في تحويل بريد المغرب إلى شركة مساهمة كمقدمة للتفويت والخوصصة المغرب المنظمة الديمقراطية للشغل المكتب التنفيذي الفجرنيوز:في إطار استكمال المسلسل الحكومي الرامي إلى خوصصة ما تبقى من القطاعات العمومية والإستراتيجية الوطنية التي شيدها المغاربة من عرق جبينهم منذ فجر الاستقلال، أقدمت الحكومة الحالية وبمباركة من بعض النقابات مقابل زيادة بعض الدريهمات في الأجورعلى تحويل بريد المغرب إلى شركة مساهمة كمقدمة لتفويتها وخوصصتها، وما سيترتب على ذلك على المدى المتوسط من انعكاسات سلبية سواء على القدرة الشرائية للمواطنين أو على كافة المستخدمين بهذه المؤسسة، تحت ذريعة تحديث المؤسسة وتطوير وتحسين جودة خدماتها كأن الحداثة والجودة أصبحتا حكرا على القطاع الخاص والشركات والمقاولات الخاصة، وأن التخلف وضعف الجودة هما سمتان لصيقتان بكل ما هو عمومي. إن قطاع البريد يعتبر قطاعا عموميا اجتماعيا بامتياز، ويحتل مكانة هامة في حياة المواطنين بمختلف طبقاتهم الاجتماعية وبخاصة الطبقات المتوسطة والفقيرة حيث أن خدماته الاجتماعية تصل إلى أبعد نقطة في ربوع الوطن. فتحويل هذا القطاع العمومي إلى شركة مساهمة مؤشر على الزيادات التي ستعرفها أسعار الخدمات المقدمة، وبالتالي حرمان فئات واسعة من الشرائح الاجتماعية من ولوج خدمات التواصل، حيث أن نسبة 80 في المائة من المواطنين تتعامل مع خدمات بريد المغرب. وفي إطار توسيع خدمات هذه الشركة الجديدة سيتم اللجوء إلى فتح رأسمالها على غرار ما عرفته العديد من المؤسسات العمومية التي نحت نفس المنحى في بداية الأمر، ثم بدأت تعرف طريقها إلى التفويت والخوصصة كما يقع اليوم للمكتب الوطني للموانئ الذي تحول في البداية إلى شركة مساهمة واليوم أصبح معروضا على البيع، ثم ما يعرفه المكتب الشريف للفوسفاط الذي فتح رأسماله على صندوق الإيداع والتدبير ثم البنك الشعبي وغدا إلى الرأسمال الخاص، وما صاحب ذلك من تسريح للمستخدمين الذين ناهز عددهم 1500 مستخدم تحت غطاء المغادرة الطوعية ثم التنقيل الإجباري للباقي وتوزيعهم على مراكز أخرى وهو ما سيؤثر لا محالة على الاستقرار الوظيفي والاستقرار العائلي. والمنظمة الديمقراطية للشغل وهي تندد وتستنكر هذا القرار الحكومي المتسرع في تفويت قطاع حيوي اجتماعي يعرف تطورا ملحوظا ويحقق سنويا ارتفاعا إيجابيا في معاملاته وفي مختلف المجالات المرتبطة به، وفي الوقت الذي تعرف فيه العديد من القطاعات والمؤسسات التي تمت خوصصتها سابقا،صعوبات مالية كبيرة نتيجة آثار الأزمة المالية الدولية، حيث بدأ البعض منها يستنجد بالدولة والحكومة لإنقاذها من الإفلاس التام بما فيها شركات كبرى ككوكاكولا وبيبسي التي فرضتا على الحكومة الحالية دعمهما من أموال صندوق المقاصة المخصص أصلا لدعم المواد الأساسية للفقراء، تؤكد من جديد رفضها التام لخوصصة قطاع البريد، وتطالب بضرورة التراجع عن قرار تحويله إلى شركة مساهمة والحفاظ عليه كقطاع عمومي وتأهيله ودمقرطته والحفاظ على مكتسبات شغيلته، ويحمل الحكومة والنقابات التي باركت هذا القرار المتسرع تبعاته التي تدخل في نطاق بيع المؤسسات العمومية وتفويتها للأجانب والخواص، واستنزاف وهدر أموال الشعب المغربي وحرمانه من حقوق ومكتسبات. والمنظمة الديمقراطية للشغل، وهي تنبه من جديد الرأي العام الوطني، وكل الحركات المجتمعية المناضلة من أجل حماية المؤسسات العمومية من التفويت والخوصصة، والنهب والفساد لخطورة هذا التوجه الحكومي وأطروحاته المغلوطة، إلى ضرورة تكثيف الجهود من أجل مواجهة هذا الأخطبوط المرضي النيوليبرالي المتوحش الذي يستهدف استنزاف وسرقة خيراتنا وقدراتنا ومواردنا الوطنية التي بناها الشعب من عرق جبينه وعلى حساب قوته وقوت أبنائه، وبالتالي فهي تستنكر تحويل مؤسسة بريد المغرب إلى شركة مساهمة وتطالب بضرورة التراجع عن هذا القرار.