نابل.. .أنجزت أكثر من 7400 عملية تلقيح للكلاب والقطط.. فرق بيطرية تجوب المعتمديات    الدكتور أشرف عكة الخبير في العلاقات الدولية ل«الشروق»...الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة تاريخية    عثمان ديمبيلي يفوز بجائزة الكرة الذهبية    أزمة حادة في سيدي بوزيد والمدرب يرمي المنديل    بطولة الرابطة المحترفة الاولى: برنامج مباريات الجولة الثامنة    ميناء رادس: إحباط تهريب أكثر من 10 ملايين قرص مخدر    أمس في عملية استخباراتية ثانية بميناء رادس .. حجز ملايين أقراص من «حبوب الهلوسة»    في دورة كانت ضيف شرفها: تونس تحصد جائزتين في مهرجان بغداد السينمائي    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    "أكسيوس": ترامب يعرض على القادة العرب والمسلمين رؤية واشنطن لإنهاء حرب غزة    تحسين الخدمات الادارية    زياد غرسة يضيء سهرة افتتاح مهرجان المالوف الدولي بقسنطينة    المقاومة لترامب.. وقف اطلاق النار لشهرين مقابل نصف الرهائن    عاجل/ تلوّث البحر يضطر البحّارة الى ايقاف نشاطهم بهذه الجهة..    عاجل/ فتح تحقيق في حادث هبوط طائرة "nouvelair" في مطار نيس الفرنسي    إنتبه لها.. 10 علامات مُبكّرة للزهايمر    عاجل/ بيان إسرائيلي بشأن أسطول الصمود    يا توانسة ردّوا بالكم: مواد غذائية فاسدة محجوزة في برشا ولايات!    عاجل/ بلاغ هام من الحماية المدنيّة بخصوص التقلّبات الجوية    عاجل/ أمطار غزيرة ورعدية تتجّه نحو تونس الكبرى وهذه الولايات..    عاجل: الرجاء المغربي يقيل لسعد جردة ويعيّن خليفته...وهذا السبب    مشاركة تونسية مكثفة في مهرجان بوسان الدولي للفن البيئي    كريم دلهوم مدربا جديدا لاتحاد بن قردان    الحلبة: فوائد كبيرة.. لكن هذه الأضرار لا تتوقعها!    منظمة إرشاد المستهلك : ''غلاء اللّحوم والإنترنت يوجّع في جيوب التوانسة''    75 مدينة إيطالية تشهد مظاهرات حاشدة وإضرابا عاما ضد الحرب على غزة    QNB الشريك الداعم للبادل في تونس    صيام ربيع الثاني: برشا أجر في 3 أيّام برك...أعرفهم    عاجل: أمطار رعدية مع برد تتقدم للشمال والوسط التونسي    عاجل: الاتحاد المنستيري يعلن عن تركيبة جديدة للهيئة المديرة    دور الثقافة والفضاءات الثقافية تفتح أبوابها لاستقبال الراغبين في المشاركة في مختلف أنشطتها    خطير/صيحة فزع: أكثر من 50% من المؤسسات الصغرى والمتوسطة مهددة بالافلاس والاندثار..    المطر في تونس: وين كانت أكثر الكميّات حسب المدن؟    جراية التقاعد المبكر للمرأة: شروط، وثائق، وكمية المبلغ... كل شيء لازم تعرفو    عاجل: دروس متوقفة في هذه المناطق... والتلاميذ في الشارع! إليك التفاصيل    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    تونس على موعد مع حدث فلكي غريب بدخول الخريف... الشمس تعانق خط الاستواء..شنيا الحكاية؟!    كيفاش تعرف السمك ''ميّت'' قبل ما تشريه؟    بداية مبشرة مع أول أيام الخريف: أمطار وصواعق في هذه الدول العربية    تحذير طبي جديد يخص حبوب شائعة الاستعمال بين النساء...شنيا؟    علامات خفية لأمراض الكلى...رد بالك منها و ثبت فيها ؟    الدورة الاولى لصالون الابتكارات الفلاحية والتكنولوجيات المائية من 22 الى 25 اكتوبر المقبل بمعرض قابس الدولي    قفصة: تسجيل رجّة أرضية بقوّة 3،2 في الساعات الأولى من صباح الإثنين    5 سنوات سجناً لشيخ حاول اغتصاب طفل بحديقة الباساج    أحكام بين 10 و20 سنة سجنا في قضية تهريب مخدرات أطيح بأفرادها عبر "درون"    انطلاق حملات نظافة كبرى في دور الثقافة والمكتبات العمومية والجهوية    تواصل ارتفاع أسعار السيارات الشعبية في تونس.. وهذه أحدث الأسعار حسب الماركات..    البطولة الفرنسية : موناكو يتفوق على ميتز 5-2    عاجل/بالفيديو: رصد طائرات مسيّرة تحلّق فوق سفن أسطول الصمود..وهذه التفاصيل..    عاجل/ آخر مستجدّات فقدان مهاجرين تونسيّين في عرض البحر منذ أسبوع..    أول لقاء علني بعد الخلاف.. تأبين الناشط اليميني كيرك يجمع ترامب وماسك    طقس الاثنين: خلايا رعدية وأمطار غزيرة محليا مع تساقط البرد... التفاصيل    من برلين إلى لندن: الطيران الأوروبي في قبضة هجوم سيبراني    الصينيون يبتكرون غراء عظميا لمعالجة الكسور    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام الحرّ وتداعيات محاكمات الحوض المنجمي
نشر في الفجر نيوز يوم 01 - 03 - 2009


الشباب الديمقراطي التقدّمي بصفاقس
نعلم جميعا أنّ السلطة في تونس قد دأبت على التعامل مع الملفّات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة بتمشّ واحد هو الانغلاق والمغالطة وانتهاج المسلك الأمني والقضائي في حلّ مختلف القضايا المطروحة، خاصّة وقد نجحت من خلال سياسة القمع والإغراءات في تدجين مختلف المؤسّسات واحتكار الفضاء العامّ وإقصاء المعارضة الجدّيّة وضربها بكلّ الوسائل والطّرق. وقد تحوّل الإعلام الرسمي وشبه الرسمي إلى أداة طيّعة لتسويغ ممارسات السلطة من خلال تجاهل أو تزييف الواقع المتردّي بما يتماشى مع إرادة الحكم والصورة العقيمة التي يريد تقديمها.
هذا الخطاب الخشبي الذي طغى على المشهد السياسي والإعلامي في تونس، والذي يمكن اعتباره دليلا واضحا على مدى تخلّف الواقع السياسي وواقع الحرّيّات في البلاد، نجد مقابلا له أو مضادّا يطمح إلى إنشاء البديل هو الإعلام الحرّ والمستقلّ، الذي يسعى لتقديم صورة حقيقيّة وواقعيّة عمّا يجري في البلاد وطرح الملفّات الحرجة التي تستوجب الوقوف عندها ومعالجتها بشكل جدّي بعيدا عن الدعاية الرسميّة وخطابها الخشبي الذي يعمل على تقديم صورة مفبركة مزيّفة بما يخدم بروبجاندا الحزب الحاكم والتي لا هدف لها إلاّ الحديث عن إنجازات موهومة وتجاهل المشاكل الحقيقيّة للبلاد، وهو خطاب ملّه المواطن وأدرك عقمه.
ومن هنا كانت هذه الملاحقة الشرسة للإعلام الحرّ من طرف أجهزة الحكم لأجل ضربه وإخراسه بكلّ الطرق والوسائل وتعطيله عن القيام بدوره الحيوي في إنارة الرأي العامّ وتشكيله.
وهذا ما نلمسه جليّا من خلال أحداث الحوض المنجمي. ففي الوقت الذي كانت السلطة فيه تتنكّر للمطالب الشرعيّة لأبناء الحوض المنجمي والمتمثلة في الحق في الشغل والعيش الكريم والتوزيع العادل للتّنمية، هذه التحرّكات التي هبّت في وجه الفساد المستشري والمحسوبيّة والرشوة والتجاوزات التي رافقت الإعلان عن انتدابات شركة فسفاط قفصة يوم 4 جانفي 2008 في نفس الوقت الذي كانت السلطة تواجه هذه المطالب والتحرّكات بالتجاهل والالتفاف عليها حينا وأحيانا أخرى بالقمع والهرسلة والإرهاب من خلال الملاحقات والمداهمات للبيوت وانتهاك الحرمات والاعتداء على كلّ حقوق المواطنة والتي بلغت حدّ الاغتيال بإطلاق الرصاص الحيّ على ظهور المواطنين العزّل وغيرها من الجرائم البشعة، وكان الإعلام الرسمي يعمل على تجاهل هذه الأحداث والتعتيم عليها أو تشويهها بتقديم معطيات مغلوطة عن حقيقة ما يجري في المنطقة؛ في نفس هذا الوقت كان الإعلام الحرّ يمارس دوره في فضح ما يجري بمنطقة الحوض المنجمي ويلعب الدور الرئيسي في فكّ العزلة عن مناضلي الحركة الاحتجاجيّة وأبناء المنطقة وكسر الطوق الإعلامي المضروب حولهم، ويساهم في تحسيس الرأي العامّ لقضيّة الحوض المنجمي وتحشيد الدعم لنضالات أبناءه ومطالبهم سواء كان هذا الدعم محلّيّا أو دوليّا، وهو ما دفع بالحكم إلى استخدام كلّ أجهزته القمعيّة وتوظيفها لضرب هذا الرافد الإعلامي الهامّ وشلّه عن القيام بمهمّته، من ذلك مصادرة الصحف المستقلّة بشكل مباشر أو مقنّع كما حدث مع الطريق الجديد والموقف، وحجب المواقع وتدمير محتوياتها بالقرصنة كما حدث مع موقع "كلمة" وغيره من المواقع والمدوّنات، ومحاصرة القناة الفضائيّة "الحوار" بكل الأشكال من قطع التيار الكهربائي والانترنت وملاحقة وهرسلة الصحفيّين والاعتداء المتكرّر عليهم، ومصادرة الأجهزة كما وقع مع هذه الأخيرة ومع "راديو كلمة" إلى غير ذلك من أشكال الملاحقات والتضييقات. هذه الهرسلة بلغت حدّها الأقصى مع المحاكمات الجائرة التي تعرّض لها قادة التحرّكات الاحتجاجيّة بالحوض المنجمي والذين كانت السلطة قد سبق وتفاوضت معهم في هذا الشأن، حيث عمدت لتصفية الإعلاميّين الذين كان لهم دور في تغطية التحرّكات من خلال ملاحقتهم قضائيّا وتلفيق قضايا ضدّهم والزّجّ بهم في ما يسمّى بقضيّة "الوفاق" وإصدار أحكام ثقيلة في حقّهم: فصدر حكم غيابيّ على مراسل قناة الحوار التونسيّة الفاهم بوكدّوس بالسجن 6 سنوات وكذلك حكم على مراسل جريدة الموقف عضو جامعة قفصة رشيد عبداوي ب6 سنوات سجن ابتدائيا و4 سنوات سجن مع النفاذ في الطور الاستئنافي بل إنّ هذه الأحكام طالت حتّى الناشطين الذين دعموا الحركة من خارج التراب التونسي مثل السيد محي الدين شربيب رئيس الرابطة التونسيّة لمواطني الضّفّتين والذي كان له دور كبير في تحسيس الرأي العام العالمي وتحشيد الدعم الدولي. هؤلاء الذين ارتكبوا الجريمة البشعة للوقوف إلى جانب المضطهدين والقيام بواجبهم الإعلامي الذي يمليه عليهم دورهم وموقعهم كإعلاميّين مناضلين يدافعون عن صوت الحقّ ويعملون على إبلاغ الحقيقة إلى الناس.
ولا يخفى على أحد طبيعة هذه المحاكمات التي تحاكم الضّحيّة بدل الجلاّد والتي لا هدف من ورائها إلاّ ضرب كلّ نفس نضالي وجعل كلّ من قاد وأطّر وغطّى إعلاميّا التحرّكات الاحتجاجيّة لأبناء الحوض المنجمي ووقف إلى جانب مطالبهم العادلة وكلّ من ساهم في تبليغ القضيّة إلى الرأي العامّ، جعلهم "عبرة لمن يعتبر"، إلى جانب التعتيم على التجاوزات الخطيرة التي رافقت المحاكمات من تعذيب أثناء التحقيق ورفض العرض على الفحص الطبي وفبركة محاضر بحث وغيرها من ممارسات سبق لهيئة الدفاع فضحها.
وهكذا أكّد الفصل الأخير من مسلسل الأحداث في الحوض المنجمي، فصل المحاكمات وجولتها الاستئنافيّة، مرّة أخرى التمشّي الانغلاقي والاستبدادي للسلطة، كما ألقى على عاتق القوى الحيّة الوطنيّة وخاصّة الإعلام الحرّ مهمّة حسّاسة مزدوجة هي مزيد تحشيد الدعم والتعريف بالقضيّة لرفع المظلمة التي يتعرّض لها أبناء الحوض المنجمي وقادة التحرّكات الاحتجاجيّة إلى جانب الدفاع عن حرّيّة الإعلام التي هي قضيّة القضايا اليوم.
الشباب الديمقراطي التقدّمي بصفاقس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.