ابوظبي: دعت دراسة صدرت حديثاً عن مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي الاتحاد الأوربي لان يفي بالالتزامات الواقعة على عاتقه، مما يعني أن مسائل الهجرة واللجوء يجب ألا تقلص إلى بعدها الأمني فقط وتشديد المراقبة عليها، بل يجب أن تأخذ في الاعتبار شمولية أوجهها الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقالت الدراسة التي اعدها الباحث عبد العالي حور ان هذا الأمر يقتضي تنمية الحوار والتعاون الثقافي مع الرغبة في دعم التفاهم المشترك بين الشعوب والحضارات، وذلك بمحاربة التمييز وكراهية الأجانب والعنصرية وعدم التسامح. وأشارت الدراسة الى ان قضايا حقوق الإنسان تعتبر من أبرز القضايا المعاصرة التي أعادت تكييف المفهوم التقليدي للسيادة ليستجيب للتطورات التي شهدتها الإنسانية في هذا المجال، والتي كرست المفهوم النسبي للسيادة. ولفتت الدراسة الى أن الحرية الواسعة التي كانت تتصرف بموجبها الدول في مجال حقوق الإنسان أصبحت مقيدة في كثير من المستويات بمعايير دولية وإقليمية، قانونية وعرفية، ولم تعد السيادة سلطة مطلقة تسمح للدولة بالقيام بما يمنعه صراحة القانون الدولي، بل أصبحت مشروطة بمعايير إنسانية واسعة تعطي لفكرة السيادة مفهوم 'السيادة المسؤولة'. وقالت الدراسة إن هدف حقوق الإنسان الأساسي والوحيد ضمان وضع أخلاقي إنساني لكل فرد، لكن بعد ويلات الحربين العالميتين اللتين تم فيهما تجاهل كل ما هو إنساني، بدأت الدول تنزع باتجاه تدويل هذه الحقوق وفرض احترامها عبر تكريسها في ميثاق الأممالمتحدة، ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، الذي مثل صدوره نقلة تاريخية مهمة في تنظيم علاقة الدولة بمواطنيها، إلا أن طبيعة الإعلان ومنطلقاته الخاصة أدت إلى قيام الدول، ولاسيما الكبرى منها، بتوظيفه سياسياً، وبخاصة خلال فترة الحرب الباردة. ويكتسب موضوع هذه الدراسة أهمية كبيرة، كونه يتجه نحو مقاربتين أساسيتين: المقاربة الأولى المرتبطة بالتأكيد على احترام حقوق الإنسان وإقرار الديمقراطية كخيار أساسي، لكنه مع ذلك يبقى رهناً بمدى توافر الوسائل التي تكفل له هذا التطور. المقاربة الثانية المرتبطة بطبيعة التعاون الدولي وحقيقته وأبعاده المختلفة ومدى مصداقية معالجته لمفهوم الديمقراطية وحقوق الإنسان. وتسعى الدراسة لإثبات أو نفي فرضية أن الأوروبيين يتجاهلون حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بضمان أمنهم ومصالحهم، وذلك من خلال إبراز مدى التزامهم بتعاليم حقوق الإنسان العالمية، من منطلق عدم قابلية هذه الحقوق للتجزئة، وخاصة في تعاطيها مع ملف الإرهاب والهجرة. وقد قسمت الدراسة إلى محورين رئيسيين: أولهما، حقوق الإنسان في السياسة الخارجية الأوربية، إذ تسعى من خلاله إلى إبراز الممارسة الأوربية في مجال شرط حقوق الإنسان على المستوى الدولي، وكذلك أهم المرتكزات التي تنبني عليها هذه السياسة، وعلاقة حقوق الإنسان بالتنمية والاستقرار في حوض المتوسط. كما تقوم بتحليل مضامين حقوق الإنسان في إعلان برشلونة واتفاقيات الشراكة الأورومتوسطية. ويتطرق المحور الثاني لآثار المتغيرات الدولية والإقليمية على مسألة حقوق الإنسان في الشراكة الأورومتوسطية، بحيث تبين انعكاسات وآثار كل من الهجرة والإرهاب والمبادرات الإصلاحية الجديدة على وضعية حقوق الإنسان في المنطقة المتوسطية، وكيف استغلت هذه المتغيرات للتراجع عن بعض المكتسبات في مجال حقوق الإنسان. واعتبرت الدراسة ان تعاطي الاتحاد الأوربي مع حقوق الإنسان في الشراكة الأورومتوسطية لم يكن تعاطياً أخلاقياً بقدر ما كان برغماتياً، فعندما يتعلق الأمر بالأمن الأوروبي فانه لا مجال للحديث عن حقوق الإنسان وضرورة احترامها، علاوة على أن عدم سعي الاتحاد الأوروبي إلى تفعيل مقتضيات حقوق الإنسان كما رسمتها أدبيات الشراكة يؤكد أن الاتحاد مازال يتلمس طريقه نحو توحيد سياسته الخارجية، وأن علاقاته مع شركائه لاتزال محكومة بطبيعة علاقة هذه الأخيرة مع مستعمريها. جمال المجايدة 'القدس العربي'