الرباط:منذ الاعلان عن موعد الانتخابات البلدية بالمغرب والتقارير تتحدث عن احتكاكات بين وزارة الداخلية وحزب العدالة والتنمية الاصولي المعارض والمشارك في البرلمان لتطويق اية امكانية لفوز قد يحرج السلطات المغربية داخليا وخارجيا في وقت تتكثف فيه جهود دولية للحد من المد الاصولي الاسلامي. وتحدثت هذه التقارير عن جهود مناهضي حزب العدالة في وزارة الداخلية للخروج بتقطيع انتخابي يضعف امال الحزب بنتائج على الاقل تكون مشابهة لنتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في ايلول/سبتمبر 2007 واحتل فيها المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد. الا ان قضية رئيس المجلس البلدي لمدينة مكناس وعزله عن مهامه اعتبرت ضربة قاسية وجهتها وزارة الداخلية للحزب الذي يجنح نحو اللاتوتر في علاقته مع السلطات العليا والتأكيد على انه لا يحمل احلاما تتجاوز السقف المسموح للاحزاب المغربية الحلم به. وتعود قضية ابو بكر بلكورة رئيس بلدية مكناس وهو احد قيادات حزب العدالة والتنمية الى تسريب تقارير تتحدث عن اتخاذ قرار بعزله بعد تحقيقات كشفت عن تورطه بمخالفات عديدة تتعلق بتسيير البلدية منذ 2003. واعتبرت قيادة الحزب في مكناس أن الغرض من تسريب خبر عن 'عزل عمدة المدينة أبو بكر بلكورة من مهامه هو النيل من تجربة الحزب في التسيير الجماعي والحد من شعبيته عشية الانتخابات الجماعية'. واعتبرت ذلك في بيان أصدرته يوم الخميس الماضي، حملة استباقية للتدخل في العملية الانتخابية، كما أكدت اعتزازها برئيس الجماعة الحضرية وبتجربة التسيير بالمدينة. وقال ابو بكر بلكورة أنه لن يلتزم الصمت إذا ما تأكد رسميا خبر عزله وسيدافع عن حزبه الذي 'دبر شؤون مكناس بشفافية ونزاهة يشهد بها الخصوم'. وحول التبريرات التي يمكن أن يكون وزير الداخلية استند إليها في قرار عزله، لم يستبعد أن تكون على علاقة بتقرير 'أنجزته لجنة تفتيش من وزارة الداخلية كانت حلت بمكناس قبل 7 أشهر، تحدث عن وجود مخالفة في قانون التعمير، ارتكبتها زوجتي'. ونقلت صحيفة المساء عن بلكورة 'الغريب في الأمر أن تقرير لجنة التفتيش تضمن أكثر من 950 مخالفة في قوانين التعمير، لكن المخالفة الوحيدة الذي انتبهت إليها بعض الجهات هي المخالفة التي ارتكبتها زوجة العمدة'. وقامت زوجة بلكورة، باعتبارها مستثمرة، بتحويل قبو عمارة من 5 طوابق في وقت سابق إلى سكن، وهو الأمر الذي اعتبرته لجنة الداخلية في تقريرها مخالفة لقانون التعمير، غير أن العمدة بلكورة يرى أن هذه المخالفة التي ارتكبتها زوجته لا تستدعي أن يعزل من مهامه من أجلها لأنه غير مسؤول عن إعطاء ترخيصات البناء، متسائلا، في الوقت نفسه، عن سبب سكوت بعض الجهات عن خروقات أخرى رصدها تقرير الداخلية تصل إلى تورط بعض المسؤولين الجماعيين وغير الجماعيين في التزوير دون أن تتم مساءلتهم. وتساءل بلكورة باستياء 'إن هذه المخالفات التي تتحدث عنها لجان التفتيش الكثيرة التي زارت مكناس موجودة في كل المدن المغربية، فلماذا التركيز على مكناس دون غيرها؟'. ووصف قرار إقالته ب'الحرب الاستباقية' التي أملاها قرب الاستحقاقات الجماعية المرتقبة في حزيران/يونيو القادم. وزارة الداخلية المغربية، التي من المقرر ان تعقد اليوم الاثنين مؤتمرا صحافيا لتوضيح موقفها، حسمت السبت بالتقارير التي تحدثت عن اقالة بلكورة واعلنت عن توقيع شكيب بن موسى وزير الداخلية لقرار عزل بلكورة ومعه رئيسا بلدية الهراويين بالدار البيضاء وبلدية اولماس والمنتمين الى حزب الحركة الشعبية (يمين معارض). المفتشية العامة للإدارة الترابية التي تتولى المراقبة والتدقيق في التسيير الإداري والتقني والمحاسبي للمصالح التابعة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية وهيئاتها من أجل الحفاظ على المال العام، اكدت أنها تعمل، تنفيذا لبرنامجها السنوي، على تغطية أكبر عدد ممكن من الجماعات، بعيدا عن كل الحسابات السياسية، بإجراء عمليات تفتيش ومراقبة وتقص كلما توفرت المعايير المعتمدة والقرائن التي تفيد بوجود اختلالات كتقارير سلطات إدارية وتقارير المجالس الجهوية للحسابات وشكايات وتظلمات برلمانيين أو مستشارين جماعيين أو مواطنين أو جمعيات. وأضاف بلاغ للمفتشية العامة، أنها أنجزت منذ بداية سنة 2008 ما يناهز 190 مهمة، منها 61 مهمة مراقبة تسيير جماعات محلية حضرية وقروية، و70 مهمة فحص مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و59 مهمة بحث وتقص بخصوص قضايا تتعلق بجماعات محلية ووحدات ترابية. وقال البلاغ أنه، في إطار مسطرة محكمة وشفافة، يتم عرض كل نتائج التحريات ومحتوى التقارير بدون استثناء على رؤساء الجماعات المعنيين ومنحهم آجالاً معقولة للرد والتعليق على ملاحظات لجان التفتيش. وبعد التوصل بالأجوبة وملاحظات المصالح المختصة، يتم إنجاز التقارير النهائية التي تتطلب في بعض الأحيان إنجاز مهمة ميدانية ثانية لاستكمال البحث وتجميع وثائق الإثبات. وعند التأكد من ارتكاب مخالفات جسيمة من طرف رؤساء المجالس الجماعية أو نوابهم يتم اتخاذ العقوبات التأديبية اللازمة مع الاحتفاظ بحق المتابعات القضائية الضرورية. وأشارت المفتشية العامة إلى أنه تم اتخاذ 43 إجراء منذ بداية 2008، منها عزل 18 رئيس مجلس جماعي من مختلف الانتماءات السياسية (من بينهم رئيسا مقاطعتي عين السبع وعين الشق ورؤساء جماعات خريبكة، ولماس، مولاي عبد الله، مكناس، لهراويين وبني خالد)، وعزل 20 من نواب رؤساء مجالس جماعية ومستشارين جماعيين، وتوقيف 5 رؤساء مجالس جماعية ونوابهم. وأوضحت المفتشية أن هذه الإجراءات التي تستجيب للرغبة في تخليق الحياة العامة وتدبير الشأن المحلي، لم يسبق لها أن أثارت أي رد فعل من طرف أي حزب من الهيئات السياسية التي تسعى بدورها إلى بلوغ نفس المبتغى. وشددت المفتشية على أن المخالفات التي ارتكبها المعنيون بالأمر تكتسي صبغة شخصية محضة، وتساءلت عن أسباب رد فعل حزب العدالة والتنمية وما يتضمنه من تأويلات وفرضيات 'مجانبة للواقع' فيما يخص إقالة رئيس المجلس البلدي لمدينة مكناس. اوساط حزب العدالة والتنمية لا تستبعد أن تكون وزارة الداخلية دخلت في حرب مع الحزب لتقليص مشاركته في هذه الانتخابات، خاصة وأن الترويج لقرار عزل بلكورة جاء بعد يومين من صدور بلاغ رئيس الحكومة عباس الفاسي الذي وجه فيه انتقادات لاذعة إلى عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، بعد تصريحات قال فيها 'ربما كنا وراء الحساب البنكي الذي فتحه جلالة الملك لفائدة غزة'، وتلتها تقارير اخبارية بثتها وكالة الانباء المغربية الرسمية عن استقالات جماعية لناشطين في حزب العدالة والتنمية في منطقة صفرو /وسط البلاد. وقال عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية السبت بالرباط، إن تسعة أعضاء من الحزب فقط استقالوا من الكتابة المحلية للحزب بصفرو. وأوضح بنكيران أنه خلافا لما تم تداوله بشأن استقالة 71 عضوا من الحزب بصفرو، أن 45 شخصا من الموقعين على بيان الاستقالة ليسوا أعضاء في الحزب. وجاء في بلاغ للحزب أن أغلب الموقعين تم إخبارهم بأن الأمر يتعلق بعريضة لإقناع الأمين العام للحزب بالحضور إلى صفرو.