سعيد يجتمع بعدد من الوزراء ويؤكد على اهمية اصلاح التربية والتعليم    سلطات مالي تعلن تحرير 4 سائقي شاحنات مغاربة    من مسبح المرسى الى سماء العالمية ..أحمد الجوادي قاهر المستحيل    تاريخ الخيانات السياسية (36) ..المعتزّ يقتل المستعين بعد الأمان    دراسة.. مواد غذائية بسيطة تقلل خطر السرطان بنسبة تقارب 60%    شبهات التلاعب بالتوجيه الجامعي ..فرقة الجرائم المعلوماتية تلاحق الجناة    سفنه تنطلق من تونس يوم 4 سبتمبر .. 6 آلاف مشارك في أسطول الصمود إلى غزّة    عاجل/ واشنطن تعتزم فرض شرط جديد للحصول على تأشيرة عمل أو سياحة..    أخبار الحكومة    بلاغ رسمي للملعب التونسي    أخبار النادي الصفاقسي .. حصيلة ايجابية في الوديات.. وتحذير من الغرور    بنزرت الجنوبية: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد    المدير الجهوي للتجارة بنابل ل«الشرق» استقرار في التزويد.. وجهود لضبط الأسعار    تونس: تجميع أكثر من 11,7 مليون قنطار من الحبوب إلى غاية نهاية جويلية 2025    النجم الساحلي يتعاقد مع الظهير الايسر ناجح الفرجاني    النادي الصفاقسي يعلن رسميا تعاقده مع علي معلول الى غاية 2028    الدكاترة المعطلون عن العمل: ضرورة توفير خطط انتداب ب5 آلاف خطة    ليلة الاثنين: بحر مضطرب بالسواحل الشرقية والشمالية    القصرين: العثور على جثة كهل تحمل آثار عنف    المنستير: تظاهرة "فنون العرائس على شاطئ روسبينا" في دورتها الثانية بداية من 15 أوت 2025    مهرجان العروسة: جمهور غاضب وهشام سلام يوضح    وزير السياحة: سنة 2026 ستكون سنة قرقنة    التعاون بين تونس وإيطاليا : طاقة التفاوض وفوائض الطاقة    بطولة افريقيا للشبان لكرة الطاولة بنيجيريا: المنتخب التونسي يختتم مشاركته بحصد 8 ميداليات منها واحدة ذهبية    القصرين: سواق التاكسي الفردي يتوجهون نحو العاصمة سيرًا على الأقدام تعبيرا عن رفضهم للقائمة الأولية للمتحصلين على رخصة "تاكسي فردي"    مهرجان نابل الدولي 2025... تكرار بلا روح والتجديد غائب.    رونالدو يتحوّل إلى صانع القرار في النصر... ويُطالب بصفقة مفاجئة    488 تدخل للحماية المدنية في 24 ساعة.. والحرائق ما وقفتش!    التوجيه تحوّل لكابوس: شكون تلاعب بملفات التلامذة؟    أمطار وبَرَدْ دمّرت الموسم: الزيتون والفزدق والتفاح شنيا صار؟!    عاجل: ''تيك توك'' تحذف أكثر من 16.5 مليون فيديو ودول عربية في الصدارة    ماء في الكميونة يعني تسمم وأمراض خطيرة؟ رّد بالك تشرب منو!    التوانسة حايرين والتجار زادا مترددين على الصولد السنة!    عاجل: الاتحاد العام التونسي للشغل يردّ على تهديدات الحكومة ويؤكّد حقّ الإضراب    الدلاع راهو مظلوم: شنوة الحقيقة اللي ما تعرفهاش على علاقة الدلاع بالصغار؟    في بالك ...الكمون دواء لبرشا أمرض ؟    والد ضحية حفل محمد رمضان يكشف حقيقة "التعويض المالي"..    نواب ديمقراطيون يحثون ترامب على الاعتراف بدولة فلسطين..#خبر_عاجل    سليانة: رفع إجمالي 275 مخالفة اقتصادية خلال شهر جويلية    وزارة الأسرة تؤمن مواكبة 1200 طفل من فاقدي السند ومكفولي الوزارة عرض La Sur la route enchantée ضمن الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي    استشهاد 56 فلسطينيا برصاص الاحتلال خلال بحثهم عن الغذاء    بنزرت: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد    القبض على "ليلى الشبح" في مصر: سيدة الذهب والدولارات في قلب العاصفة    "روبين بينيت" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تتجاوز حدود الجغرافيا وتعانق الحرية    إصابة عضلية تبعد ميسي عن الملاعب ومدة غيابه غير محددة    جريمة مروعة تهز دمشق: مقتل فنانة مشهورة داخل منزلها الراقي    عاجل/ خلال 24 ساعة: استشهاد 5 فلسطينين جراء الجوع وسوء التغذية..    محمد عادل الهنتاتي: مصب برج شاكير كارثة بيئية... والحل في تثمين النفايات وتطوير المعالجة الثلاثية    البحر ما يرحمش: أغلب الغرقى الصيف هذا ماتوا في شواطئ خطيرة وغير محروسة    جريمة مروعة: امرأة تنهي حياة زوجها طعنا بالسكين..!!    تحذير طبي هام: 3 عناصر سامة في بيت نومك تهدد صحتك!    عرض "خمسون عاما من الحب" للفنانة الفرنسية "شانتال غويا" في مهرجان قرطاج الدولي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    من بينها السبانخ.. 5 أطعمة قد تغنيك عن الفيتامينات..تعرف عليها..    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحضير لإنتخابات 2009 سيكون على قاعدة كفاحية:الأمينة العامة للديمقراطي التقدمي
نشر في الفجر نيوز يوم 30 - 01 - 2008

الأمينة العامة للديمقراطي التقدمي التونسي
حاورها:إسماعيل دبارة
الأمينة العامة للديمقراطي التقدمي التونسي ":التحضير لإنتخابات 2009 سيكون على قاعدة كفاحية
حاورها إسماعيل دبارة من تونس: إنها المرة الثانية في المغرب العربي، والأولى في تونس، التي تتزعم فيها إمراة حزبًا سياسيًا له مكانته بين أحزاب المعارضة. مية الجريبي (47 سنة) التي إنتخبت في أواخر 2006 على رأس الحزب الديمقراطي التقدمي تكشف في حوار مع إيلاف أن مواقفها ك"مسؤول سياسي هي ما يحدد تعاطي النخب والعامة معها". كما تطرقت الجريبي في حديثها إلى إستحقاقات 2009 الرئاسية والتشريعية في تونس، وقالت إن الحزب سيخوضها " بعقلية كفاحية"، مشددّة على ضرورة إرساء ديناميكية جديدة للإنتقال بالبلاد إلى الديمقراطية".
وفي ما يلي نص الحوار:
س: أنت أول امرأة تتزعم حزبًا سياسيًا في تونس. هل تقبلت النخب والعامة منصبك هذا بسهولة ؟
ج: تجدر الملاحظة أولاً الى أنه في العديد من البلدان العربية والإسلامية تجارب ثرية لمشاركة المرأة في العمل السياسي، وإن كان الكثير من هذه التجارب غير بارزة للعيان بفعل عدم تحمل المرأة للمسؤوليات الأولى في الأحزاب والتنظيمات.
وتجدر الملاحظة ثانية إلى أن النخب التونسية، ومنذ مرحلة النضال من أجل التحرر الوطني، تتعاطى، نسبيًا، بإيجابية مع النضال السياسي النسوي، وبعد ذلك ومنذ السبعينات والثمانينات برزت المرأة مناضلة جنبًا إلى جنب مع الرجل خصوصًا في الحقلين الطلابي والنقابي وبرزت المناضلة السياسية التونسية بصفة ملحوظة في التسعينات في الحقل الحقوقي. كل هذه التدقيقات تؤدي بي للقول بأني لست استثناءً وأن تحملي للمسؤولية الأولى في الحزب – وهو أمر يشرفني غاية الشرف – هو تعبير عن جدارة المرأة ( بقطع النظرعن الشخص) بتحمل المسؤولية، وتؤدي بي للتوضيح، إجابة على سؤالك، أن تعاطي النخب معي هو تعاطي أي طرف مع مسؤول سياسي، أي على قاعدة المواقف المعبر عنها و على قاعدة مدى التقارب أو التباعد مع التمشي السياسي الذي أمثله. ولأكون أكثر دقة أقول أني لم أجد أي صعوبة في التموقع، بل لم أطرح حتى السؤال على نفسي: هل سيقع تقبلي بسهولة أم سأجد صعوبة في ذلك؟ فقد انطلقت في تأدية واجبي وفي ممارسة مهامي و صلاحياتي بصفة جد عادية و كان التعامل معي من طرف الجميع على هذه القاعدة.
س: والآن بعد مضي أكثر من سنة على تزعمك للحزب الديمقراطي التقدمي. هل من الممكن التصريح بأن تونس في مأمن من التمييز الحاد بين الرجل والمرأة على غرار ما نشهده في دول المشرق العربي؟
ج: التمييز بين المرأة و الرجل ليس خاصية عربية ولا إسلامية، هو ظاهرة عالمية جذورها معقدة ومتداخلة الأبعاد (ثقافية، تاريخية،الخ) وقد خطت بلدان عديدة خطوات مهمة، خصوصًا على المستوى التشريعي، في سبيل ردم الهوة بين الجنسين وفي سبيل تحسين العقليات وتحقيق المساواة.
وتونسيًا حققت المرأة مكاسب هامة على طريق تحررها كإنسان ومشاركتها في مختلف مجالات الحياة، وهي مكاسب جاءت نتاجًا لحركة الإصلاح متعددة التعبيرات التي دافعت عن حقوق المرأة المختلفة ومن أهمها حق التعليم، وغني عن القول إن مجلة الأحوال الشخصية التونسية التي وقع إقرارها مباشرة بعد الاستقلال وما تضمنته من حقوق وإصلاحات قد ساهمت مساهمة كبيرة في الحد من مظاهر التمييز. لكن القضية في تونس، كما في العديد من البلدان التي قطعت شوطًا مهمًا على المستوى التشريعي، تبقى في الممارسة، وفي العقليات، وفي مدى التقارب بين التشريع وبين الواقع.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، في تونس لا تزال الأمية تنتشر في أوساط النساء، ونسبتها تفوق مستواها لدى الرجال بكثير و لم يمكٌن قانون المساواة في الشغل من القضاء على مظاهر التمييز في الواقع، فالنساء يعانين من البطالة أكثر من الرجال و أجورهن لا تضاهي أجور الرجال، وهن يشغلن وظائف أكثر هشاشة من وظائف الرجال. وتجدر الإشارة هنا إلى انعكاس الحالة المدنية والأسرية على شغل المرأة، دون أن ننسى ازدواجية المسؤوليات مهنيًا وأسريًا وانعدام الإحاطة الاجتماعية في حالة الحمل والإرضاع، وغير ذلك من المصاعب التي تواجهها المرأة ما يجعل حياتها اليومية صعبة للغاية في بعض الأحيان.

س: حزبكم يعتبر وفق عدد من المراقبين أشد الأحزاب إثارة للإزعاج بالنسبة إلى السلطة، خصوصًا بعد مساهمتكم بتشكيل ما يعرف بهيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات، وبعد خوضكم لإضراب جوع قاس رفقة السيد نجيب الشابي بسبب أزمة المقرّ. لماذا هذا الخط الراديكالي مقارنة ببقية الأحزاب القانونية ؟
ج: أنا بصدد رصد مصطلح جديد في الساحة السياسية، فبعد المعارضة الراديكالية والمعارضة المتجذرة الخ ها نحن نتحدث عن المعارضة المزعجة !
على كل دعنا من هذه التصنيفات! ولندقق في جوهر سؤالك والمتعلق في رأيي بوظيفة المعارضة والمهام المنوطة بعهدتها، وأعتقد أن الجميع يقر بأن هذه المهام يحددها الظرف والمقتضيات السياسية لا رغبة بهذا الطرف أو ذاك. فالعمل السياسي يقتضي تشخيص الواقع وتحديد الأفق ومن ثم تحديد المهام المطروحة والأطراف المعنية بتحقيقها، ومن ثم يأتي التموقع.
والخط السياسي الذي عرف عليه حزبنا والذي مكنه من هذا الإشعاع وهذا التموقع الذي يحظى به لم نقرّه "لإزعاج" الحكومة بل للقيام بوظيفتنا في الدفاع عن حق التونسيين في حياة سياسية متطورة أساسها التداول السلمي على الحكم والفصل والتوازن بين السلطات والانتخابات الحرة والنزيهة لتكون فرصة لمساءلة الحكام وللتنافس بين البرامج في سبيل حياة أفضل للتونسيين. الوضع التونسي المتسم بالجمود والتسلط على كل مستويات الحياة يحتم علينا شحذ الهمم من أجل القطع معه وإرساء ديناميكية جديدة للانتقال بالبلاد إلى الديمقراطية.
يحتم علينا النضال من أجل كسر احتكار الحزب الحاكم للعمل العمومي والسعي الدؤوب من أجل توسيع دائرة المشاركة الشعبية، يحتم علينا النضال من أجل سن قانون العفو العام وتبديد الخوف من نفوس التونسيين وإعادة الاعتبار للعمل السياسي العلني كعنوان للأمل لا كمرادف للقمع والتشفي، يحتم علينا النضال من أجل إعلام حر وتعددي، من أجل فسح المجال للتنظم الحر.

الوضع التونسي اليوم يحتم علينا التهيئة الجدية لانتخابات 2009 حتى لا تكون مجرد إعادة إنتاج مكررة لمنظومة الحكم و إنما فرصة لمواجهة الرئاسة مدى الحياة التي تكرسها حملة الحكم المبكرة لمناشدة الرئيس الحالي التقدم لولاية خامسة و فرصة لوضع تونس على سكة الديمقراطية بإبراز البديل و ملء الفراغ من حول الحكم و التقدم ببرامج بديلة تفتح باب الأمل أمام التونسيين. إن كان هذا التمشي يزعج بعض الأطراف فإن ذلك لن يثنينا عنه و لن يعطل لحظة مسيريتنا نحو تعهد مختلف محطاته.
س: ألا يعني بحثكم عن التميّز عن أحزاب المعارضة الأخرى خللا في طرحكم السياسي الذي من المفروض أن يقوم على برنامج واضح المعالم؟
ج: مرة أخرى أقول أننا لم نبحث عن التميز ولم نبن تمشينا على أساس التميز عن الآخر بل على أساس مقتضيات الوضع. أحزاب الديكور أرادتها السلطة تزيينا وعنوانا لتعددية زائفة وهي اختارت لنفسها هذا الدور طمعا و تمسكا بامتيازات تنعم بها مقابل هذا الدور فاقتصر دورها على خطاب تمجيدي لم يقنع حتى أصحابه! أما نحن فقد اخترنا امتيازات الدفاع عن حق شعبنا في الحرية والعدل والعيش الكريم، هذا هو اختلافنا عن أحزاب الديكور وهو تمايز جوهري.
س: أنتم تطرحون جملة من المطالب الأساسية والبديهية كحق التنظّم وحرية الإعلام وتطبيق أسس الديمقراطية. ألا يجعلكم هذا محشورين في مربع حقوقي ضيق كغيركم من أحزاب المعارضة في العالم العربي؟
ج: النضال من أجل الديمقراطية هو في صلب العمل السياسي و لا يقتصر على المربع الحقوقي الذي هو جزؤه لا كله. والمشاركة الشعبية الواسعة التي هي أساس كل تطور تفترض تنقية المناخ السياسي عبر تحرير الإعلام و سن قانون العفو العام و توفير حق التنظم، هذه مطالب أساسية لا يمكن أن تتحدث بدونها عن أي برنامج سياسي.

فالمشهد الإعلامي في تونس يقوم على المنع و الأحادية/الخشبية والتجريم، و السلطة لا زالت ترفض حق الأحزاب والجمعيات في الوجود القانوني، ولا زالت تمعن في تقييد النشاط الحر للجمعيات والأحزاب المستقلة مما أدى إلى تراجع روح المشاركة و الالتزام بالقضايا الوطنية و رسخ ذهنية الانسحاب من المجال العام، كل هذه العلامات تبرز إلحاحية الإصلاحات السياسية المشار إليها و تبرز إلحاحية تلبية مطالب المجتمع الدنيا التي وصفتها في سؤالك بالبديهية. نعم هي مطالب بديهية لكن في تونس، المواطن محروم منها.

س: بعد أيام قليلة يعقد الحزب لجنته المركزية للبحث في مبدأ المشاركة في استحقاقات 2009 الانتخابية، وسط جوّ من تباين وجهات النظر الداخلية . لو تحدثينا عن هذه الآراء ؟
ج: فعلا ستخصص اللجنة المركزية القادمة للتداول والبت في موقف الحزب من استحقاق 2009 و هو استحقاق هام بالنظر للرهانات التي يمثلها بالنسبة للمعارضة كما بالنسبة إلى الحكم. فالحزب الديمقراطي التقدمي يؤمن راسخ الإيمان بثراء التعدد داخله و قد برز منذ مؤتمره الأخير تباين في وجهات النظر في ما يتعلق بجوهر العلاقة بالحكم وبوظيفة المعارضة في هذه المرحلة الخصوصية التي تمر بها تونس والتي من بين عنوانيها أن الولاية القادمة للرئيس الحالي ستكون آخر ولاية – وفق الدستور المنقح على قياس الحكم و المفرغ من كل محتوى –
ومن الطبيعي أن يكون لهذا الخلاف استتباعه وتداعياته على الموقف من استحقاق 2009. فالتوجه السائر وفق الخط العام للحزب يؤكد ضرورة التحضير المبكر لهذه الانتخابات على قاعدة كفاحية تجعل من هذا الموعد فرصة نحو التقدم لوضع تونس على سكة الديمقراطية والتداول السلمي على الحكم و هو ما يفترض النضال الفعلي والميداني من أجل فرض الشروط الضرورية لتحقيق الانتخابات الحرة و النزيهة بمستوياتها السياسية و الدستورية و التشريعية بما يفسح المجال أمام منافسة جدية ومتكافئة على الرئاسية والتشريعية (المتزامن موعدهما في تونس) و بما يفسح المجال لرفع الاستثناء عن حق الكفاءات الوطنية ومن بينها رموز حزبنا للترشح للرئاسية وهو ما يعني التقدم للانتخابات بشقيها الرئاسي والتشريعي وتقديم التصورات البديلة التي يقترحها الحزب لمواجهة مختلف التحديات الوطنية.
أما الرأي الثاني فيقف عند تعطل الوضع السياسي الذي تعيشه تونس ويؤكد على ضعف المعارضة و تشتتها و يحملها المسؤولية في هذا التعطل و يعتبر أن راديكاليتها و خطابها الموصوف بالمتشنج يقفان وراء تعطل المسار الانفراجي و يدعو جراء ذلك المعارضة إلى الخفض من سقف مطالبها والاقتصار على طرح المطالب القادرة على تحقيقها الآن وهنا، وبالتالي غض الطرف عن موضوع الرئاسية، وعن منظومة الرئاسة مدى الحياة التي تكرس فعليا في تونس بفعل تتالي ولايات الرئيس الحالي.
على كل النقاشات المعمقة الدائرة داخل الحزب و خارجه حول هذا الموضوع كانت غاية في الثراء وستكون اللجنة المركزية القادمة تتويجًا لها بالبت في الموقف وبالإعلان عنه رسميًا، وبالمضي قدمًا في تجسيده في الواقع عبر خطة عمل واضحة.
س: هل من الممكن أن تكشفي ل "إيلاف" عن اسم مرشحكم للانتخابات الرئاسية القادمة؟
ج: اللجنة المركزية ستبت في مبدأ المشاركة وفي رهاناتها وفي آلياتها ومن الطبيعي، إذا ألا أعلن رسميًا عن مرشحنا للرئاسية باعتبار أن القرار لم يتخذ بعد. لكن و حتى لا يبقى السؤال عالقًا أعلن أن الأمين العام السابق للحزب الأستاذ أحمد نجيب الشابي قدم ترشحه للرئاسية للمكتب السياسي في دورته الأخيرة الذي تبناه بكل حماس، وأوكل للجنة المركزية – أعلى سلطة قرار بين مؤتمرين – للبت فيه و للإعلان الرسمي عنه.
س: إلى حد الآن شركاؤكم السياسيون لم يحسموا أمرهم في مبدأ المشاركة من عدمه، ويتعللون بعدم توفّر الحد الأدنى من الشروط للمشاركة الفعلية. ألا تخشون تشرذم المعارضة التونسية وانتم تحملون راية توحيدها؟
ج: نظرًا لأهمية الموضوع فقد بادرنا – تحضيرًا للجنتنا المركزية – بعقد مشاورات واسعة مع شركائنا و أصدقائنا في المعارضة الديمقراطية بنية رصد مكامن الالتقاء والبحث في إمكانيات المسارات الموحدة أو المشتركة. وبالنظر إلى أن الوحدة ليست هدفا في حد ذاتها وإنما وسيلة لتحقيق الأهداف المرسومة، فإن تمشينا اندرج في سياق التباحث في الأهداف المرسومة من هذه الانتخابات والرهانات التي تحيط بها وإرتكز على مقولة "ما لا يدرك كله لا يدرك جله"، و قد أبرزت المشاورات تقاطعات مهمة في ما يخص النضال المشترك من أجل تحقيق شروط الانتخابات الحرة والنزيهة ومنها تنقيح المجلة الانتخابية بما يتيح تعددية فعلية لا صورية ومنها فرض حق الترشح للرئاسيات ومنها المراقبة الوطنية للعملية الانتخابية.
أما في ما يخص التعاطي الدقيق مع الانتخابات من حيث طبيعة المشاركة وقاعدتها وآلياتها وعلى الرغم من أننا نطمح للتدخل الموحد فإننا نتفهم خصوصية كل طرف وأولوياته وأجنداته ونعتبر أن التدخلات المتضامنة يمكن أن تكون فاعلة ومؤدية بل ومتكاملة طالما كانت على قاعدة نضالية ومستقلة. ولا أعتقد أن هكذا ذهنية يمكن أن تكون عامل فرقة وتشرذم للمعارضة بل هي عنوان احترامنا لخصوصية اختيارات بعضنا البعض واحترام لاختلافنا و تعبير عن تحفزنا واستعدادنا لتوحيد جهودنا كل ما أمكن ذلك.
س: أدنتم المحاكمات التي صدرت ضد المجموعة السلفية التي كانت تقف وراء الاشتباكات المسلحة التي وقعت أواخر 2006 في ما بات يعرف اليوم في تونس ب"قضية سليمان ". ألا تعتبرون الإرهاب سببًا منطقيًا لتوحيد عمل الحكم والمعارضة، خصوصًا أن هذه الآفة لا تستثني أحدًا من نطاق عملياتها ؟
ج: المحاكمات التي أشرت إليها انتفت فيها أبسط شروط المحاكمة العادلة وانتهكت فيها حقوق الدفاع والمتهمين على حد السواء وصدرعنها حكمان بالإعدام طالبنا بالتراجع عنهما حفاظا على حياة هؤلاء الشابين ودرءا لكل احتقان من شأنه أن يزيد الوضع تعقيدا. وللتذكير فإن هذه القضية قد أحيطت بتعتيم إعلامي كبير ولم يكن للشعب التونسي، فضلا عن نخبه، الحق في معرفة تفاصيل "الخطر الذي كان يحدق به" كما أردفت بحملات مداهمة واعتقالات واسعة وبانتهاكات صارخة لأبسط حقوق الإنسان و باستشراء للتعذيب في تمش خبره التونسيون جيدًا يتمثل في اختزال "معالجة" القضايا الوطنية بالطرق الأمنية.
وإن كنا في الحزب الديمقراطي التقدمي واعين تمام الوعي بأهمية وبخطورة تنامي ظاهرة الأطروحات العنيفة والإرهابية في بلداننا فإننا لن نقبل أبدًا بهكذا محاكمات وبهكذا انتهاكات ولا نعتبر أن تمشي الحكومة، ومقاربتها في هذا الملف هو الدرع الحامي للبلاد حتى نتوحد معها. ويجدر التنويه الى أن هذه الظواهر و إن كان منطلقها الشعور بالضيم و الاحتقان نتيجة الاحتلال و امتهان الكرامة العربية و الإسلامية فإنها تجد تربة سانحة تتربى وتتغذى منها في أوضاع داخلية عناوينها الانغلاق والاستبداد والحيف الاجتماعي وإستشراء الفساد وغياب الأفق وقبل هذا وذاك الفراغ الثقافي والروحي.
لذلك فإن تحصين مجتمعاتنا ضد آفة الإرهاب يمر عبر إطلاق الحريات و فتح المجال للجدل الثقافي والفكري العميق، و تمكين مختلف مكونات المجتمع المدني من تأطير الشباب باستقلالية بهدف إدماجه في حركية إبداعية فاعلة و مثمرة في اتجاه محيطه الوطني و القومي أساسها العمل المدني السلمي وأساسها الحرية والمواطنة والكرامة. و تحصين المجتمع ضد الإرهاب يمر أيضًا عبر التعاطي الجدي مع القضايا الاجتماعية والسياسية التي تشغل بال شبابنا وتحصين المجتمع ضد الإرهاب وطنيًا ودوليًا يمر عبر إرساء علاقات دولية مبينة على الندية والعدل، ودون هذا فإنه لا يمكن أن نحصن مجتمعاتنا من مثل هذه المخاطر أيا كانت الحلول الأمنية التي يعمد إليها وطنيًا ودوليًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.