بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    اليوم آخر أجل لخلاص معلوم الجولان    الإسناد اليمني لا يتخلّى عن فلسطين ... صاروخ بالستي يشلّ مطار بن غوريون    مع الشروق : كتبت لهم في المهد شهادة الأبطال !    الأنور المرزوقي ينقل كلمة بودربالة في اجتماع الاتحاد البرلماني العربي .. تنديد بجرائم الاحتلال ودعوة الى تحرّك عربي موحد    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    البطولة العربية لألعاب القوى للأكابر والكبريات: 3 ذهبيات جديدة للمشاركة التونسية في اليوم الختامي    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    حجز أجهزة إتصال تستعمل للغش في الإمتحانات بحوزة أجنبي حاول إجتياز الحدود البرية خلسة..    متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة: أمطار بهذه المناطق..#خبر_عاجل    قطع زيارته لترامب.. نقل الرئيس الصربي لمستشفى عسكري    عاجل/ بعد تداول صور تعرض سجين الى التعذيب: وزارة العدل تكشف وتوضح..    كأس إفريقيا للأمم تحت 20 سنة: فوز ثمين لنسور قرطاج على كينيا ينعش حظوظ التأهل    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    الملاسين وسيدي حسين.. إيقاف 3 مطلوبين في قضايا حق عام    إحباط هجوم بالمتفجرات على حفل ليدي غاغا'المليوني'    نهوض المزونة يضمد الجراح ويبث الفرحة بالصعود الى الرابطة الثالثة    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    نقيب الصحفيين : نسعى لوضع آليات جديدة لدعم قطاع الصحافة .. تحدد مشاكل الصحفيين وتقدم الحلول    نهاية عصر البن: قهوة اصطناعية تغزو الأسواق    حجز عملة أجنبية مدلسة بحوزة شخص ببن عروس    أهم الأحداث الوطنية في تونس خلال شهر أفريل 2025    ثنائية مبابي تقود ريال مدريد لمواصلة الضغط على برشلونة المتصدر بالفوز 3-2 على سيلتا فيغو    الكاف: انطلاق موسم حصاد الأعلاف مطلع الأسبوع القادم وسط توقّعات بتحقيق صابة وفيرة وذات جودة    الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 2025": فرصة لدعم الشراكة والانفتاح على التكنولوجيات الحديثة والمستدامة    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    مبادرة تشريعية تتعلق بإحداث صندوق رعاية كبار السن    تسجيل ثالث حالة وفاة لحادث عقارب    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    إحباط عمليات تهريب بضاعة مجهولة المصدر قيمتها 120 ألف دينار في غار الماء وطبرقة.    إذاعة المنستير تنعى الإذاعي الراحل البُخاري بن صالح    خطير/كانا يعتزمان تهريبها إلى دولة مجاورة: إيقاف امرأة وابنها بحوزتهما أدوية مدعمة..    زلزالان بقوة 5.4 يضربان هذه المنطقة..#خبر_عاجل    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    تنبيه/ انقطاع التيار الكهربائي اليوم بهذه الولايات..#خبر_عاجل    برنامج مباريات اليوم والنقل التلفزي    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    أريانة: القبض على تلميذين يسرقان الأسلاك النحاسية من مؤسسة تربوية    بطولة فرنسا - باريس يخسر من ستراسبورغ مع استمرار احتفالات تتويجه باللقب    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    بعد هجومه العنيف والمفاجئ على حكومتها وكيله لها اتهامات خطيرة.. قطر ترد بقوة على نتنياهو    ترامب ينشر صورة له وهو يرتدي زي البابا ..    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاصيل لم تنشر عن السّاعات الأخيرة من حياة عرفات:كشفها الشيخ تيسير التّميمى
نشر في الفجر نيوز يوم 22 - 01 - 2008

تفاصيل لم تنشر عن السّاعات الأخيرة من حياة عرفات :كشفها الشيخ تيسير التّميمى فى حوار خاص:عمّان- شاكر الجوهري :نشأت فكرة هذا الحوار مع الشيخ تيسير التميمي، رئيس القضاء الشرعى
تفاصيل لم تنشر عن السّاعات الأخيرة من حياة عرفات
كشفها الشيخ تيسير التّميمى فى حوار خاص
الفجرنيوز 22, 2008 13:05 PM
عمّان- شاكر الجوهري
نشأت فكرة هذا الحوار مع الشيخ تيسير التميمي، رئيس القضاء الشرعى الفلسطينى على مائدة عشاء أقامه نادى يرموك البقعة، عقب إحدى أمسيات أسبوع القدس الثقافى الذى نظمه النادى مؤخرا.. ولم يُبقِ الشيخ التميمى ما يمكن التكتّم عليه.. فاض بكلّ ما لديه..وكشف تفاصيل مهمة عن الساعات الأخيرة من حياة الراحل ياسر عرفات.
الشيخ التميمى عاد إلى بداية علاقته بالرئيس عرفات قائلا فى حواره للعرب: "ربطتنى بالرئيس الراحل علاقة حميمة هنا فى عمّان، بعد إبعاد سلطات الاحتلال لوالدى من الخليل، مع رفيقيه المرحوم فهد القواسمي، ومحمد حسن ملحم، بعد عملية الدبوية فى الخليل بتاريخ الأول من آيار/مايو 1980.
بعد إبعاد والدى بعامين، التقيت الرئيس الراحل هنا فى عمّان، وذلك برفقة والدي.. كنت حريصا على ذلك اللقاء.. كنت أسمع كثيرا عن الرئيس عرفات، وكانت هناك رهبة تملكتنى قبل أن أراه.. زعيم، ورئيس، وفدائي، وقائد عسكري.. فور التقائى إياه زالت تلك الرهبة..شعرت أننى اعرفه منذ ولادتي. قابلنى بالترحيب، وبابتسامة عريضة، وعانقني، وبدأ يسألنى عن كل شيء فى القدس، فى الخليل..عن أدق التفاصيل..وسألنى عن المسجد الأقصى، وعن الحرم الإبراهيمي"..
مضيفا: "كانت بداية عملى فى القضاء الشرعي.. كنت قد عينت قبل شهور قاضيا شرعيا فى محكمة نابلس الشرعية. وبالفعل سألنى عن كل شيء. وتكررت الزيارات، التى كانت سرية، لأن اللقاء مع ياسر عرفات فى ذلك الوقت كان مسؤولية كبيرة لدى سلطات الاحتلال، ويمكن أن يرسل صاحبه للسجن.
حين انفجرت أحداث مسجد فلسطين فى غزة، بعد عودة الرئيس عرفات إلى فلسطين عام 1994، كنت موجودا فى منزلى فى الخليل أشاهد التلفاز، وقد شعرت بوجود أصابع خفية تريد إحداث فتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني. وكانت قد شكلت لجنة طوارئ فى الخليل بعد أحداث الحرم الإبراهيمى الشريف، وكنت أنا من قادتها، وبصفتى هذه دعوت لاجتماع طارئ للجنة فى تلك الليلة، حيث اتفقنا على إصدار بيان موجه أساسا إلى الإخوة فى غزة نناشدهم فيه ضبط النفس.
وحذّرت من الأصابع الخفية التى تريد إشعال نار الفتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني، وأذكر أننى كتبت تلك المناشدة بيدي، وبعثت نسخة منها إلى المنتدى، حيث مقر الرئيس عرفات فى غزة، ونسخة أخرى إلى الدكتور محمود الزهار، الذى طلبت منه أن يذاع النداء عبر مكبرات الصوت فى المساجد، وتوجهت فى اليوم التالى مباشرة إلى غزة لأتّصل بالطرفين، وحين وصلت غزة، أبلغنى الرئيس عرفات أنه كان للمناشدة تأثير سحري، وأنها أنهت حالة الاحتقان التى كانت موجودة فى غزة. ومن هنا بدأت علاقة طويلة مع الرئيس الراحل رحمه الله".
وعن مرض عرفات ونقله إلى باريس قال التميمي: "كانت تربطني، كما قلت، بالرئيس عرفات علاقات حميمة.. وأذكر أنه فى العاشر من رمضان سنة 2004 زرته فى مقره فى المقاطعة برام الله.. قبل الدخول عليه طلب منى الطاقم الطبى أن أطلب من الرئيس أن يفطر، وأن يوقف صيامه.. وأبلغونى أن حالته خطرة، ولديه تكسّر فى الصفائح الدموية، ويجب أن يتوقف عن الصيام، وأن يفطر.
حين دخلت على الرئيس طلبت منه أن يفطر، وبيّنت له الأحاديث النبوية التى تبيح الإفطار للمريض، لكنه رفض، وأصر على أن يبقى صائما.. وطلب منى أن أبقى معه لأتناول معه طعام الإفطار.. وهذا ما حدث.
بعد الإفطار أدينا الصلاة، ثم جلس معنا بعض الشخصيات، أذكر منهم جميل الطريفي، روحى فتّوح، وبدأ يتحدث كعادته عن بعض ذكرياته.. وأهم ما سرده علينا فى ذلك الحديث قوله إنه عرضت عليه صورة امرأة عراقية تعذّب تعذيبا مقززا من قبل قوات الاحتلال الأميركى للعراق، وأخذ يبكى بحرارة وحرقة، وهو يقول أين المعتصم؟ أين العرب؟ أين المسلمين؟ إمرأة عربية يفعل فيها هكذا؟! وواصل البكاء.
استأذنت الرئيس، وكانت لى زيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة. وفى طريقى إلى الإمارات عرّجت على القاهرة، حيث علمت وأنا فى العاصمة المصرية أن صحة الرئيس قد ساءت، فعدت فورا إلى رام الله.
كان الفريق الطبى المصرى قد حضر، وطرح ضرورة نقل الرئيس إلى خارج المقاطعة لعلاجه. وتحدث أطباء الفريق المصرى عن أن سبب تكسر الصفائح الدموية ربما يعود إلى اصابة الرئيس بالأنفلونزا. وقالوا إن لديه التهابات".
وشرح الشيخ التميمي: "كنت مرة أثناء مرضه موجودا فى تونس، وكنت ذات يوم مدعوا على مائدة الإفطار فى منزل السيد فاروق القدومي، وقد تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس عرفات بُعيد تناولنا الإفطار، وقد أبلغه أبو عمار أنه مصاب بأنفلونزا..وبدورى سألت أبو اللطف: هل يعقل أن يكون مرضه هو الأنفلونزا، وأن يستدعى الأمر استحضار فرق طبية لمعالجته من تونس ومصر؟..أجابنى أبو اللطف قائلا: منذ عرفنا أبو عمار وهو كلّما أصيب بالأنفلونزا تنزل الحمّى على أمعائه"..
وبيّن محاورنا: "كأن الأطباء احتاروا فعلا فى تشخيص حالته.. وقد أجمعوا على ضرورة أن يخرج من المقاطعة إلى مستشفى ليتمكنوا من تشخيص الحالة بشكل أفضل.. قالوا إنه يجب أن يخضع لفحوصات وتحليلات فى مستشفى، وهو ما لا يمكن إجراؤه داخل المقاطعة.. المهم، ذهب إلى باريس"..
وعن مسألة اللحاق بأبى عمار فى مشفاه الباريسى وما ثار حولها من غبار إعلامى أوضح الشيخ التميمي: " كنت فى سفر. وقد عدت حين ساءت حالة الرئيس الصحية.. المهم أنه بعد نقله إلى باريس، التقيت مع الدكتور حسن أبو لبدة، أمين عام مجلس الوزراء فى حينه، وذلك فى السادس والعشرين من رمضان فى مقر مجلس الوزراء فى رام الله، حيث كنت ذاهبا إليه لسؤاله فى أمر يتعلق بالعمل، وكان حينها الرئيس عباس، وأحمد قريع، وعدد من المسؤولين قد توجهوا إلى باريس لعيادة الرئيس، وقد أخبرنى أبو لبدة أن حالة الرئيس سيئة وصعبة.. فقلت له يفترض أن يذهب إليه أحد رجال الدين المسلمين ليكون إلى جواره فى هذه اللحظات الحرجة.. رد عليّ أبو لبدة أن هذا الأمر لم يخطر لنا على بال.
وبعد انتهاء لقائى مع أبو لبدة، توجهت إلى الإذاعة، حيث كنت مدعوا للتحدث فى برنامج إذاعي.. وبعد انتهاء البرنامج، ومغادرتى للإذاعة، علمت أن الدكتور أبو لبدة يبحث عني. وقد أبلغنى أنه اتصل بالأخوين أبو مازن وأبو علاء، ونقل لهما رأيي، فرحّبا بأن أذهب إلى باريس. وسألنى عن جواز سفري، فأجبته بأنه فى جيبي.. فقال سنؤمّن لك السفر هذه الليلة. وطلب منى أن لا أتحدث لأحد عن اعتزامى التوجه إلى باريس.
لم أحدّث أحدا، وبعد مغرب ذلك اليوم توجهت إلى جسر الملك حسين، وغادرت إلى عمّان.. وكان موعد سفرى فى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل إلى كوبنهاجن، ومنها إلى باريس.
قبل أن أصل عمّان تلقيت اتصالا هاتفيا من أحد اصدقائي، سألنى أين أنت؟ أجبته أنا فى المسجد الأقصى أحيى ليلة القدر..! قلت ذلك حفاظا على سرية المهمة كما طلب مني. لكنه رد عليّ قائلا أنت ذاهب إلى باريس..!
سألته من أين لك بهذه المعلومة؟ أجاب إن موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية ذكر أن الشيخ التميمى ذاهب إلى باريس ليفتى برفع الأجهزة الطبية عن الرئيس ياسر عرفات..!
قلت لنفسى هذه مصيبة.. هذه ليست الحقيقة.. الإعلام الصهيونى يزوّر الحقائق كعادته. وحين وصلت عمّان، أخبرت أن قناة الحرة الأميركية ذكرت أن الشيخ التميمى متوجه إلى باريس حاملا كفن الرئيس عرفات..!!
فى الطائرة صادفت طاهر المصرى رئيس وزراء الأردن الأسبق، والدكتور حنا ناصر رئيس جامعة بيرزيت، وكانا متوجهين إلى الولايات المتحدة عن طريق كوبنهاجن.. وقد أخبرانى أن كل الإعلام يتحدّث عن زيارتى لباريس.. وسألانى ما الأمر؟
المهم وصلت فى الساعة الثانية من فجر اليوم التالى إلى باريس، حيث كان فى انتظارى بمطار باريس الدكتور ناصر القدوة، والسفيرة الفلسطينية ليلى شهيد، وقد ذهبت معهما إلى المستشفى. حين وصلنا المستشفى رفضت النزول من السيارة، قائلا هذا ليس المستشفى، فقالا لى بل هو..!
أعدت عليهما إننى شاهدت المستشفى مرارا على شاشات التلفزة، وهذا ليس المستشفى..! فأكدا أن هذا هو المستشفى، ولكننا نريد الدخول من باب خلفى لنتجنب الإعلام.. فقلت لهما أما أنا فأريد أن أتحدث للإعلام، لأن الإعلام الإسرائيلى قال إننى قادم لأفتى برفع الأجهزة عن الرئيس، مشوها بذلك الهدف من زيارتي، ولا بد من أن أوضّح المسألة.
طلب منى الدكتور القدوة أن أهمل الأمر، قائلا إنه سيعالج الموضوع فى أحد لقاءاته مع الإعلام، فقلت له بل أنا الذى يجب أن أبين الحقيقة، لأن ما يروّجه الإعلام الإسرائيلى أكاذيب وأباطيل، وهذا اتهام لى بأنى أريد أن ارتكب جريمة الإفتاء برفع الأجهزة الطبية عن الرئيس.
وبالفعل، تحدثت لأجهزة الإعلام على مدخل المستشفى، وقبل أن أرى الرئيس عرفات، حيث قلت بصراحة إن رفع الأجهزة الطبية عن أى مريض محرم شرعا، طالما أن مظاهر الحياة موجودة لديه، وهى الحرارة والحركة. وأكدت أن هذا محرم فى كل الأديان.
بعد ذلك دخلت إلى المستشفى، فأبلغت أن الجنرال مدير مستشفى بيرسى العسكرى يريد رؤيتي، حيث أبلغنى اعتذاره عن عدم السماح لى بلقاء الرئيس عرفات..سألته لماذا؟! أجاب لأنى رجل دين..!! وقال نحن دولة علمانية، وقد علمنا أنك ستقوم بأداء طقوس دينية، وهذا يتنافى مع مبادئنا العلمانية. فقلت له يوجد فى باريس الكثير من المساجد والكنائس، ومن يقوم بأداء الطقوس الدينية، وهذا أمر مستغرب صدوره عنك. وهذا من حقوق الرئيس عرفات كإنسان. لكنه ظل رافضا.
عند هذا الحدّ قلت له إننى سأعود إلى مندوبى الوسائل الإعلامية وأبلغهم أن فرنسا منعتنى من رؤية الرئيس ياسر عرفات بسبب مبادئها العلمانية..! وغادرت مكتب الجنرال، ولحق بى الجنرال والدكتور ناصر القدوة، الذى ترجم لى قول الجنرال إنه يريد التحدث مع المصادر العليا فى قصر الأليزيه فى أمر زيارتى للرئيس.
بعد نصف ساعة جاءنى الجنرال وقال لى إنه مسموح لى بالذهاب لرؤية الرئيس على أن لا أطيل الزيارة أكثر من دقائق معدودة، فأجبته بل سأظل إلى جواره حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.
ونحن فى طريقنا إلى الرئيس، فى غرفة العناية الحثيثة، سألنى الدكتور رمزى خوري، مدير مكتب الرئيس فى حينه: كيف قوة أعصابك؟ أجبته قوية والحمد لله.. نحن ندفن كل يوم شهداء ونلملم أشلاء الذين تقتلهم قوات الاحتلال.. فقال لى إن حالة الرئيس عرفات مفزعة..! وأن الأخ أحمد قريع حين دخل إلى الرئيس وقع على الأرض مغشيا عليه"..!
ووصف الشيخ التميمى الحالة المزرية التى وجد عليها عرفات قائلا: "حين دخلنا إلى الرئيس كان الأمر مفزعا..وجدت رأس الرئيس منتفخا ومتورما بحيث أصبح حجمه تقريبا ثلاثة أضعاف حجمه الطبيعي، وكان الدم ينزف من مختلف أنحاء رأسه ووجهه..!! كانت الدماء تنزف من مسامات جلده وأذنيه وعينيه،..من محيطهما..كانت الدماء تنزف ومن كل مكان..الحقيقة أننى لم أتمالك نفسي، وكدت أن أقع مغشيا علي، لولا أننى تمالكت نفسي، وأغمضت عينى وتلمست الطريق حتى وصلت إلى مقعد موضوع بجوار الرئيس.. كان هناك تغير كبير فى شكل وجه الرئيس..كان وجهه محتقنا..والنزف الدموى يبدو أنه كان ناتجا عن تفجر شرايينه، أما ملامحه فقد كانت كما هي. المهم..جلست إلى جواره، وبدأت أتلو آيات من الذكر الحكيم"..
ونقل الشيخ التميمى لل"عرب" اللحظات الأخير للرئيس الراحل قائلا: ".. بقيت إلى جواره، وبعد فترة من الزمن، تمكنت من النظر إلى كتفه، وكان مرتفعا، ولحظت أن كتفه تحرك..ارتعش ثلاث مرات.. وهذا شجعنى على أن ألمس جسده.. لمسته من كتفه الذى ارتعش. كان دافئا.. بعد أن لمسته خرجت للإعلام وقلت إن الرئيس حى يرزق..مظاهر الحياة من حركة ودفء موجودة فيه. ولكنى قلت أيضا إن وضعه صعب. وعدت إليه مرة أخرى، وغادرت قبل الإفطار إلى الفندق لأتناول طعام إفطاري. وعدت للرئيس ثانية بعد الإفطار..فوجدت تحسنا لدى الرئيس"..
وأضاف التميمي: "قبل أن أخرج كان نبضه بطيئا جدا.. وحين عدت إليه وجدت أن نبضه بدأ ينتظم، كما أن النزيف بدأ يخف. وظهر نوع من الارتياح على وجهه.. كان لديه نزيف مع احتقان، فأصبح يبدو على وجهه شيء من الارتياح والصفرة بدلا من الزرقة..أنا قلت إنه تحسّن. وبقيت إلى جواره، وشاركنى الأطباء الرأى فى أنه بدأ يتحسن..وقد بقيت إلى جواره حتى الثالثة والنصف صباحا إلى أن فارق الحياة"، شارحا: "لم نشعر بأيّ شيء.. بالعكس هو كان فى غيبوبة، ولذلك لم نشعر بمظاهر الاحتضار المعتادة. الأجهزة هى التى أبلغت بتوقف النبض والتنفس".
وأوضح أن الأطباء "حاولوا المحافظة على حياته عبر شحن بعض الأجهزة بالأدوية المنشطة، ولكن لم ينجحوا.
وكشف التميمي: "كان هناك عدد من المصاحف.. حينما دخلت المستشفى، قالوا لى إنه طلب سجادة صلاة، ومصحفا..كان يواظب على الصلاة قبل أن يدخل فى غيبوبة. رأيت عددا من المصاحف فى غرفته".
وعما راج حول فرضية تسميم الرئيس عرفات بيّن الشيخ التميمي: "تحدثت مع الأطباء.. قالوا لقد أجرينا فحوصات عديدة ولم نعرف سبب المرض أو سبب الوفاة. وقالوا عن احتمال تسميمه إنهم أجروا عشرات الفحوص التى تتعلق بالسم.. وأن الفحوصات لم توصلهم إلى نتيجة".
وأضاف الشيخ التميمي:"..أنا سألت فى ما بعد، ووصفت حالة الرئيس كما شاهدتها للعديد من الأطباء، وقلت لهم إن الدم كان ينزف من مسامات جلده فقالوا إن السم يذهب بخاصية التجلّط، ويصبح الدم كالماء. وما يؤكد ذلك أنه بعد وفاته بأربع ساعات، وحينما قمنا بتغسيله، استمر نزول الدم فاضطررنا أن نضع أشرطة طبية لاصقة "بلاستر" على مناطق خروج الدم فى وجهه حتى نتمكن من تغسيله"، مضيفا: "جاء عدد من الإخوة من مسجد باريس، وتولوا تغسيله، وأشرفت أنا على تغسيله وتكفينه. وكانوا مختصين بأمر تغسيل الموتى. وقد قمت بالصلاة عليه ووضعه فى الثلاجة".
وتابع الشيخ التميمى شارحا ما حف بعملية الدفن من ظروف استثنائية: "..عدت إلى عمّان، ومنها إلى رام الله فى ذات الليلة، ومن هناك توجهت للقدس، حيث أتيت بتراب من جوار المسجد الأقصى، ووضعته فى قبر الرئيس.. وانتظرنا وصول الجثمان من القاهرة يوم الجمعة.. وعندما وصل الجثمان إلى المقاطعة بعد العصر، كانت جموع غفيرة فى انتظاره..
أكثر من مائة ألف فلسطينى جاؤوا من كل مكان بالرغم من الحواجز التى وضعتها قوات الاحتلال.. ولم نستطع إخراج النعش من الطائرة إلا بصعوبة.. وكان هناك ترتيب يقضى بأن يوضع النعش فى قاعة المقاطعة لإلقاء نظرة الوداع عليه من قبل المسؤولين، والسلك الديبلوماسي..لكننا لم نتمكن من إيصال النعش إلى القاعة بسبب الازدحام الشديد. وبصعوبة بالغة تمكنا من الوصول إلى القبر.. وذلك بعد أكثر من ساعتين من إنزاله من الطائرة.. مسافة أمتار استغرق قطعها أكثر من ساعتين"..
وتابع محاورنا: "أنا نزلت إلى داخل القبر كى أضعه فيه وألحده وفقا للشعائر الإسلامية. وحينما أنزلنا النعش، بدأ الناس يتساقطون عليه. وكانت هناك شائعة تقول إن كتائب شهداء الأقصى ستقوم باختطاف الجثمان بهدف دفنه فى القدس. شعرت فى تلك اللحظات أننى سأفقد السيطرة على الوضع، فأصدرت أمرا بإغلاق القبر، ودفنه وهو داخل التابوت. وهذا ما حدث، وهو ما أثار استياءً لدى البعض..تساءلوا كيف يتم دفن الرئيس وهو داخل النعش؟! وقالوا هذا يتنافى مع تعاليم الإسلام. قلت لهم أنا المسؤول، وأنا أتحمّل المسؤولية. وعدت للمقاطعة ليلا، وطلبت من الطيب عبد الرحيم أمين عام الرئاسة أن يأمر بتجهيز عدد من أفراد الحرس الرئاسى فى الثانية بعد منتصف الليل.
سألنى لماذا؟ أجبته لنقوم بدفن الرئيس..! سألنى ما الذى فعلته إذا؟! فشرحت له أن الوضع حال دون دفنه وإخراجه من النعش، فرأيت أن أقوم بذلك على مرحلتين.. والآن أريد عددا من الحراس ليساعدونى فى دفنه مجددا. وهذا ما حدث بعد الثانية والنصف من فجر السبت.. وكانت كاميرات الفضائيات لا تزال تصور من على أسطح العمارات المحيطة بالمقاطعة.
ولذلك، وحتى لا تصور وتبث الفضائيات وقائع ما سيجري، طلبت شادرا "خيمة" غطينا به القبر، وكانت معنا اضاءة يمكن أن تظهر وجود حركة خلف الشادر، لذلك طلبت عددا من سيارات الدفاع المدني، وطلبت من سائقيها أن تحيط سياراتهم بالقبر، كى لا يرى أحد ما يجري. وقمنا بنبش القبر مجددا، وأخرجنا التابوت، ثم أخرجنا الجثمان من التابوت، وكشفت عن وجه الرئيس، وكان قد مضى 24 ساعة على وفاته، فوجدت أن رأسه قد عاد إلى حجمه الطبيعي، وكان مبستما مضيئا شديدة البياض يميل إلى الصفرة..
عاد وجهه ليس إلى لونه الطبيعي، وإنما أكثر بياضا..وقمت بلحده وفقا للطقوس الإسلامية، ووضعته على جنبه الأيمن، ونثرت عليه حفنات من تراب المسجد الأقصى. وقبل ذلك قمنا بالصلاة عليه مرة أخرى خارج القبر. ودفنته بعد الصلاة عليه وفقا لما شرحت. وبعد إكمال الدفن، طلبت من الحراسات وضع التابوت فى المقاطعة..وأن يحافظوا عليه.. فى صباح اليوم التالى اتصل بى المحافظ مصطفى عيسى قائلا هناك شائعات تقول إنك دفنت الرئيس وهو داخل التابوت..! هناك تذمر..! أجبته ردى على هذه الشائعات أن التابوت موجود فى المقاطعة..إذهب وشاهده بنفسك".
وأوضح الشيخ التميمي: "..فى المرة الأولى عندما دفن داخل التابوت، قمنا بعد أن وضعنا البلاطات على قبره بصب اسمنت غير مسلح لا تتخلله قضبان الحديد فوقها، ووضعنا ترابا فوق الإسمنت. وعندما نبشنا القبر قمنا بتكسير الإسمنت. وفى المرة الثانية، وضعنا البلاط، وفوقه أيضا اسمنت غير مسلح".
وشرح الشيخ سبب ذلك بالقول: " حينما صممنا القبر، بعد وصولى إلى رام الله، صممناه بحيث يسهل نقله من مكانه.. وضعت له مقابض حديدية..لقد اوصانى وهو فى مرضه، حين زرته فى العاشر من رمضان، وطلب منى البقاء وتناول طعام الإفطار معه، بأن يتم دفنه فى المسجد الأقصى. قال لى أنا رجل كبير فى السن..عمرى 74 سنة..هل تريد منى أن أفطر وأنا فى هذا العمر؟ رددت عليه أنت يا أبو عمار صحتك ليست ملكك..هى ملك الشعب الفلسطيني. فأخذ يتأمل، وقال لى "على فكرة..إذا مت فوصيتى هى أن تقوم بدفنى فى القدس.. فى المسجد الأقصى..وبالفعل صمم القبر بحيث يسهل نقله بكامله فى المستقبل بعد تحرير القدس".
وختم الشيخ التميمى كاشفا: "فى الدفنة الثانية لم يكن موجودا أحد سواى وعدد من الحراس.. وأبو مازن ذكرت له التفاصيل فى ما بعد فأبدى استحسانا لما حدث".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.