بروكسل:أطلق إمام الجامع العام للهيئة التنفيذية للمسلمين في بروكسل حملة طالب فيها بمقاطعة المدارس الثانوية في بلجيكا، بعد إعلان آخر مدرسة ثانوية حظر ارتداء الحجاب، ابتداء من العام الدراسي الجديد 2009-2010. وقوبلت دعوة نور الدين الطويل- من أصل مغربي- بردود فعل متباينة في أوساط مسلمي البلاد، ما بين مؤيدين للحفاظ على حقوق بناتهم في الالتزام بتعاليم دينهن، ومعترض يعتبر أن توقيت الحملة "غير مناسب". وكانت مدرسة "أتونيرم" الثانوية في مدينة "إنتويرب" البلجيكية، آخر مدرسة تسمح بارتداء الحجاب للطالبات بالمدينة التي يقطنها عدد كبير من أبناء الجاليات العربية والإسلامية، خصوصا من المغاربة والأتراك. طالع أيضا حملة في بلجيكا لمناصرة محجبات "إيرسلين" تسونامي الإسلاموفوبيا يكتسح أوروبا
وقال صاحب نور الدين الطويل، مدير الجامع العام للهيئة التنفيذية للمسلمين، والتي ترعي شئون الجالية المسلمة في بلجيكا في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية اليوم السبت: إن "هذا القرار يعني أن أكثر من 50% من الطالبات سيحرمن من ارتداء الحجاب". وطالب الطويل الجالية المسلمة في بلجيكا بتنظيم وقفة احتجاجية في أول يوم دراسي، وعدم إرسال بناتهم للمدارس، مبررا ذلك بقوله: "نشعر بأن المرأة المسلمة مستهدفة في هويتها.. وهي المربية للأجيال، فإذا ضاعت ضاع المسلمون معها". وأشار الطويل إلى أن "عدد الطالبات المسلمات يصل إلى نحو 80% من الطالبات بالمدرسة، ويوجد 23 مدرسة فقط من بين 148 مدرسة في المستويات الأقل من الثانوي تسمح بالحجاب، بينما هناك مدرسة واحدة فقط ثانوية هي التي كانت تسمح به، واتخذت قرارها أخيرا بحظر الحجاب". خمسة فقط وردا على تصريحات الطويل قال مدير المدرسة، مارك واوتر: إن "عدد الطالبات المحجبات كان خمسة فقط؛ ولهذا قررنا حظر الحجاب.. لكن إذا وجدنا أن عدد الطالبات أكثر من ذلك، كنا سنعيد النظر في الأمر لأننا من مؤيدي قيمة الحرية". وكان مجلس الدولة البلجيكي قد رفض سابقا مطالب بإلغاء التشريعات التي تسمح للمؤسسات التعليمية في بلجيكا بمنع الطالبات من ارتداء الحجاب، وأكد المجلس أن قرار حظر الحجاب في المدارس "لا يتعارض مع قيم الحرية والمساواة". ويعمل نور الدين الطويل إماما وداعية متطوعا بالمركز الإسلامي ببروكسل، وسبق له أن عمل إماما في أحد مساجد مركسيم القريبة والتابعة لإنتويرب عام 2005، ثم انتخب في المجلس العام للهيئة التنفيذية. "غير مناسب" وتباينت ردود الأفعال من جانب مسلمين وبلجيكيين على دعوة المقاطعة؛ حيث قال محمد بوزياني، رئيس مبادرة الشبكات المغربية: إن الطويل "ذهب بعيدا بتوجيه نداء لأولياء الأمور بمنع إرسال أطفالهم إلى المدارس احتجاجا على حظر الحجاب"، لكنه أضاف: "في الوقت نفسه نعارض أي حظر للحجاب"، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط". وترى نعيمة لانجري، المغربية الأصل والمسئولة في الحزب الديمقراطي الفلاماني (الناطق بالهولندية)، أن كلام الطويل "غير مناسب، خاصة في الوقت الحالي". وفيما يخص موقف الحكومة البلجيكية وصف فرانك فاندونبروك، وزير التعليم الفلاماني من الحزب الاشتراكي، دعوة المقاطعة بأنها "تجاوز للخطوط الحمراء"، واعتبر أن "النداء الذي وجهه الإمام الطويل غير مقبول". وبالمثل قال زعيم الحزب اليميني المتشدد، فلامز بلانغ: إن الطويل يريد من وراء ذلك "التمهيد لإنشاء مدرسة إسلامية، وهذا شيء لا يمكننا أن نقبل به". لكن الطويل نفى ذلك في تصريحات لوسائل إعلام بلجيكية، مؤكدا أنه من مؤيدي الحوار، وطالب بفتح حوار مع المدرسة المعنية "بالرغم من أن المسئولين في المدرسة لم يفتحوا حوارا مع الطالبات أو أولياء الأمور قبل اتخاذ قرار حظر الحجاب". وعلقت صحف بلجيكية على حملة الطويل بأنه "يظهر أمام الناس بشكل معتدل، ولكن خلف الأبواب وداخل الغرف له آراء متشددة دينيا"، وأشارت إلى أن عددا قليلا من المسلمين في بلجيكا تجاوب وأيد دعوة الطويل لمقاطعة المدارس بسبب حظر الحجاب. واعترفت بلجيكا رسميا بالإسلام عام 1974، ويضمن دستورها العلماني -كغيرها من دول الغرب- حرية المعتقد الديني. ويعيش في بلجيكا حوالي 450 ألف مسلم من أصل 10 ملايين نسمة، ويتوزع المسلمون بين 250 ألفا من أصول مغربية، و130 ألفا من أصل تركي، و30 ألفا من أصل ألباني، أما الباقي فمن أصول فلسطينية وجزائرية وتونسية وبوسنية.