إن حبنا للرسول لا يتجسد في الغوغائية والاندفاع الأعمى لاستفزازات عدو تمكن من كل الوسائل والإمكانيات:التقنية والعلم والريادة الحضارية والثورة الاتصالية والطرق السيارة للمعلوماتية في حين نعيش نحن في عوز من كل ما تمكن منه هو وطوعه لخياراته وأجنداته إذ كيف يمكن أن نقارن بين مسيرة مساندة للنبي الكريم في ركن ناء من دولنا يقودها أناس يفتقدون للتنظيم وتسيطر عليهم العواطف الهستيرية الخاضعة لمبدإ الاستفزاز وردة الفعل العنيفة وبين عرض منظم كرنفالي لفلم أو سيناريو مدروس يهاجم النبي الكريم ويشوه الدين الإسلامي ويصم المسلمين والعرب بما ليس فيهم تجنيا وبهتانا وكيف نقارن كذلك بين هذه المسيرة وأصحابها وبين محاضرة أكاديمية تمولها لوبيات متنفذة تهيء عقول الطلاب ومنهجها يترصد تخرجهم ومشاريعهم البحثية المستقبلية وهقصدها يضغط على خياراتهم المعرفية بفضل ليونة فكر المشرفين عليها والإيهام بموضوعية طروحاتهم وقبولهم للاختلاف والمغايرة والانضباط للعلمية والمغالطة باحترامهم للايبستيميات المختلفة تحت يافطة الانسانيات والأنثروبولوجيا . فالأولى أي هذه المسيرة انتهت بالهتافات والغوغائية والضوضاء الذي غالبا ما يصفه إعلامنا المغترب عن قضايانا الحقيقية بأن السلفيين يخوضون في العنف ويبشرون بالإرهاب وغالبا ما تكون هذه المسيرات مختومة بالتكسير والتدمير والخراب الذي تتحمله شوارعنا ومدننا المدقعة أصلا من نفس حضاري و تعبير عن الرأي بطريقة سلمية وهذه المدن المسكينة والشوارع المريضة لطالما عانت من عبء صور زعمائنا الذين مكثوا على صدورنا وفاحت روائحهم ومججنا وجودهم بيننا هذا بالنسبة لمسيرات المساندة لأفضل خلق الله وسيد البشرية نبي الرحمة ونبي المعرفة ونبي"اقرأ"في حين تحفظ "بكرة "الفلم وتخزن المحاضرة الأكاديمية لتعرضان لاحقا وينال الفلم الأوسكارات ويكرم نجومه ويصفق أصحاب المسيرة لهم بعدما تناسوا أن هؤلاء هم الذين مثلوا المشاهد المسيئة واعتدوا على الرسول وعلى الأمة - تناسوا لأن الذي يخضع للفعل وردة الفعل غالبا ما يكون قصير الذاكرة وموسوما بفقدانها- يصفقون لهم بعدما ثاروا وعربدوا وليس التصفيق وحده هو فعل أصحاب المسيرة إذ غالبا ما نجد صور هؤلاء الممثلين تزين غرف أبناء المتظاهرين ودفاتر بناتهم وكتبهن وكنشات سيرهن ويضعن هؤلاء المعتدين كفرسان أحلام وكذلك المحاضرات لن يضيع حقها إذ تصل في شكل منشورات دورية وكتب راقية لمكتباتنا ولعول أبناء المتظاهرين في الشكل الورقي التقليدي أو عبر التصميم الناعم عبر الأنترنيت وليس الوصول وحده هو المشكل بل نحن في حاجة للاطلاع على كل ما يقال عنا وفينا لكن الأدهى والأمر أن الأبناء مطالبون بحفظ هذه الكتب وتشربها لينالوا شهائد التخرج .فهل هذه المسيرات أولى من المعرفة والبحث وهل حبنا للرسول لا يتجسد إلا بهذا الشكل؟ أين إنتاجنا الفني المدافع عن ديننا ونبينا وحضارتنا؟؟ أين المفكرون الملتصقين بهموم الأمة وأين المثقفون الأصيلون؟ أليس منا رشيد يدلنا على الصواب ويوعينا فتتحول مسيرات الحناجر إلى مسيرات السواعد ويتحول الحرق والتخريب إلى الإنشاء والبناء ويكون حبنا للرسول صادقا لا مراء ونفاقا ويتحول وجودنا في الشوارع إلى و مكوث بالمخابر والمشغل والمعامل وتتحول عبادتنا من وهم إلى عمل ونتمكن كما تمكن خصمنا من ناصية العلم والمعارف والتقنية لأننا اليوم في حاجة أكيدة إلى حناجر صامتة وسواعد فصيحة. - ألا ترون أننا عدنا مرة أخرى إلى صدمة الحداثة وأسئلة عصر النهضة في حين تجاوز الخصم الحداثة وتفصيللاتها لأزمنة أخرى ورحاب أوسع. مساء12/9/2012م