لمّا تراسلنا منذ مدة أدركت صلابة الرجل وثقته في نفسه وأنه لا يسعى إلى أكثر من حصوله على حقوقه، وأيقنت أن الأستاذ واع بحقه المسلوب ومستميت في الدفاع الكامل عنه، وما ضاع حق ورائه مثل الرجل!في عادة السياسة كثير من الحسابات المفتوحة والمغلقة، وفي السياسة باب نخاله أكثر متانة وأصلح شأنا... باب القيم والأخلاق والفضائل والحقوق! ومن هذا الباب نلج حتى نعبر لأخينا الفاضل الأستاذ معطر عن كل مضامين التضامن والمساندة... لم يكن النداء الأخير للأستاذ معطر إلا تذكيرا لمن نسى، أو إعلاما لمن جهل أو تجاهل، أو خضة قوية لمن غفل أو استِغفل، بأن هناك في تونس يتعرض رجل من نخبة القوم وصفوتهم إلى حالة غير مسبوقة في مجال التدافع السياسي، حيث دخلت الضريبة حسب الأستاذ الكريم وما ألم به من حيثيات، كمنهج تعامل سياسي من جهة عند بعض الأطراف في السلطة، وأسلوب تأديب وتأنيب وردع من جهة أخرى... لقد عرفنا ونحن على مكاتب الدراسة أن الضريبة عنوان تضامن بين الأفراد وبين الأجيال، وأن الضريبة عنصر ارتباط بين أطراف المجتمع، ومن هذه الزاوية لم تكن الضريبة إلا نوعا من تأكيد الانتماء إلى رقعة أرض وإلى ساكنيها! لم يخطر ببالنا ونحن في كهولتنا أن تصبح الضريبة، حسب ما وصلنا، شكلا من التأديب والزجر عند البعض، ودفعا لكراهية الانتماء والارتباط بالأوطان. لقد عرفنا الضريبة ونحن نحتك بالسياسة، على أنها قطعة مستقلة عن المشهد السياسي، لا يلزمها موقع سياسي، ولا يغير كمها وكيفها على المعني انتماءه لحزب أو مجموعة، ولا يؤثر فيها موقف شخصي يطال المجال السياسي كرأي أو تصور أو كر وفر داخل المشهد العام... لكن ما يقع للأستاذ معطر وهو يبلغنا بمرارة نداءه وحيثياته، أخل بهذه القاعدة وهذه الاستقلالية البديهية ودخلت الضريبة مناطق "الولاء والبراء" السياسي وأصبحت عصا ودرة تستعملها أطراف من أصحاب القرار. ليست الضريبة ولا غيرها من فنون المواجهة السياسية بين أطراف المجتمع المدني، إلا عنصر ضعف وعدم ثقة في النفس لمن يستعملها تجاه خصمه السياسي وملاذ من استيقن هشاشة براهينه وحججه، ونحن حين نسمع ونقرأ للأستاذ معطر يتجلى لنا حالة الجور التي يتعرض لها الرجل من قبل البعض وهو يسعى جاهدا للرد على متهميه بكل ما يسمح به القانون من حجج مجملة ومفصلة، ويطلب من المدعين الاستماع إليه فقط وإلى ردوده واستفساراته! نعم، للقضاء دوره وله استقلاليته التي نعتبرها عنصر تمكن وسلامة لمجتمع ديمقراطي أصيل، نعم لقراراته وهي تبرز عبر آليات مؤسساتية واضحة ومشوار قانوني ونزيه لمسار تشكُّل الحكم وتنزيله، لكن ما يحصل وحسب إفادات الأستاذ معطر يبتعد عن هذه الحالة البديهية والسليمة. أستاذ معطر قد سمعنا النداء، ولست وحيدا ولن تكون، ولا غريقا وإن كان بحر الظلمات، وإنا من منطلق المسؤولية الأخلاقية والوطنية والإنسانية والدينية نعبر لك عن مساندتنا وتضامننا، وإلى المطالبة من موقع المواطن البسيط الذي يسعى لعيش مواطنته كاملة أن تراجع السلطة منهجها وقد بلغتها حالتك، وأن ترى فيك كما نرى رجلا أبيا ومواطنا صالحا غيورا على بلاده وعلى مستقبلها ولو اختلفت الضفاف والرؤى. أننا نتمنى أن يكون ما يتعرض له أستاذنا الفاضل ليس منهجا مبرمجا وخطة للتعامل مع المنافس السياسي، نتمنى أن يكون هذا الصنيع مقتصرا على فئة داخل السلطة لا غير، ولذا وجب الإسراع بحل هذه الأزمة لما لها من تأثير مباشر على حياة الأستاذ معطر الشخصية والعامة، ولما تحتويه من إشارات سياسية ورسائل تستبطن الإقصاء والتهميش والجور والاعتداء على كرامة المواطن. إن اللقاء الاصطلاحي الديمقراطي يضم صوته عاليا لمساندة الأخ الفاضل الأستاذ عبد الوهاب معطر ويدعو السلطة إلى معالجة هذه القضية في أقرب وقت بسحبها وضمان حقوق الأستاذ الخاصة منها والعامة.