طرابلس أقر المصرف المركزي في ليبيا مؤخرا إنشاء نوافذ مصرفية تقدم خدماتها وفق الشريعة الإسلامية بالمصارف التقليدية "الربوية". واعتبر محللون أن هذه الخطوة تكتنفها العديد من العوائق على مستوى التشريعات القانونية، وأنها جاءت متأخرة بعد أربعين عاماً على تأسيس المصارف في دولة إسلامية.
وتختلف الخدمات الجديدة عما تقدمه المصارف التقليدية في عملية تمويل المشاريع، كونها قائمة على المرابحة والمشاركة والمغارسة والمزارعة، لكنها تتشابه في الحسابات الجارية والاعتماد وخطابات الضمان والحوالات الداخلية والخارجية. خطوة جزئية وقال أحمد بشون (مدير مصرف) للجزيرة نت إن التعامل وفق نظام المشاركة يتيح مجالا واسعا لتوفير الاحتياجات المستقبلية، مؤكداً أن كثيراً من المواطنين سيتوجهون إلى المصارف الإسلامية خاصة فيما يتعلق بالإقراض الاجتماعي, حيث تتجنب نسبة كبيرة من الليبيين الإقراض بسبب الفوائد. من جهته تساءل المحرر الاقتصادي المسؤول في جريدة "أويا" أحمد الخميسي في تصريح للجزيرة نت عن عدم تأسيس مصرف إسلامي بدلاً من هذه الخدمة الجزئية، مؤكداً أن ليبيا تأخرت في اتخاذ هذا القرار.
ورجح الخميسي أن تكون الخطوة مجرد "تقليد" بعد دعوة مجلس الشيوخ الفرنسي ومصارف بريطانية كبيرة لخفض قيمة الفائدة إلى أقل من 0.25%, مضيفاً أن خدمة القرض الحسن محاولة لمعالجة الكساد العام الكبير الذي بدأ يطرق العام 2009.
ودعا أستاذ الفقه الإسلامي بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة قاريونس الدكتور أسامة الصلابي في حديث للجزيرة نت إلى تكوين لجنة رقابة شرعية عامة، وتطوير الكوادر الوظيفية عبر التواصل مع البنوك الإسلامية, معربا عن خشيته من أن كثرة اللجان الشرعية بالمصارف قد تؤدي إلى "بلبلة" في الآراء.
وأشار الصلابي إلى أن الكوادرالمصرفية الحالية تحتاج إلى وقت للتعامل مع الجوانب الشرعية، وكشف عن إصدار أول "فتوى" لمنتج بيع إسلامي بالمرابحة مؤكداً قيامهم بتعديلات كبيرة في العقد موضع الفتوى. غياب التشريعات ويرى القائمون على مصرف التجارة والتنمية -أحد أبرز المصارف المتوقع شروعها في تقديم الخدمة خلال الفترة المقبلة- أن أحد عوائق تطبيق قرار المصرف المركزي غياب تشريعات قانونية للمعاملات الإسلامية.
وأكدوا أهمية وضع نظام محاسبي يعتمد على آراء الفقهاء والمختصين بحيث يكون هناك فصل بين الأموال التقليدية والإسلامية، مشيرين إلى أن عمليات محاسبة فروع أو أقسام المعاملات الإسلامية لا تدمج مع المعاملات الأخرى.
وأفاد المسؤولون بأن غياب نظم التركز الائتماني وتشريعات واضحة، إضافة إلى تباين صيغة الضرائب بين المعاملات التقليدية والإسلامية، تشكل حجر عثرة، مشددين على أن المحاولة لم تكن سوى ذر للرماد في العيون.
ولا تختلف الضمانات بين الإسلامية والتقليدية حيث يضع المركزي الليبي ما يسمى "المحفظة الائتمانية" في سقف الإقراض بما يعادل 70% من أموال المودعين.
وتعتبر ليبيا مساهما رئيسيا في بنك جدة الإسلامي, وتحتل الترتيب الثاني بعد السعودية، وعلى هذا الأساس يتوقع أن يقدم البنك السعودي التوجيه والاستشارات والبحوث في هذا المجال للمصارف الليبية. خالد المهير