القاهرة رغم دورها الحيوي في ميلاد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قبل 60 عاما، لا تزال مصر تتصدر التقارير الدولية باعتبارها واحدة من أكثر البلدان العربية انتهاكا لحقوق مواطنيها وعرقلة لجهود عمل المنظمات الحقوقية المحلية والعالمية.وأجمع خبراء التقتهم الجزيرة نت على نجاح المنظمات الحقوقية في نشر ثقافة جديدة لحقوق الإنسان بجهود نشطاء ومدونين وصحفيين، لكنهم أكدوا أن حصاد هذه الجهود لا يزال هزيلا بسبب التعنت الحكومي وغياب ثقافة احترام حقوق الإنسان لدى دوائر الدولة خاصة الأمنية. معوقات بالجملة ويشير المدير التنفيذي للشبكة العربية لحقوق الإنسان جمال عيد إلى معوقات تعترض عمل المنظمات الحقوقية في مصر منها السيطرة البوليسية على عمل الجمعيات وإشكالية التمويل الأميركي الذي -برأيه- يخرب المجتمع المدني المصري بإنفاقه الباذخ على منظمات بعينها، إضافة إلى قوانين إنشاء المنظمات الأهلية والثقافة السائدة. وتابع مدير الشبكة العربية -وهي مؤسسة حقوقية مصرية تعنى بمتابعة أوضاع حقوق الإنسان في 18 دولة عربية- أنه رغم هذه الصعوبات نجحت المنظمات الحقوقية في مصر في إحداث وعي وثقافة بمسألة حقوق الإنسان، خاصة عندما ربطت نفسها بالحركات المختلفة المطالبة بالديمقراطية. وتعليقا على مسألة التعذيب في أقسام الشرطة وهي إحدى أهم قضايا حقوق الإنسان، قال عيد إن سياسة الداخلية لم تتغير وإن التصريحات بأن التعذيب ليس منهجا لقوى الأمن غير صحيحة وما يحدث من تحركات هو انعكاس لثقافة المطالبة بالحق. تصلب حكومي بدوره قال المحامي والناشط الحقوقي نجاد البرعي إن أهم إنجاز حققته المنظمات الحقوقية في مصر خلال العشرين عاما المنصرمة هو أنها حولت المطالبة باحترام حقوق الإنسان من مطلب نخبوي إلى مطلب شعبي. وبرأي نجاد لا تزال كل الملفات الحقوقية في مصر والعالم العربي عالقة "بسبب العقلية الحاكمة الرافضة للتجاوب مع دعوات الحرية والديمقراطية"، لكن الأنظمة الحاكمة لن تجد أمامها في نهاية المطاف سوى تطبيق الديمقراطية والعدالة أو الرحيل والانهيار. وعن مسألة التمويل، قال إن متلقي الخدمة الحقوقية يدرك الأمر على حقيقته بأنه لا تهم جهة التمويل ما دام البرنامج والمبادئ سليمة ووطنية وتصب في صالح الناس، واعتبر أن إشكالية التمويل اخترعها بعض المثقفين والباحثين عن التشويش على المنظمات. حقوقيو الإنترنت وعن ملاحقة المدونين، قال البرعي إن الحكومة المصرية استشعرت بعد إضراب السادس من أبريل/نيسان الذي دعا إليه نشطاء الإنترنت أنها غير مسيطرة على الأوضاع وأن دعاوى من شباب متحمس يمكنها أن تهز صورتها. واستدرك "لكن معركة الدولة مع المدونين خاسرة فهي لن تستطيع تغيير أفكارهم أو تعطيل الإنترنت"، وقال إن المدونين هم الإرهاص الحقيقي لجيل جديد من النشطاء السياسين في مصر. وقال مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان بهى الدين حسن إن التعديلات الدستورية التى جرت العام الماضي "وجهت أكبر ضربة لأوضاع حقوق الإنسان لأنها أسست لعصر جديد من الانتهاكات الحقوقية المحمية بغطاء دستوري". وأكد حسن أن الدولة لا تحترم حتى المنظمة الحقوقية التي أنشأتها وهي المجلس القومي لحقوق الإنسان وتبخل عليها بالمعلومات والردود على استفساراتها. ويرى أن أهم مكاسب العمل الحقوقي في مصر هو أن مسألة حقوق الإنسان أصبحت تتصدر الخطاب المجتمعي والسياسي خلال العقد الأخير. ويرجع حسن تصاعد الانتهاكات الحقوقية في مصر إلى عاملين، الأول وجود صحافة مستقلة وإعلام إلكتروني مرن وشجاع كشف العديد من هذه الانتهاكات، والثاني هو المنطق العدواني الذي تتبعه الدولة في التعامل مع المطالب الحقوقية.