أطالب بإيلاء الحليب مرتبة دستورية بقلم: فوزي بالحاج علي خرقت باب الفلة وأحوازها طولا وعرضا شمالا وجنوبا طمعا في لتر من - حليب الغولة -عفوا الحليب البقري وكدت أعثر على ماء زمزم ولا أمل في حليب، قيل أن الرقابة الاقتصادية مستنفرة في حملات ضد احتكاره وتخزينه، وبلغني أنها أوقفت صفقة كبرى لتصديره إلى ليبيا وحسنا فعلت، وسمعت أن الدولة بصدد توريد كميات ضخمة منه لنا ولأطفالنا، شكرا ولكن لما كل ذا ؟؟ ولماذا تستفحل أزمة بدأت مع بداية شهر رمضان الكريم وما زالت تمتد إلى أن يشاء الله .. عجيب حقا أن يحصل هذا في تونس الخضراء التي تحدثت جرائدها من أكثر من عشرين سنة عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحليب وعن مشاريع تجفيف الفوائض الكبيرة من إنتاجه لكن مالذي حصل فجأة ؟؟؟؟ أأضربت أبقارنا وجفت الضروع أراغبة هي في الحرقة أيضا؟؟ .. قد يكون .. رحم الله الستيل رحمة واسعة فقد كانت تكفينا مؤونة كل ما سبق بل وكانت تأتينا بحليب طازج وآخر صالح لمدة طويلة معقم ومبستر وبنين، لقد كانت شركة واحدة وحيدة لكنها كانت كجدتي في الريف صنديدة وقادرة على إرضاء الجميع، واليوم وبعد أن أفلست الشركة التي لا يجب أن تفلس لأنها شركة الشعب وآخر أهدافها الربح بمعنى أنها إن ربحت فحسن إدارة.. وإن خسرت فساء المدير والمسؤول وعلى الدولة أن تغطي الخسارة ، ولا حرج .. أما أن تفلس الستيل أمام أنظار الجميع وصمتنا فبصحة من كان السبب.. وأرجو من الله أن لا يأتي اليوم الذي تفلس فيه الصوناد أو الستاغ تماما كما أفلست الستيل ولن أستغرب إن حصل ذلك يوما رغم صعوبة تأسيس المتمكنين لشركات مثيلة واستحالة توريد الماء والكهرباء من الصين وتروجه في سوق بومنديل، وبودي أن أسأل المسؤولين لماذا تغطي الدولة خسائر ال SNT و الشيمينو كل عام وتغض الطرف عن الستيل حتى بركوها ؟؟؟ قد يكون السبب في أن الاستثمار في الحليب وتصديره لليبيا سهل ومربح 5000 % فيما استثمار الثروات الرهيبة " الموروثة عن الآباء والأجداد " في قطاع كالنقل الحديدي يكون محفوفا بكثير من المخاطر وليس ميدانا للربح السريع. على كل أفلست الستيل أو أفلست بضم الهمزة وغاص الآخرون في إرثها وفينا، وتناثرت شركات الحليب عبر الوطن رابحة كاسبة ولا إشكال ما دام الحليب لا يكسد، ولكل بارونات الحليب في تونس أقول " من غير ما تخبيوه وتزيدو فيه بالخمسين فرنك ، يا خويا ردوه بدينار المهم أعطو صغارنا الحليب ... ورانا فايقين بيكم .. وبصحتكم " ثم إن عدد الشركات التي أعرف منها سبعة على الأقل وقد تزيد لم تعد قادرة على إكفاء ما كانت تكفيه الستيل وحدها فما ومن السبب؟؟ وخاصة ما العمل ؟؟؟ كما تساءل لينين منذ زمن بعيد. بعد طول إطراق وترو وتمحيص وصلت إلى أن الحيلولة دون تكرر حرمان أطفالنا من الحليب لا يستوجب أقل من إيلاء الحليب مرتبة دستورية تليق بقيمته في حياتنا وبالمستوى القياسي لضرورته لغذاء أبنائنا وحتى لحسن تواصل الحياة الثقافية في مقاهي البلاد ، ألا ترون معي أن الحليب قبل حرية التعبير -1- وقبل الانتخابات الحرة والنزيهة -2- وقبل حرية التنظم -3- وحتى قبل شجاعة الشجعان -4- الحليب قبل حرية التعبير بل قبل التعبير حتى.. حرا كان أو مقيدا فالصغير يريد الحليب حتى قبل أن يعرف أمه ولن يقبل بفقدانه وإلا كانت الفوضى والآثار التي لا تقدر عليها شرطة مكافحة الشغب ولا حتى حلف الناتو، والكبير يحتاج من الحليب شيئا مع قهوته لتعمير آلة التفكير والتنبير والتكمبين قبل أن يقدم على شنيع فعله الذي سيجلب له حتما حنق الموالين أو تكعرير المعارضين، ولو كان للحليب مرتبة دستورية لضمن الجميع سلامة الحياة البيولوجية والثقافية والسياسية وتواصلها حتى بأفتر أشكالها وأتعسها كما نعيش. الحليب قبل الانتخابات الحرة والنزيهة ماذا يعني مطلب الانتخابات الحرة والنزيهة رضيعا جاع؟.. أكيد أنك لن تقدم على دعوته لأن يدلي بصوته في مكتب للإقتراع ولا أن يشارك بالهتاف به لمرشح المحافظين ولا العمال ولا المهمشين فهو لن يجود بصوته إلا على أمه ثم أمه ثم أمه ثم أبيه الذي سيلجأ لفراش الطوارئ بالصالون ويترك أهل البلاء يصوتون. أطلب بالمناسبة سحب مطلب الانتخابات الحرة والنزيهة إلى حين رجوع الحليب الغائب سالما غانما إلى رفوف الدكاكين وعامرا لثلاجات المطابخ وكؤوس الشاربين، الحليب قبل حرية التنظم وعلى ماذا سيجلس المنتظمون غير المتنظمين المساكين إن لم يتوسطهم الأستاذ حليب المسؤول الأول على تحلية قهاويهم وتزويدها بنكهة ترطب شيئا من جو المعارضة الرتيب والمتكررة فصوله منذ خمسين عاما .. نفس الوجوه ونفس المحاور ونفس الأسباب ونفس النتائج .. فقط لا حليب.. صدقا تفقد كل هذه المطالب الراقية والضرورية كل قيمة لها أمام دولة تعجز عن توفير الحليب لشعبها ولا جدوى من تعلات أقبح من الذنب، فهل يجدر بنا أن نطلب معونة عاجلة من اليونيسيف أو من غوث اللاجئين لتغطية العجز، أمام تخلي الدولة عن دورها الطبيعي في تنظيم وتوجيه وحماية أمننا الغذائي. الحليب قبل شجاعة الشجعان ..... هو أول وهي المحل الثاني ولن تلومني يا أستاذ أبو الطيب المتنبي فأنت بدو صحراء لم تعرف يوما أزمة حليب بقر ولا نوق ولم تشرب يوما قهوة ديراكت ولا كابوسان فلو أدمنتها لغيرت رأيك وقلت أن الحليب أول ثم الجاه أو حتى مجرد كتيف سمين ثم رصيدك في البنك ثم مؤهلاتك في التلحيس والقوادة والتنوفيق ثم يأتي الرأي العادم في مرتبة متقدمة ومتميزة قبل الرأي الثاقب والصادق وفي المرتبة الأخيرة تأتي المرحومة بإذن ربها شجاعة الشجعان التي اغتالها الأمريكان وأنصاف الأمريكان وذيول الأمريكان ومساحوا أحذية الأمريكان وبعض قمامة الأمريكان في العراق وفلسطين ولبنان أليست كل هذه علل كافية لإيلاء السيد حليب منزلة تليق بمقامه الرفيع كأن يكون مضمنا بالفصل الثاني من الدستور فبعد التأكيد على أن تونس دولة عربية ودينها الإسلام وجب التنصيص صراحة على أن الحليب حق للشعب وواجب على الدولة والتزام بنتيجة محمول على كاهلها لتوفيره للناس غضا جديدا نافعا ، وكل من يثبت تقاعسه في ذلك يعتبر مخلا بأحكام الدستور ويجب عرضه على المحكمة الدستورية التي سينص عليها الفصل الثالث مستقبلا والتي لها أن ترمي به في أي غياهب تراها حسب سديد نظرها الثاقب، فالحليب يا سادتي الكرام أول ولكل شيء أخر المحل الثاني.