تونس: أنتهت أشغال المؤتمر الأول للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، في ساعة مبكرة من فجر امس الاثنين، بانتخاب أول مكتب تنفيذي للنقابة يتركب معظمه من صحافيين ترشحوا في قائمات مستقلة. في حين عبرت اللائحة العامة واللائحة المهنية المنبثقتان عن المؤتمر عن انشغال الصحافيين التونسيين بتدهور مستواهم المعيشي، وبتراجع هامش الحريات الإعلامية. وكان الصحافيون قد اجتمعوا يوم السبت الماضي في مؤتمر استثنائي لحل وتفكيك جمعية الصحافيين التونسيين الموجودة منذ ما يناهز أربعين سنة، و توريث رصيدها المادي والمعنوي إلي النقابة، واعتبار مؤتمرها الأول، المؤتمر الثالث والعشرين لمهنة الصحافيين ، علي ما ورد في اللائحة الوحيدة الصادرة عن المؤتمر الاستثنائي. وانطلقت أشغال المؤتمر الأول، في اليوم الموالي، بتعيين مكتب لتسيير المؤتمر الذي ترأسته رئيسة تحرير صحيفة الشروق القريبة من الحكومة فاطمة بن عبد الله كراي، التي أعلنت عن ميلاد النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين. ثم فتحت المجال أمام مداخلات المؤتمرين. فكانت إجمالا ذات اتجاه واحد، وتلخص مسيرة عشريات بأكملها من استهداف ممنهج للقطاع الصحافي الوطني. إذ عبرت عن قلق الصحافيين من هشاشة وضعيتهم المهنية والمادية، وعن انحسار هامش الحريات الإعلامية. الصحافي جمال العرفاوي قال ان بعض وسائل الإعلام في تونس تكرس الشعوذة والدجل ، وهاجم مسؤولي الإعلام ورؤساء التحرير لكونهم لا يطبقون القانون ولا يحترمونه. في حين أوصي الرئيس السابق للجمعية والمقرب من السلطة الصحافي محمد بن صالح بفتح جميع المواقع والصحف الالكترونية المحجوبة، وبتسوية وضعيات جميع الصحافيين. من جهته أكّد الصحافي الحبيب الميساوي بأنه من الضروري علي الصحافيين التونسيين ان يتحرروا من جميع الضغوطات التي تكبل عملهم ، منددا باستهداف الصحافيين في أعراضهم وفي ذواتهم. وتحدث الصحافي نصر الدين بن حديد عن التراجع المخيف للوضعيات المادية للصحافيين، واقترح علي المكتب الجديد بتكوين لجنة لاستبيان حالتهم وفق مقاييس علمية. وفي السياق ذاته، قال الصحافي ناجي البغوري دورنا الحقيقي هو حماية الصحافة من المحسوبية والفساد والرشوة المتغلغلة بكثافة ، واصفا الصحافة في تونس ب المريض الذي يتنفس اصطناعيا . وهو ما ذهب إليه الصحافي زياد كريشان الذي أعرب عن شعوره بالخجل بسبب إغلاق الموقع الالكتروني للفيدرالية الدولية للصحافيين، ودعا إلي فتح جميع المواقع الإخبارية الأخري. الصحافي خميس الخياطي رفض في مداخلته انخراط الملحقين الصحافيين في الجمعية، وذلك للتضارب القائم بين مهامهم، معتبرا الرقابة الذاتية وهما . سجالات حادة وسجلت كواليس المؤتمر العديد من الممارسات التي كادت تعصف به. فقد منعت قوات البوليس الصحافي أيمن الرزقي من الدخول، بالرغم من تهديد رئاسة المؤتمر بتعليق الأشغال. كما لوحظت التعبئة الضخمة التي قامت بها الأجهزة الإدارية من خلال تسخير الحافلات لجلب الصحافيين العاملين في المؤسسات الإعلامية الحكومية لمجرد التصويت من دون أن تكون مواكبة لأعمال المؤتمر. كما شهدت النقاشات تداول عدد القضايا التي أثارت جدلا وتراشقا كلاميا حادا، علي غرار حرمان عدد من الصحافيين الشبان من الترشح لانعدام شرط العمل بمؤسسة إعلامية لمدة 10 سنوات متتالية، إضافة إلي احتراز الكثير من تكوين لجنة للعلاقات الخارجية. وتمّ أيضا تحوير القانون الأساسي للنقابة الذي من المنتظر أن يدخل حيز التنفيذ خلال المؤتمر القادم بعد إثارة الصحافي منجي الخضراوي لجملة من الأخطاء والتجاوزات التي وردت في النسخة الأولي. وأعلن في الختام، رئاسة المؤتمر عن فوز الصحافيين المستقلين ناجي البغوري، وسكينة عبد الصمد، ومنجي الخضراوي، وزياد الهاني، وعادل السمعلي، ونجيبة الحمروني، والصحافيين المحسوبين علي الجهات الرسمية وهم الحبيب الشابي، وسفيان رجب، وسمير الغنوشي، بعضوية أول مكتب للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين. آمال كبيرة وفي أول تصريح بعد الإعلان عن النتائج، قالت الصحافية سكينة عبد الصمد ل القدس العربي انها ستعمل مع المكتب الجديد علي تحقيق الأهداف المرصودة في لائحتي المؤتمر ، وستدفع بقوة نحو ضمان الاستقلالية المادية للصحافيين، والتوسيع من هامش الحريات. ووصف الصحافي زياد الهاني المؤتمر ب الإنجاز التاريخي لفائدة المهنة ، معربا عن أمله في أن يرجح صوت العقل ، وأن توضع مصالح الصحافيين فوق كل اعتبار . في حين اشترط الصحافي المنجي الخضراوي التفاف عموم الصحافيين مع مكتبهم التنفيذي للنضال الجماعي من أجل الدفاع عن مصالحهم ، مؤكدا علي ضرورة وجود استعداد من قبل السلطات للتعاون مع المكتب الجديد. القدس العربي من سفيان الشورابي