قابس: تقدم بنسبة 75 بالمائة في أشغال تقوية أسس واصلاح هياكل ومباني المستشفى الجامعي بقابس    جندوبة: إدارة مصنع اللفت السكري تشرع في توزيع عقود الانتاج على الفلاحين الراغبين في زراعة اللفت خلال موسم 2025-2026    قبلي: إمضاء اتفاقية شراكة بهدف توفير مخزون تعديلي من الاعلاف الخشنة للنهوض بمنظومة الانتاج الحيواني    رابطة حقوق الإنسان تعتزم التوجه إلى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان بخصوص الانتهاكات الواقعة على الجمعيات المساندة لغزّة    بطولة العالم للكرة الطائرة لأقل من 21 سنة اناث - المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره التايلاندي 0-3    الاتحاد المنستيري يتعاقد مع الانغولي مويزيس امور لمدة موسمين    غدا.. نشر نتائج التعيين النهائي للطلبة المقبولين في مراحل التكوين الهندسي لدورة 2025    بن عروس: تواصل فعاليات البرنامج الجهوي "سباحة وتنشيط للمدن الشاطئية" ببرج السدرية    قرمبالية: يوم إعلامي تحسيسي لدعم إدماج ذوي الإعاقة    الالكسو تطلق سجلّ التراث المعماري والعمراني في البلدان العربية حماية لذاكرة المدن العربية    القضاء التونسي ينظر في طلب إيقاف عرض فيلم "اغتراب" لصاحبه مهدي هميلي لهذه الأسباب    الاحتجاجات خلال شهر جويلية الماضي ترتفع بنسبة 45 بالمائة    عاجل: وزارة المالية تعلن عن مناظرة جديدة بالديوانة... التفاصيل والتواريخ!    افروبسكييت (انغولا 2025): المنتخب التونسي يعيش فترة انتقالية حساسة وهدفنا تحقيق مشوار مشرف في الموعد القاري" (مهدري ماري)    أحمد الجوادي: "إستقبالي من قبل رئيس الجمهورية رسالة تحفيز على مزيد التألق"    الرابطة الأولى: النادي الصفاقسي يكشف عن آخر تعاقداته    جامعة كرة القدم تزف بشرى سارة للجماهير    تقدّم موسم جني الطماطم الفصلية بولاية القصرين بنسبة 90 %    عاجل/ الاعتداء على مقر اتحاد الشغل: بيان هام من منتدى الحقوق    ترامب يعلن بدء فرض رسوم جمركية على 60 دولة بينها سوريا، لاوس، والعراق    عاجل/ فرنسا: حريق غابات يلتهم مساحة بحجم باريس.. ولا يزال خارج السيطرة    المصطافون يلقون خلال فترة الصيف قرابة 8 آلاف متر مكعب من الفضلات على الشواطئ    هام/ هذا عدد المحلات التي ستشارك في "الصولد" الصيفي..    زيادة بنسبة 16,9 بالمائة في قيمة الاستثمارات المصرح بها خلال النصف الأول من 2025    عاجل: هذه الدولة تستعد لموجة حرراة جديدة تبدأ السبت.. والسخانة قد تصل إلى 45 درجة    عاجل/ ايقاف "تيكتوكور" معروف من أجل نشر فيديوات فاضحة وخادشة للحياء..    بعد انصافه وتوجيهه لكلية الطب بالمنستير: التلميذ محمد العبيدي يوجه هذه الرسالة لوزير التعليم العالي وكل من سانده..#خبر_عاجل    الحماية المدنية: إخماد 115 حريقا خلال ال24 ساعة الماضية    قابس: التعريف بفرص الاستثمار في القطاع الفلاحي المتاحة لأبناء الجهة في الخارج    عاجل/ معركة بين مغني "راب" بالأسلحة البيضاء في سكرة..والنيابة العمومية تتدخل..    فتح باب الترشح للمشاركة ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لأيام قرطاج السينمائية    عاجل : فرصة عمل للتونسيين في السفارة الألمانية: شهرية محترمة وظروف عمل مميزة    هاو وين تمشي فلوسك... 26٪ من شهريّة التونسي تمشي للمواد هذه    منى نور الدين: مصدومة من جمهور سوسة... المسرح كان شبه خالٍ رغم تعبنا    وفاة والدة براد بيت عن عمر 84 عامًا    تاكل برشة من الغلة هذي؟ راك تعرّض في صحتك للخطر    52% من مكاتب التشغيل تستعمل المنصة الإلكترونية.. تعرف كيفاش تسجل من دارك!    عاجل: هذه الدولة تسحب شوكلاطة ''دبي'' من السوق بسبب شبهة تلوّث بالسالمونيلا!    عاجل: قرار صارم ضد الحكم حسام بولعراس بعد مباراة الترجي والملعب    عاجل : الحاضر يعلم الغايب ...الصولد يبدا ليوما يا توانسة    تحب البطاطا المقلية؟'' هذا علاش ممكن تجيبلك مرض السكري!''    "عربون" لعماد جمعة على ركح مهرجان الحمامات: عرض كوريغرافي يرقص على جراح الفنان التونسي في ظل الوجع والتهميش    اليوم.. طقس صاف والحرارة في ارتفاع طفيف    حزب الله: "سنتعامل مع قرار تجريدنا من السلاح كأنه غير موجود"    تونس وجهة صحية إقليمية: اجتماع وزاري لدعم السياحة العلاجية وتصدير الخدمات الصحية    رئيس الجمهورية يقلد بطل السباحة العالمي أحمد الجوادي بالصنف الأول من الوسام الوطني للاستحقاق في قطاع الرياضة    رئيس الجمهورية يستقبل رئيسة الحكومة في جلسة خصصت للتداول حول عدد من المواضيع التي تتعلق بسير عدد من المرافق العمومية    استشهاد 41 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال    رئيس الجمهورية يستقبل البطل التونسي أحمد الجوادي    تعرض لأزمة صحية شديدة.. نقل الفنّان المصري محمد منير الى المستشفى    تاريخ الخيانات السياسية (38): قتل باغر التركي    في دورتها الثلاثين... تتويج مبدعات تونسيات بجائزة زبيدة بشير... التفاصيل    مكانة الوطن في الإسلام    عاجل/ رئيس قسم طب الأعصاب بمستشفى الرازي يحذر من ضربة الشمس ويكشف..    ماء الليمون مش ديما صحي! شكون يلزم يبعد عليه؟    تاريخ الخيانات السياسية (37) تمرّد زعيم الطالبيين أبو الحسين    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    التراث والوعي التاريخيّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"العدل والإحسان" والانتخابات المغربية : مصطفى الخلفي
نشر في الفجر نيوز يوم 29 - 05 - 2009

لعل من أهم خلاصات الخروج الإعلامي الأخير لجماعة "العدل والإحسان"، والذي خصص بشكل أساسي لموقفها من المشاركة في الانتخابات البلدية القادمة ولقصة مفاوضاتها الفاشلة مع القصر في بداية تسعينيات القرن الماضي، هو إنهاء الحديث حول مدى وجود مراجعات ومخاضات في الجماعة لمصلحة خيار المشاركة والتحول التدريجي إلى الحضور في العملية الانتخابية، لتبقى وفية لما تعتبره خطاً ثابتاً لا يتزحزح رغم مرور أزيد من ربع قرن عليه، والأكثر من ذلك أن مؤشرات حصول مثل هذا التحول ولو في مرحلة ما بعد المرشد الحالي د.عبدالسلام ياسين تبدو مستبعدة، وهو ما يطرح أسئلة عميقة حول أسباب هذا "الثبات" أو "الجمود" رغم أن النسق السياسي المغربي عرف تغيرات معتبرة من حيث الفاعلين والتحديات فضلاً عن التحولات التي عرفها المحيط الإقليمي والدولي.
في هذا الخروج الإعلامي تم حشد كل المبررات القديمة أو الجديدة للتدليل على صوابية خيار الجماعة في مقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها، لغياب توافر شروط المشاركة من فصل حقيقي للسلطات ومؤسسات منتخبة بصلاحيات فعلية، وأن ما يجري حالياً عبث يمدد عمر الأزمة، والحل هو انتظار قناعة الأطراف الأخرى بأن المخرج هو ما تدعو إليه الجماعة من ضرورة الاجتماع على ميثاق، وإلى ذلك الحين فالجماعة تشتغل في المجتمع كقوة هادئة، وفي المقابل يتم تقديم ما تعتبره الجماعة مردودية ضعيفة وغير مشجعة -في أحسن الأحوال- لتجربة العدالة والتنمية من أجل التأكيد على صوابية طرحها في عدم المشاركة، وهي حيثيات سبق لوثيقة المشاركة السياسية الصادرة عن الدائرة السياسية للجماعة أن فصلت فيها في ربيع 2002. ونعتبر أن ذلك يعود لأمرين أساسيين، الأول يهم طبيعة المنهجية المؤطرة لقراءة الجماعة لتحولات الواقع وحصيلة تجربة المشاركة السياسية لحزب "العدالة والتنمية"، وثانياً طبيعة تصورها للنظام السياسي الحاكم وللدينامية التي تحكم العلاقات بين مكوناته والخلفيات التي تؤطر المواقف والمبادرات الصادرة عنه.
بخصوص الأمر الأول نجد أن خطاب الجماعة والذي ذكرت بعض عناصره آنفاً، يكشف عن قراءة سكونية للمحيط السياسي والاجتماعي والحركي، يصعب معها ملاحظة التحولات الجارية، بل واستيعاب مردودية تجربة المشاركة السياسية المنبثقة عن مشروع حركة التوحيد والإصلاح فضلاً عن باقي صيغ هذه المشاركة في المستويات النقابية والجمعوية والطلابية والمؤسساتية، ولهذا ثمة عطب في منهجية تقييم الجماعة لتجربة المشاركة السياسية المنبثقة عن حركة "التوحيد والإصلاح"، فرغم وعيها بأن تقييم هذه التجربة وفق أهداف وأولويات ومنطق الحركة يفضي لنتائج مختلفة عن نتائج تقييمها بمنطق جماعة "العدل والإحسان"، باعتبار أن التقييم بمنطق الحركة يجعل النتائج تبدو إيجابية، وبمنطق الجماعة يجعلها سلبية إن لم نقل مظلمة، بيد أن تنزيل هذا الوعي يبقى جد محدود وخاضع لرؤية دفاعية، مما يعيق قدرة الجماعة على امتلاك فهم نسبي وموضوعي لتجربة المشاركة السياسية، كما يحول دون إنهاء خطاب الأحكام القطعية والإطلاقية التي تسم خطاب الجماعة في الحكم على تجربة المشاركة، خاصة أن احتكاك الجماعة بتجربة المشاركة يتم من خلال متابعة مسار حزب العدالة والتنمية أكثر منه المتابعة المتكاملة لمجموع مكونات تجربة المشاركة، والتي يمثل الحزب جزءاً منها، وهو الذي يبرز عند حديث بعض قيادات الجماعة عن مخاطر الاحتواء والابتلاع والذوبان والتراجع الدعوي لمصلحة السياسي فضلاً عن أن المشاركة لم تتقدم لحل معضلة الاستبداد، وهي قراءة لا تنسجم وما تعتبره الحركة أساس تعبئتها ودعمها لخيار المشاركة أي ضمان قدر من الحضور يتيح تعزيز موقع المرجعية الإسلامية للمجتمع والدولة، ويمكّن من كسب التدافع الجاري في المغرب حول الهوية والقيم، ولهذا تعجز القراءة الصادرة عن الجماعة عن تفسير عدد من الإنجازات المرتبطة بالتدافع الجاري في قضايا الهوية الإسلامية بالمغرب. بكلمة، إن تقييم تجربة المشاركة السياسية للحركة بمنظار مدى تقدمها في كسب رهان الدولة والحكم، يختلف جذرياً عن النظر إليها بمنظار تقدمها في كسب رهان صيانة سمو المرجعية الإسلامية والتدافع المستمر مع سياسات وتوجهات إضعافها وتهميشها، وهذا الاختلاف الجذري ينعكس كليا على الخطاب والأولويات والتحالفات والعلاقات، وفي غياب الوعي به فإن المنطق الأول لن ينتج سوى تبخيس تجربة المشاركة وعدم تقدير لإنجازاتها، كما أن المنطق الثاني لن يتردد في النظر إلى تجربة الجماعة في عدم المشاركة إلى حينِ توافر شروطها بمنظارٍ يعتبر الجماعة تغيّب نفسها عن التدافع المصيري حول الهوية الإسلامية للمغرب، وتعيش في انتظار نضج ظروف مشاركتها، وهو الإنضاج الذي يسهم فيه خيار المشاركة في تدافعه مع التيارات والتوجهات والأخرى.
أما الأمر الثاني الذي يفسر هذا الوضع الثابت في الموقف من المشاركة، فيعود إلى قضية القراءة المؤطرة لطبيعة النظام السياسي حيث تغلب على ذلك قراءة تآمرية لا تنظر للحركية القائمة بين مكونات هذا النظام فضلاً عن هيمنة تفكير يرجح قرب تفككه، واستفحال أزمته، وهي القراءة التي تفسر بدرجة ما أحد أسباب فشل مفاوضات الجماعة مع الحكم في بداية التسعينيات ومحدودية استعدادها لإنجاح هذه المفاوضات، وهو ما يتبين من الحيثيات التي كشف عنها في الخروج الإعلامي الأخير للجماعة، حيث تتيح هي الأخرى فهم الأبعاد العميقة لهذه الوضعية، ذلك أن النظام وفي ظرفية التطور الذي عرفته الجزائر بتقدم المشاركة السياسية للجبهة الإسلامية للإنقاذ في أواسط سنة 1991 لجأ عبر قناة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى الحوار مع قيادة الجماعة باستثناء المرشد المحاصر في السجن، وعرض الإفراج على قيادة الجماعة ومنحها حزباً على أساس أن يسبق ذلك عقد لقاء مع الملك الراحل الحسن الثاني، لكن الجماعة رفضت مفضلة أن يكون الإفراج وتأسيس الحزب هو الخطوة الأولى على أن يعقبها بعد اشتغال الحزب لقاء مع الملك، ورغم حصول قبول بعقد اللقاء وكذلك الاستجابة لمطلب عدم تقبيل الأيدي، فإن المفاوضات تكسرت على عقبة تقديم البيعة والاعتراف بإمارة المؤمنين بل إن قيادة الجماعة أخذت تتمنى عدم نجاح المفاوضات قبل انتهاء المدة المحكوم بها عليهم وسط تشكك بالغ حول الأسباب التي دعت النظام لهذا التفاوض وقدرته على توظيف اللقاء مع الملك لأغراضه ضداً على مصالح الجماعة.
الواضح مما سبق أن الجماعة سقطت ضحية تصور ضيق لطبيعة النظام السياسي بالمغرب، أدى بدرجة ما إلى تفويت فرصة اندماج إيجابي لها في الحياة السياسية، وهو التصور الذي نظر إلى الحكم كطرف يرغب في احتوائها واستغلال لقائها مع الملك، رغم القبول بطلبها حول عدم تقبيل الأيدي، وذلك لخدمة أهداف سياسية وإقليمية، وهو ما يفسر حسم الجماعة في الأشهر التي سبقت قرار الإفراج في عدم تيسير شروط اللقاء مع الملك الراحل، وتعقيد احتمالات مثل هذا اللقاء، لكن دون أن يعني ذلك تحملها المسؤولية الكاملة في فشل هذا المسار، فمن جهة كانت جهات أخرى في الدولة بحسب ما كشفت مصادر أخرى من خارج الجماعة ترفض مثل هذا التطور وسعت لإفشاله، ومن جهة ثانية وجدت الجماعة نفسها إزاء السؤال الجوهري، والمرتبط بالبيعة والاعتراف بإمارة المؤمنين، ولهذا فضلت الوفاء لموقفها، وهنا ينبغي استيعاب ما قاله د.عمر امكاسو في اللقاء من كون المفاوضات تكسرت على عقبة البيعة وإمارة المؤمنين، والواقع أنها العقبة التي تكسرت عليها كل إمكانيات المشاركة في الحياة السياسية، ويصعب بدون معالجتها توقع انخراط الجماعة في المشاركة أو إقدامها على دعم أي من الأطراف السياسية.
ما سبق لا يفسر وحده الأبعاد العميقة لوضع الجماعة المفضل للعمل خارج المؤسسات وعدم التقدم نحو المشاركة لكنه يتيح فهم عدم حصول أدنى تحول في مواقفها رغم ما حصل من متغيرات في محيطها.
العرب
2009-05-29


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.