عادت قضية التنصير في الجزائر لتلقي بظلالها مجددا علي النقاش في الساحة وسط تبادل الاتهامات بين جهات رسمية وشبه رسمية تحمّل كل واحدة المسؤولية الي الاخري لتبرئة ذمتها. فلا يمر يوم دون الاشارة الي نشاط مبشرين في هذه المنطقة او تلك سواء بعقد تجمعات او توزيع مناشير تدعو الي اعتناق الدين المسيحي. وغذت تصريحات الدكتور الشيخ بوعمران، رئيس المجلس الإسلامي الاعلي الحكومي، هذا النقاش عندما اتهم وزارة الشؤون الدينية بالتقصير في التعامل مع الظاهرة الي درجة جعلت عامة الجزائريين لا يعرفون حقيقة ما يجري ومدي خطورة الظاهرة. وقال بوعمران ان مسؤولية تنامي هذه الظاهرة تعود بالدرجة الاولي الي المربين في المؤسسات التعليمية وائمة المساجد الذين لم يتمكنوا من التكيف مع كل مستجدات المجتمع. وأضاف ان غياب الرقابة علي رجال الدين المسيحيين في الجزائر هو الذي ساهم في تنامي الظاهرة. ولكن وزير الشؤون الدينية بوعبد الله غلام الله قلل من خطورة الظاهرة لانها مصلحية وليست عقائدية ، حسب قوله. وكان الوزير يشير الي ما تردد حول اغراءات مالية يقوم المبشرون بعرضها لحث الشباب علي الارتداد عن دينهم مقابل الحصول علي مزايا مادية، وبصفة خاصة تأشيرة دخول الي اوروبا وفرنسا تحديدا. وتنقل الصحافة المحلية يوميا اخبارا عن اعتناق شبان جزائريين للدين المسيحي مقابل اغراءات مالية وتأشيرات يتحصلون عليها باتجاه الجنة الاوروبية . وكانت السلطات الجزائرية اصدرت سنة 2006 قانونا ل ضبط ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين بكيفية تحد من حرية تصرفاتهم وتمكن من معرفة طبيعة أنشطتهم. وألزمت المشرفين علي تنظيم مراسيم دينية من غير المسلمين خارج الأماكن المخصصة، بالحصول علي ترخيص مسبق في محاولة للحد من انتشار الظاهرة. وتحركت حركة النهضة، ثالث حزب اسلامي في الجزائر، في المدة الأخيرة وحذرت من تنامي الظاهرة وألقت هي الاخري بالمسؤولية علي عاتق وزارة الشؤون الدينية والمسجد الذي لم يقم بدوره في انتهاج خطاب اكثر واقعية لتحصين الشباب من أي زيغ ديني مهما كانت الاغراءات . وقال محمد حديبي، احد برلمانيي الحزب انه بادر بعريضة لتوجيه سؤال شفهي الي وزير الشؤون الدينية للرد علي ما اسماه حزبه حركة التنصير التي تستهدف بصفة خاصة منطقة القبائل . ونقلت صحيفة الشروق اليومي الصادرة بالعربية قبل يومين شهادة شاب جزائري يبلغ من العمر 31 سنة قال انه ارتد عن الاسلام منذ سنوات قبل ان يعود اليه بداية الشهر الماضي. وقال الشاب الذي لم يكشف عن هويته انه دخل المذهب البروتستانتي واعتنقه منذ عشر سنوات، وكشف عن حقائق خطيرة حول وجود مجموعة تبشير تقوم بعقد اجتماعات سرية في المدن الكبري هي اشبة بحلقات مغلقة يتم فيها دعوة شبان من مختلف المدن لتلقي التعليم وتلقينهم تقنيات اقناع الاخرين . وحذر الشاب من فضائيات مسيحية قال ان مهمتها الاولي تبشير الاخرين بالدين المسيحي من خلال استعمال لغة فيها الكثير من الدراسة السيكولوجية، ولكنه حمد الله انه اطلع علي شريط فيديو لمناظرة نشطها الشيخ عبد المجيد الزنداني وعاد بفضله الي الاسلام. وقال ان الفكر المتطرف الذي غزا المساجد الجزائرية سنوات التسعينات جعله يعيش فراغا نفسيا كبيرا رغم انه كان مداوما علي الصلاة ولكن ذلك لم يمنعه من الانقلاب علي دينه في لحظة ضعف قال انها كلفته عشر سنوات. وفي نفس الاتجاه لم يخف إسماعيل ميرة النائب غير المتحزب عن ولاية بجاية (ثاني اكبر ولاية منطقة القبائل) في تصريح صحافي قبل يومين ان الفكر الديني المتطرف في الجزائر ساعد كثيرا علي تنامي حركات التنصير في منطقة القبائل تحديدا. وحذر عبد الرحمن شيبان في بيان اصدره باسم جمعية العلماء المسلمين من موقع علي الانترنت ل حركة الحكم الذاتي في منطقة القبائل التي يقودها المغني فرحات مهني. وقال ان الموقع المذكور نشر مقالا سب فيه الرسول محمد (ص). وقال صاحب مقال ان من حق المرتدين العودة الي دينهم الاصلي المسيحية علي اعتبار ان منطقة القبائل كانت تدين بالمسيحية قبل غزو المسلمين لها، وصب جام غضبه علي رئيس الجمعية لانه أيّد قانون الحكومة الخاص بضبط ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين وبدعوي انه دعا الي قطع رؤوس البروتستانتيين. وختم أفضّل ان اكون بروتستانتيا علي ان أكون سلفيا في اشارة الي عناصر الجماعة المسلحة في الجزائر التي يُنسب إليها الكثير من أعمال القتل والسلب والتفجيرات الانتحارية.