المصافحة (أو من بلفور إلى سركوزي) كتبه عبدالحميد العدّاسي: Balfour Declaration, November 2, 1917 On November 2nd, 1917, British Foreign Secretary Arthur James Balfour replied to a letter from Lord Rothschild, the head of the Zionist Federation in Great Britain dated July 18th. The letter included the final text of the Balfour Declaration, a document expressing British support for the establishment of a Jewish state in Palestine. Earlier that year, on July 12th, Nahum Sokolow wrote a tentative draft of the declaration [1] and sent it, and some explanatory comments to Lord Rothschild, the head of the Zionist Federation in Great Britain. Sokolow also sent the draft to Sir Mark Sykes and Sir Ronald Graham, both of whom thought the article was too long and covered too much. [1] His Majesty's Government, after considering the aims of the Zionist Organization, accepts the principle of recognizing Palestine as the National Home of the Jewish people and the right of the Jewish people to build up its national life in Palestine under a protection to be established at the conclusion of peace following upon the successful issue of the War. His Majesty's Government regards as essential for the realization of this principle the grant of internal autonomy to the Jewish nationality in Palestine, freedom of immigration for Jews, and the establishment of a Jewish National Colonizing Corporation for the resettlement and economic development of the country. The conditions and forms of the internal autonomy and a Charter for the Jewish National Colonizing Corporation should, in the view of His Majesty's Government, be elaborated in detail and determined with the representatives of the Zionist Organization. (Sanders, The High Walls of Jerusalem, pp. 558-59). لا أحد من الحكّام الأروبيين أو الغربيين يجهل هذا التصريح المجرم – أعلاه - الذي أنبت شعبا سيّئ الأعراف دمويّ السلوك على أرض شعب مسلم مسالم في فلسطين العربيّة المسلمة. قلت لا أحد منهم يجهل ذلك بمَن فيهم المتأخّرين الذين شبّوا على مبادئ حقوق الإنسان والصراحة و"الشجاعة السياسية" في عالم بلا حدود. ومع ذلك فإنّ حاكم فرنسا الشاب لم يتحرّج في الإعلان أنّ "فرنسا لن تساوم على أمن إسرائيل"، و"إنّه لن يصافح من يرفض الاعتراف بالدولة العبرية"... فإسرائيل قد صنعت بأيادي بريطانيّة أمريكيّة صهيونيّة والجميع حريص على حمايتها بما ذلك فرنسا الحريّة والمساواة والأخوّة، وهي إذ تفعل ذلك فإنّها – حسب المفاهيم التنويرية التي أبادت شعوبا بأكملها - لن تخرج عن مبادئها، فهي هي التي تمنح الحريّة لمن تريد أو ربّما لمن يريد وهي هي التي تساوي بين من تريد كأن تساوي مثلا - وبتواضع جمّ - بين مَن زرع "إسرائيل" في قلب العالم العربي والإسلامي وبين "إسرائيل" نفسها وتآخي من تريد كأن تآخي مثلا صنائعها من الصهاينة والمأجورين... غير أنّها لن تصافح غيرهم من "الغوغاء" ممّن لا يحسنون الحياة ولا صناعتها عندما يمتنعون عن الاعتراف بجسم طفيلي لقيط... نحن هنا في الغرب - وقد ألجأنا "أهلنا" الذين يحسنون كثيرا المصافحة والقبلات – يقع إفهامنا بأنّ المصافحة وسيلة ناجعة من وسائل التعارف والانسجام والتعايش، ونبادلهم نحن بأنّ المصافحة عندنا هي كذلك أو أسمى من ذلك فهي تزيد من متانة الرّوابط بين المسلمين والتحابب بينهم (كثير من المتعارفين لا يتحابّون)، غير أنّنا قد نلاحظ لهم أنّ ذلك قد لا يكون إلاّ بين الرّجال فيما بينهم أو بين النّساء فيما بينهنّ مؤكّدين على ضوابط جُعِلت للمحافظة على الاحترام المتبادل بين الأصناف. ومع ذلك وحتّى يتمّ الإقناع بذلك فقد يقع الكثير من رجالنا ومن نسائنا أيضا (وهو الأمرّ) في "المحظور" أو في غير المرغوب فيه، فتُلجِئ الوضعيات الخاصّة (وضعية الضعيف المستجدي عطف غيره من غير أبناء جلدته الباحث عن الأمن والأمان، وسلسلة الأعذار والضرورات طويلة) إلى مصافحة أناس قد يكونون في أصولهم ممّن ساهم في زرع الكيان الصهيوني اللاّشرعي، دون أن نقدر على ردّ الفعل، إذ ردّ الفعل سيصنّفنا وسيجعلنا في دائرة الرّافضين للإجتماع أو المعايشة أو في دائرة أولئك الذين يروّجون للكراهيّة... غير أنّ سركوزي – وهو في بلده وبين أهله وينعم بحريّته ويطمئنّ إلى قوّته ويفقه جدّا مشروع محاربة الإرهاب ويتعرّف بسهولة على هويّة الإرهابيين– لم يتردّد في رفض مصافحة الذين عبّروا عن رفضهم الظلم المسلّط على المسلمين، دون أن يجامل حتّى أولئك الذين تورّمت شفاههم من تقبيل قتلة المسلمين ... لست أريد بهذه الكلمات الاستنجاد بأحد كي يخلّصنا من شبهات المصافحة في بلاد إقامتنا، فقد وُفّقنا بفضل الله ثمّ بإقناع النّاس أنّ بعض الأمور لا يمكنها أن تكون إلاّ كما رغب فيها أصحابها، ولكنّي أستفزّ بهذا القول مَن لديه بقيّة إحساس – من حكّامنا - وأدعوهم فقط إلى تقليد المسيو سركوزي، حتّى يمتنعوا مثلا عن مصافحة كلّ شاردة وواردة ويرفضوا الجلوس مع المجرمين الدمويين الذين قتلوا لهم رعاياهم بقنابلهم وطائراتهم وأوامرهم وحصارهم ومواقفهم السياسية وألاّ يساوموا على فلسطين وعلى قضيّتها فإنّها ما كانت يوما يهوديّة ولا صهيونيّة ولا عبريّة، ولكنّها كانت عربيّة إسلاميّة... قلّدوه في سلوكه هذا فليس في ذلك ما يضير، وإلاّ فاحترموا أنفسكم بعدم إثارة مواضيع مع أنفسكم أو مع آخرين تتعلّق بالرّجولة أو بالكرامة!... وحسبنا الله ونعم الوكيل!...