باريس - بعد لقاء رسمي مع الرئيس نيكولا ساركوزي اليوم الإثنين بقصر الإليزيه يقوم الزعيم الليبي معمر القذافي بجولة قصيرة في شارع الشانزليزيه الباريسي الشهير في مستهل زيارته الأولى لفرنسا منذ أكثر من ربع قرن. هادي يحمد
باريس - بعد لقاء رسمي مع الرئيس نيكولا ساركوزي اليوم الإثنين بقصر الإليزيه يقوم الزعيم الليبي معمر القذافي بجولة قصيرة في شارع الشانزليزيه الباريسي الشهير في مستهل زيارته الأولى لفرنسا منذ أكثر من ربع قرن. وأثارت زيارة القذافي انتقادات وسط المعارضة الفرنسية في زيارة تراهن عليها باريس لعقد صفقات ضخمة. بينما يدافع الإليزيه عن زيارة الزعيم باعتبارها "واقعية سياسة"، وتأتي في إطار تشجيع ليبيا على المضي في نهج الانفتاح الذي اعتمدته منذ عام 2003. وحول مضمون الزيارة التي ينتظر أن تستمر خمسة أيام قال مصدر ليبي -فضل عدم ذكر اسمه- في باريس ل "إسلام أون لاين.نت": "زيارة العقيد ليست مجرد زيارة رئيس دولة عربية عادية جاء لمجرد توقيع صفقات اقتصادية، بل إنها زيارة زعيم يمثل إفريقيا وأحد زعامات العالم العربي والتي يمكن أن تشكل بوابة لدعم حوار الحضارات بشكل عام". وحرص القذافي خلال الزيارة على نقل خيمته الشهيرة وكل متعلقاتها في حديقة أحد نزل العاصمة الفرنسية، وسيعقد لقاء بالنخبة العربية والفرنسية في أحد قاعات اليونسكو، كما ينتظر أن يقوم العقيد بزيارة قبر الزعيم الفرنسي "شارل ديجول"، كما سيزور قصر فرساي التاريخي، ويشارك في رحلة صيد. وتعود آخر زيارة لمعمر القذافي وتجواله بالشارع الأجمل في العالم إلى عام 1973. جدل وانتقادات زيارة العقيد التي وصفها الرئيس الفرنسي ساركوزي بأنها "سعادة بالنسبة له" أثارت جدلا كبيرا وسط المعارضة الفرنسية، وخاصة الحزب الاشتراكي الذي أعلن أنه لن يحضر استقبال العقيد القذافي في أثناء زيارته المنتظرة للجمعية الوطنية (البرلمان). ويعيب اليسار تعامل ساركوزي مع نظام "لا يزال سجله فيما يتعلق بحقوق الإنسان يثير انتقادات المنظمات الدولية"، بحسب الحزب الاشتراكي. وتركزت انتقادات رموز الحزب الاشتراكي، وخاصة من قبل المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية "سيجولين رويال" على اعتبار أن "القذافي في السلطة منذ سنة 1969 وسجله في حقوق الإنسان سيئ، فضلا عن تورط النظام الليبي في العديد من قضايا الإرهاب". ومن المفارقات أن الانتقادات لزيارة العقيد أثارتها أيضا مستشارة الدولة لحقوق الإنسان "رحمة ياد" التي أبدت في حوار اليوم الإثنين 10-12-2007 تحفظها على زيارة القذافي فرنسا. وقالت: "الزيارة التي تتوازى مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمبر) يجب أن تستغلها فرنسا من أجل البحث عن ضمانات لاحترام حقوق الإنسان". وعلى عكس رئيسها ساركوزي قالت رحمة ياد: "إنها غير سعيدة بزيارة العقيد، مشيرة إلى أنه يوجد في ليبيا أشخاص اختفوا، ولا نعرف إلى الآن مصيرهم، كما أن هناك تعذيبا حدث ويحدث في السجون". من جهتها طالبت منظمة العفو الدولية من الرئيس ساركوزي بضرورة أن يطالب العقيد القذافي باحترام حقوق الإنسان في ليبيا. وذكرت منظمة العفو الدولية بالخصوص حالة المواطن "فتحي الجامي" الذي اعتقل سنة 2004 بسبب انتقاده النظام الليبي ومطالبته بإصلاحات في ليبيا، كما أدانت منظمة العفو الدولية تصريحات العقيد القذافي، والتي اعتبر فيها أنه "من الطبيعي أن يلجأ الضعفاء إلى الإرهاب"، كما وصفته بالديكتاتور. من جهته اعتبر وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير في مقال له بصحيفة "لكروا" بمناسبة زيارة القذافي باريس أن ليبيا "تخلت عن برنامجها المتعلق بأسلحة الدمار الشامل كما قامت بسياسة انفتاح وأطلقت الممرضات البلغاريات في بادرة حسن نية". لكن كوشنير تساءل في مقاله: "هل يمكننا أن نطمئن لكل الخطوات الليبية؟ يجب أن نبقي عيوننا مفتوحة على ما يجري من تحولات في ليبيا". صفقات ضخمة من جهته دافع الحزب الحاكم "الاتحاد من أجل الحركة الشعبية" عن زيارة الزعيم واعتبرها من قبيل "الواقعية السياسة"، وأنها تأتي في إطار تشجيع ليبيا على المضي في نهج الانفتاح الذي اعتمدته منذ أن بدأت تخرج من عزلتها سنة 2003. وبعيدا عن الجدل السياسي حول الانتقادات التي ترافق زيارة القذافي، فإن هذه الزيارة ستكون مناسبة للإليزيه لتوقيع العديد من الصفقات الضخمة من قبيل عقد بثلاثة مليارات دولار من أجل شراء طائرات إيرباص من قبل ليبيا، فضلا عن عقود أخرى تتعلق بشراء طائرات "رافال" الفرنسية المقاتلة. كما كشف سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي في حوار له لجريدة "لوفيجارو" سبق زيارة والده: "أن الزيارة ستشهد كذلك توقيع صفقة لبيع مفاعل نووي فرنسي للأغراض السلمية لليبيا". على الصعيد السياسي ستكون زيارة العقيد إلى فرنسا فرصة جديدة تؤكد فيها ليبيا -بحسب المراقبين- رغبتها في مزيد من الانفتاح على الغرب وطي حقبة المواجهة التي دامت لعشرات السنين، غير أن ليبيا لها خطوطها الحمراء وهو ما أكده سيف الإسلام القذافي حينما سألته لوفيجارو حول قبول ليبيا بمشروع ساركوزي (الاتحاد المتوسطي)، حيث أجاب نجل الزعيم الليبي: "نقبل بالاتحاد المتوسطي شريطة ألا تكون إسرائيل جزءا منه".