وصلت الحركات الإسلامية المشاركة في الحياة السياسية في الشرق الأوسط إلى مفترق طرق هام. وعلى الرغم من أنها أصابت بعض النجاحات الانتخابية، فإنها أخفقت في التأثير في السياسات، وهي تتعرّض إلى النقد من جانب قواعدها بسبب تخليها عن التزاماتها الدينية. ويخلص بحث جديد، صادر عن مؤسسة كارنيجي، إلى أنه ينبغي على الحركات الإسلامية إقناع أنصارها بأن المشاركة تمثّل أنجع السبل للتأثير على الحكومات على المدى الطويل، على الرغم مما يبدو من ضآلة المكاسب في المدى القصير. تتناول الباحثة مارينا أوتاوي والباحث عمرو حمزاوي تجارب "الحركات الإسلامية المشاركة" في المغرب والجزائر ومصر والأردن والبحرين والكويت واليمن، حيث يبدو الإسلاميون ممزقين بين حاجتهم إلى التوصل إلى حلول وسط في شأن بعض المسائل الاجتماعية والسياسية كي يكونوا لاعبين فاعلين، وبين خطر تنفير أنصارهم الأساسيين. ومن الاستنتاجات الرئيسية التي تقدمها الدراسة: طالع: النص الكامل للدراسة باللغة العربية - تتفاعل الحركات الإسلامية مع إخفاقها في التأثير في السياسات ومع النقد الذي تتعرض إليه من قبل قواعدها، إما باللجوء إلى مواقف متشددة، أو الانخراط في نقاشات مكثفة تؤدي إلى خلق حالة من البلبلة وإضعاف الدعم لها. - الحركات الإسلامية التي تعمل بمنأى عن خطر القمع الدائم من جانب الدولة تبدو أكثر استعدادا للتوصل إلى حلول وسط والتركيز على مسائل السياسة البراجماتية، وتبقى ملتزمة بالعملية الديمقراطية؛ فيما يبدو الإسلاميون الذين تعرقل الدولة مشاركتهم أكثر تركيزا على المسائل الأيديولوجية، وهم يهمشون بذلك الإصلاحيين في داخل هذه الحركات. - وجود حركات إسلامية ذات أجنحة مسلحة يؤثر على ميزان القوى في الدول المعنية، ويعيق عملية التحديث أحيانا. غير أن استبعاد الإسلاميين المسلحين من العملية السياسية أمر لا يتسم بالواقعية، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الدعم الشعبي الهائل الذي يتمتعون به. يخلص المؤلفان القول إلى أنه: لا يمكن اعتبار نتيجة المشاركة عملية تنطوي على مزيد من "المقرطة" والاعتدال، من الواضح أيضا أن عدم المشاركة -سواء كانت مفروضة من الحكومات أو من اختيار قيادات الأحزاب والحركات الإسلامية- تدفع إلى ألا تتم عملية الاعتدال. وهذه فكرة رزينة وجديرة بالتأمل من قبل الحكومات والجهات الدولية التي تساندها، التي ترغب في زيادة العوائق أمام مشاركة الإسلاميين إلى أقصى مدى ممكن. إذ ليس الخيار هنا بين السماح للإسلاميين بالمشاركة في الحياة السياسية بشكل محفوف بالمخاطر إلى حد ما، وبين اختفائهم من المشهد السياسي. الخيار هو بين السماح لهم بالمشاركة، على الرغم من وجود مناطق رمادية، مع احتمال ظهور عملية اعتدال، وبين استبعادهم من العملية السياسية القانونية، بما يضمن تنامي تأثير المتشددين داخل تلك الحركات، واستمرار وجود مناطق رمادية.