس انفو: أريد أن أعود إلى وضعكم كحزب، إذ قبل حصولكم على التأشيرة، كنتم تُراهنون على التوسع، لكن بعد ذلك، لا يزال الكثيرون يصفونكم بالحزب الصغير. لماذا بقيتم في هذا الإطار الضيّق؟
د. مصطفى بن جعفر: حصل سوء تفاهُم بيننا وبين السلطة. كانت تُراهن على أن تدمجنا ضمن معارضة الدّيكور، لكن عندما حافظنا على استقلاليتنا، عملت على تهميشنا ومحاصرتنا.
وقد رفضنا النزول إلى السرّية أو اللّجوء إلى العنف، وبالتالي، فكل التنظيمات التي لا يتوفّر لها قدر من الحرية، لا يمكنها أن تنمو وتتحوّل إلى حركة جماهيرية. ونحن ننتظر أول فرصة للانفتاح، لنكتسح المواقع التي نستحقها.
سويس انفو: أخيرا، ماذا يمثِّل لكم تاريخ 2014، إذا اعتبرنا بأن الولاية القادمة للرئيس بن علي، هي الولاية الأخيرة، حسبما يقتضيه القانون؟
د. مصطفى بن جعفر: بكل صراحة، لا أعتقد بأن هناك دورة أخيرة، إذ قد سبق أن راجت مثل هذه الفكرة قبل الانتخابات السابقة لدورة 2004، حين كتب يومها البعض وأكّدوا على أن تلك الدّورة ستشهد قرارات تمهِّد للانتقال الديمقراطي، لكن بحُكم إيماني بالعمل السلمي، فأنا متفائل إلى حدٍّ ما، لأن المسألة مرتبطة بالإرادة السياسية لعدد محدود من الأشخاص، إذ يكفي أن تقع استفاقة وأن تتّخذ بعض الإجراءات، التي لا تهدّد استقرار النظام والبلاد، حتى تنفتح آفاق جديدة لتحقيق تطوّر ممكن، وهو تطوّر ينطلق من جهة، من حرية التعبير والصحافة، ومن جهة أخرى، باستقلال القضاء.
المصدر: موقع سويس انفو
30 نوفمبر 2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.